انتخابات 2022 توجب إعادة النظر باقتراع اللبنانيين من غير المقيمين

تحوّل اقتراع المغتربين اللبنانيين إلى مادة استقطاب سياسي حاد بين معسكرين نيابين، الأول، يُنادي باعتماد الصيغة التي اعتمدت في العام 2022، أي تصويت المغتربين في الخارج لـ128 نائباً، والثاني، يُنادي باعتماد ما نصّ عليه القانون في العام 2017، بتخصيص ستة مقاعد للاغتراب اللبناني، يرتفع معها عدد النواب إلى 134 نائباً، على أن يُصار في انتخابات العام 2030 إلى الغاء ستة مقاعد نيابية من غير الاغتراب، لكي يعود عدد النواب إلى 128 نائباً.

أثار اقتراع غير المقيمين جدلاً واسعاً منذ لحظة اقتراحه في العام 2008 واستمر حتى يومنا هذا، لكن ثمة محطة لافتة للانتباه في العام 2017 عندما اعتمد قانون الانتخاب دول الاغتراب أقلاماً تابعة للدوائر الـ15 التي تحدّدت في القانون رقم 44 تاريخ 17 حزيران/يونيو 2017، على أن يُخصص لهؤلاء في الدورة التي تلي، أي دورة العام 2022، ستة مقاعد مستقلة بحيث يختار المغتربون من يمثلهم في المجلس النيابي (6 نواب). وفي العام 2022، وبعد نقاشٍ شاركت فيه جميع القوى السياسية، عُدل القانون بما يسمح بتكرار تجربة 2018، ولم يتم تخصيصهم بالمقاعدة الستة الخاصة بهم.

في انتخابات 2022 تسجل 225 263 في الخارج واقترع منهم 141567 وتفاوت عدد المقترعين بين 4362 في دائرة البقاع 2 و17445 في دائرة الشمال 3، كما تفاوت تأثيرهم بحد أدنى (4796 مقترعاً)، أي 22.4% من عتبة التمثيل في دائرة الشمال 1، وحد أقصى (11609 مقترعين)، أي 141.5% من عتبة التمثيل في دائرة الشمال 3.

لا بد من التوقف عند نقطتين بالغتي الأهمية:

الأولى؛ في انتخابات 2022 كان لتصويت غير المقيمين تاثيره الكبير على ثمانية مقاعد في سبع دوائر علمًا أن تأثير اقتراع غير المقيمين كان معدومًا في انتخابات 2018.

ويبين الجدول الأول أنّ قوى 8 آذار خسرت 4 مقاعد لصالح قوى التغيير وخسرت قوى 14 آذار مقعدين لصالح قوى التغيير ولائحة التنظيم الشعبي الناصري وخسر كل من المستقلين فؤاد مخزومي مقعداً لصالح التغيير وميشال الضاهر مقعداً لصالح القوات؛

ما يعني أنّ قوى التغيير كسبت 7 مقاعد بينها مقعد لائحة التنظيم الشعبي الناصري.

ويبين الجدولان الثاني والثالث أنّ قوى 8 آذار خسرت 4 مقاعد لصالح قوى التغيير وخسرت قوى 14 آذار مقعدين لصالح قوى التغيير ولائحة التنظيم الشعبي الناصري وخسر كل من المستقلَين فؤاد مخزومي مقعداً لصالح التغيير وميشال الضاهر مقعداً لصالح القوات؛

ما يعني أنّ قوى التغيير كسبت 7 مقاعد بينها مقعد أسامة سعد.

الثانية؛ لو تشكلت الهيئة الناخبة من غير المقيمين فقط لكانت أحدثت تغييرًا جذريًا في النتائج بشكلٍ لا يمت بصلة الى حجم القوى السياسية في مختلف الدوائر.

استنتاجات

-الهيئة الناخبة لغير المقيمين لا تمثل الواقع الشعبي والسياسي للمقيمين. مثال: دائرة البقاع الثالثة (بعلبك الهرمل) حيث حققت قوى 14 آذار نسبة 38.3% من أصوات غير المقيمين (حقق مرشح القوات اللبنانية 34.3%) وحققت قوى 8 آذار 38.6% وقوى المعارضة 22.2% فيما حققت قوى 8 آذار 81.8% من أصوات الناخبين المقيمين.

