على مدى ساعتين، حاور الزميلان سامي كليب ونقولا ناصيف، الرئيس اللبناني ميشال عون في “قضية الساعة”، أي الحراك الشعبي غير المسبوق في تاريخ لبنان، بما يثيره من أسئلة حول مستقبل المطالب المطروحة، والأهم كيفية إستعادة الثقة بين الشعب اللبناني وكل الطبقة السياسية في لبنان.
وكان لافتا للإنتباه أن عون إنطلق في أول المقابلة من هذه النقطة تحديدا، مشددا على أولوية إستعادة الثقة، مبديا ثقته بالحراك وبمطالبه ومجددا دعوته للحراك للحوار معه، غير أن مندرجات المقابلة التلفزيونية، أظهرت رئيس الجمهورية مرتبكاً ومتناقضاً وضعيفاً، إذ أنه أغدق في كيل المديح على الحراك في بداية الحوار، وأنهاه بعبارة “حتى لو ما ضربناهم كف”، وحذرهم من أنهم إذا أكملوا في هذا المسار ستكون هناك نكبة وينهار البنيان، وقال إنه كان من الممكن إستخدام القوة مع المتظاهرين الذين قطعوا الطرقات “ولكننا تركناهم حتى إقتنعوا وضبضبوا حالهم”. وكانت الجملة الأكثر إثارة هي قوله للحراك “إذا ما عاجبهم حدا ولا حدا آدمي بالسلطة، يروحوا يهاجرو”..
هذه اللغة إستفزت الشارع اللبناني، فإشتعلت وسائل التواصل الإجتماعي، ونزل الآلاف إلى معظم الساحات التي كان الجيش اللبناني قد فتحها عنوة قبل أسبوع، ولا سيما طرق صيدا ـ بيروت وطرابلس ـ بيروت، ومعظم مداخل بيروت، فضلا عن التقاطع الأبرز في قلب العاصمة اللبنانية (الرينغ)، فيما قال موالون لرئيس الجمهورية وبعض الناشطين السياسيين في فريق 8 آذار/مارس إن النزول إلى الشارع هو بأمر عمليات سياسي من أجهزة وسفارات، وأعطوا أمثلة على ذلك وضع بلوكات إسمنتية في عدد من الشوارع والتقاطعات التي تقع في مناطق نفوذ إما للقوات اللبنانية أو للحزب التقدمي الإشتراكي قبل إنتهاء المقابلة.
وفي وقت لاحق، أصدر المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية اللبنانية بيانا نفى فيه أن يكون عون قد قال “اذا مش عاجبهم ولا حدا آدمي بالسلطة يروحوا يهاجروا”، والصحيح ان عون قال انه اذا لم يكن هناك “اوادم” من الحراك للمشاركة في الحوار، فليهاجروا لانهم بهذه الحالة لن يصلوا الى السلطة”.
الحريري اجتمع في الساعات الأخيرة بكل من باسيل والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله حسين الخليل (الأخيران حضرا معا) ومن المقرر أن تكون الساعات الاربع والعشرين المقبلة حاسمة في مسار التكليف
وإذا كان يسجل للحراك أنه على مدى سبعة وعشرين يوما، لم تكن اولويته توجيه شعاراته نحو رئاسة الجمهورية، بل تراوحت بين المطالبة بإستقالة الحكومة (المستقيلة حاليا) والدعوة إلى إنتخابات نيابية مبكرة، إذ كان هناك شبه توافق غير معلن على تحييد موقع رئاسة الجمهورية في لبنان، لكن مع المواقف التي أطلقها ميشال عون الليلة، ذهب العديد من الناشطين إلى المطالبة للمرة الأولى برحيل رئيس الجمهورية.
وكان لافتا للإنتباه أن عون أبدى ثقته بالجيش اللبناني، لكنه رفض الإجابة عن سؤال يتعلق بثقته بقائد الجيش العماد جوزف عون.