-كان لتأثير المال وقعه عبر تنظيم تسجيل الناخبين والحملة الانتخابية وعبر المشاركة يوم الاقتراع كالمساعدة في نقل الناخبين، مثال: حقق مرشحو القوات اللبنانية في دائرة البقاع الاولى 18.6% من أصوات الناخبين المقيمين و42% من أصوات غير المقيمين وفي جزين حقّّقت مرشحة القوات اللبنانية 18.6% من أصوات الناخبين المقيمين و70.1% من أصوات غير المقيمين وفي دائرة الشمال الثالثة حقّق مرشحو القوات اللبنانية 29.9% لدى المقيمين و41.5% لدى غير المقيمين وفي دائرة بيروت الأولى حقق مرشح القوات اللبنانية 14.4% لدى المقيمين و20% لدى غير المقيمين.

-عدم توافر الشروط عينها لجميع القوى السياسية (مثلاً حزب الله وبعض قوى 8 آذار كانوا غير قادرين على تنظيم حملات انتخابية في الكثير من الدول بسبب القانون أو الواقع السياسي في هذه الدول ولا سيما تلك التي تصنف الحزب “إرهابياً).

-غياب امكانية مراقبة الانفاق الانتخابي.

اقتراحات

ثمة ضرورة لاجراء تقييم جدي لنتائج انتخابات 2022 لغير المقيمين وبالتالي إعادة النظر بالقانون المعمول به.

  • من الاقتراحات:
    • تخصيص دوائر لغير المقيمين (ولكن يتطلب ذلك اعادة النظر بما ورد في القانون لجهة عدم التوازن بين القارات أو اعتبار الخارج دائرة واحدة. كما يتوجب الأخذ بالاعتبار أن غير المقيمين تم تخصيص مقاعد لهم في الداخل اللبناني ويعاد تخصيص مقاعد للناخبين عينهم، الأمر الذي يتطلب اعادة النظر بتوزيع مقاعد الداخل اللبناني)؛
    • في حال استحداث دائرة لغير المقيمين فلتخصص للإناث (جزء من كوتا) دون توزيع طائفي؛
    • الغاء تصويت غير المقيمين (بسبب عدم توافر الشروط عينها للجميع من حملات انتخابية وغيرها).

ملاحظات خاصة باقتراع غير المقيمين

  • اعطاء مهلة أطول للتسجيل للتخفيف من تأثير المال.
  • المشكلة الكبرى في الشفافية، في كل الدوائر تبين لنا انّه في الكثير من الأقلام اقترع شخص واحد أو اثنان ما يتيح لنا أن نعرف من هو هذا الناخب ومن انتخب والأمثلة كثيرة:
  • في دائرة بيروت الأولى هناك 32 قلم اقتراع و10 ناخبين كان الاقتراع بين 0 و8، بينما هناك 7 أقلام أكبر اقترع فيها أقل من 6 أشخاص.
  • في بعض المدن هناك بعض الأقلام لم يقترع أحد برغم أن الحجم كبير.
  • في دائرة بيروت الثانية في قلم في “اتلانتا” تسجّل 7 لكن نسبة المقترعين كانت صفر.
  • اعادة النظر بتوزيع الناخبين على مراكز الاقتراع لتتناسب مع عناوين سكنهم.
  • تراوحت نسبة الاقتراع للمغتربين غير المقيمين بين 0% و100% ما يوجب تقييم الأسباب وبخاصة أنّ هذه الفئة من الناخبين تختلف عن المقيمين إذ أعلنوا نية للإقتراع ولم يمارسوا حقهم في يوم الإنتخاب.
  • لا بد من دراسة نماذج اقتراع مغتربي بعض الدول ولا سيما تلك التي تعتمد مقاعد مستقلة في الخارج ومنها النموذج الفرنسي.
إقرأ على موقع 180  لبنان يشتري 2021 بـ"الزور".. وبعدها "يفرجها الله"!

شكاوى

  • اشتكى الكثيرون من فوضى وتوزيع “تهشيلي” للناخبين على مراكز الاقتراع. مثلاً تم تحديد مركز الاقتراع الأبعد عن مكان سكن الناخب أو توزيع أفراد الأسرة الواحدة على أكثر من مركز اقتراع لنجد أن المراكز متباعدة في ما بينها.
  • التأخر في توفير المعلومات الخاصة بانتخابات غير المقيمين حتى الأسبوع الأخير.
  • عدم توافر الشفافية في إعطاء المعلومات اذ أنّ بعض القوى السياسية استحصلت على عناوين وأرقام المسجلين فيما قوى أخرى لم تستطع الحصول عليها.

 

Print Friendly, PDF & Email
كمال فغالي

مدير مكتب الإحصاء والتوثيق، خبير إنتخابي، لبنان

Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  باريس متشائمة.. وعون للحريري: التأليف عندي وليس في المريخ!