وبينما قال عون للحراك إنه أتى فقط من أجل أن يبني دولة وأنه لا يبحث عن مستقبل لأن المستقبل صار وراءه، فإن عباراته بيّنت مجددا أن ميشال عون المعارض هو النسخة الأفضل لبنانيا، بينما ميشال عون الحاكم يريد أن يقيس العبارات بميزان من ذهب، وهذا ليس من عاداته، فكيف بحوار مباشر على الهواء، لذلك، ذهب في بعض الأحيان أبعد مما يذهب أي حاكم في مثل هذا الموقع.
وقد غلب طابع الشكوى على مقابلة عون، سواء بقوله إنه دعا الحراك للحوار، ولكن أحدا من المتظاهرين لم يلب دعوته وأن لا أحد من الشعب اللبناني يتجاوب معه، شاكيا أن قلة من اللبنانيين تتابع أخباره، وقال “عندي الإدراك ولكن لا سلطة عندي”، وقال طالما انا رئيس للجمهورية لا قدرة عندي للفرض تبعا لصلاحياتي، وردا على سؤال بشأن مضمون الثورة ضد كل أهل الدولة، قال عون “يراجعو تاريخي وإذا مش عاجبهم يجيبو حدا غيري”، مشددا على أولويات ثلاث هي محاربة الفساد ومعالجة الوضع الإقتصادي وبناء دولة مدنية، وقال المطلوب تعديل النظام السياسي وليس تغييره.
في موضوع الحكومة، وفي موازاة المشاورات المفتوحة التي يشهدها منزل رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري في وسط العاصمة اللبنانية، توقع عون دعوة المجلس النيابي إلى إستشارات نيابية ملزمة يومي الخميس والجمعة المقبلين، ولكنه قال إن الأمر رهن إجابات المعنيين، أي سعد الحريري، وإلا قد يقتضي الأمر تأجيل المشاورات، وقال ان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل له وحده أن يقرر بأن يكون او لا يكون في الحكومة الجديدة، وأوضح أنه عندما تشكلت الحكومة المستقيلة “ما كان عندو خاطر (باسيل) يفوت عالحكومة لكن الظروف أجبرته أن يكون وزيرا للخارجية”، وإعتبر أن باسيل رئيس أكبر كتلة نيابية ولا يستطيع أحد أن يمنعه من أن يكون ممثلا في الحكومة، وأيد فصل الوزارة عن النيابة، في أول إشارة رئاسية إلى عدم ممانعة عون في تنحي باسيل من عضوية الحكومة الجديدة، إلا إذا كان المقصود من هذه العبارة دعوة الحريري أيضا إلى تقديم إستقالته من المجلس النيابي فور تكليفه.
وشدد عون على ترابط التكليف والتأليف، ورفض أن يستبق نتيجة الإستشارات، في ما يخص إعطاء سعد الحريري الحق بتسمية من يحل محله في رئاسة الحكومة، وقال إنه إلتقى الحريري مؤخرا “ووجدته مترددا بين نعم ولا، ولم يعط جوابا نهائيا حتى الآن”.
وحول إقتراح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالذهاب إلى الخيار الصيني ردا على الحصار الأميركي للبنان، قال عون “هذا إقتراح وليس خيارا”. وعن زيارة الموفد الفرنسي مدير دائرة الشرق الاوسط في وزارة الخارجية الفرنسية وشمال افريقيا كريستوف فارنو إلى بيروت، قال عون الذي سيلتقي الضيف الفرنسي غدا (الاربعاء): “خلينا نشوف الفرنسي إذا مبادرته للتسهيل أو التهديد أو الإستطلاع”. وأكد أنه على تواصل غير مباشر مع نظيره السوري بشار الأسد، لكنه رفض الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان هناك تواصل هاتفي بينهما، قال عون لمحاوريه “إسالوا الرئيس الأسد”.
وعلم موقع 180 ان الحريري اجتمع في الساعات الأخيرة بكل من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله حسين الخليل (الأخيران حضرا معا) ومن المقرر أن تكون الساعات الاربع والعشرين المقبلة حاسمة في مسار التكليف.
يذكر أنه سجل مع نزول المحتجين إلى الشارع سقوط قتيل ينتمي إلى الحزب التقدمي الإشتراكي في منطقة خلدة عند المدخل الجنوبي للعاصمة بيروت، من دون أن تعرف ظروف مقتله حتى الآن.