أثارت مشاركة اسماعيل هنية في تشييع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني في جامعة طهران، قبل أقل من أسبوع، واعلانه الصريح سليماني “شهيدا للقدس”، ردود فعل تراوحت بين الترحيب من قبل حلفاء إيران والإستنكار من قبل بعض الاوساط الاسلامية المتشددة، وخصوصا المشاركة في الصراع السوري. كما شنت بعض الجهات الاعلامية الخليجية حملة قاسية ضد موقف حركة حماس وتحديدا إسماعيل هنية. كما أن بعض الصحف التركية نشرت مقالات تندد بزيارة حماس كما تندد بدور قاسم سليماني في سوريا والعراق.
وفي اطار هذه الحملة على الحركة، برزت سلسلة تسريبات إعلامية تتحدث عن عن رفض السلطات المصرية السماح بعودة اسماعيل هنية الى غزة عن طريق مصر، على قاعدة أن السلطات المصرية، وتحديدا المخابرات العامة، فوجئت بزيارة هنية ولم تكن على علم بالأمر. كما نشر احد المواقع الإخبارية تقريرا يتحدث عن عودة رئيس المكتب السياسي السابق لحماس خالد مشعل الى التحرك والنشاط مجددا تمهيدا لتسلمه قيادة الحركة مجددا، كرد فعل على مواقف هنية وقيادات حماس الحالية المشيدة بقاسم سليماني ودور ايران في دعم المقاومة الفلسطينية.
وقالت مصادر قيادية في حركة حماس لموقع “180 بوست” ان كل هذه التقارير “غير صحيحة”، وان قيادة الحركة يتم انتخابها بشكل دوري وفقا لاليات محددة وليست هناك اية تغييرات قيادية حالياً، وان ما اعلن عن دور اللواء قاسم سليماني لجهة دعمه قوى المقاومة في فلسطين “هو اقل بكثير مما تم كشفه من معلومات”، وانه برغم حصول تباينات بين ايران وحماس في مرحلة معينة حول الوضع في سوريا، “فان ذلك لم ينعكس ابدا على الدعم الايراني للمقاومة في فلسطين، ولا على نظرة حماس الإيجابية للدور الإيراني الداعم للمقاومة في فلسطين في أصعب الظروف”.
صواريخ الكورنيت المضادة للدروع وبناء الانفاق في غزة كانت كلها بدعم من قاسم سليماني وعماد مغنية ولا يمكن انكار دور سليماني في دعم المقاومة في فلسطين
في هذا السياق، اطلق عدد من قادة حماس في بيروت وغزة سلسلة تصريحات حول الدور الكبير الذي لعبه اللواء قاسم سليماني في دعم المقاومة في فلسطين، واعلن قائد حماس في غزة يحي السنوار ان ما قدمته ايران للمقاومة “لم يقدمه احد”، في حين اعلن ممثل حركة حماس في بيروت خلال ندوة في الضاحية الجنوبية يوم الاربعاء الماضي ان كل صواريخ المقاومة الموجهة ضد الاحتلال الصهيوني عليها توقيع سليماني، وان صواريخ الكورنيت المضادة للدروع وبناء الانفاق في غزة كانت كلها بدعم من قاسم سليماني وعماد مغنية ولا يمكن انكار دور سليماني في دعم المقاومة في فلسطين طيلة السنوات الماضية.
ولا تخفي مصادر مطلعة على اجواء حماس وجود اتجاهين داخل الحركة؛ الاتجاه الاول، وهو الذي يقود الحركة اليوم (ومن ابرز رموزه اسماعيل هنية ويحي السنوار والقيادي محمود الزهار)، وهو الداعي الى تعزيز العلاقة مع محور طهران ـ بيروت والعودة الى دمشق نظرا لما قدمته القيادة في سوريا من دعم وتسهيلات للحركة طيلة السنوات الماضية وهو يعتبر انه حصلت اخطاء في ادارة الاحداث خلال الازمة السورية، وهذا الامر ينطبق ايضا على الموقف من مصر خلال مرحلة ما بعد اسقاط حكم الاخوان المسلمين، وان قيادة الحركة معنية بالحفاظ على العلاقة مع كل الاطراف المعنية بالقضية الفلسطينية، واما الاتجاه الثاني، ومن ابرز رموزه رئيس المكتب السياسي خالد مشعل والذي سعى لتعزيز العلاقات مع تركيا وقطر، وتحمل مسؤولية الخروج من سوريا، ولا يبدي الحماسة نفسها للعلاقة مع إيران أو لإعادة التواصل مع القيادة السورية.
لكن المصادر القيادية في حركة حماس تؤكد على ان مواقف الحركة تتخذ بشكل جماعي عبر مؤسسات الحركة وانه اذا كانت الظروف ادت لاتخاذ مواقف معينة خلال الازمة السورية، فان ما يتخذ اليوم من مواقف يتم بشكل جماعي وعبر مؤسسات الحركة، وتشدد على ان العلاقة “مع ايران ومحور المقاومة هي علاقة استراتيجية تصب لصالح القضية الفلسطينية وانه من الطبيعي اعلان المواقف الداعمة لهذا المحور نظرا لما قدّمه من دعم وامكانيات للقضية الفلسطينية طيلة السنوات الماضية، وان قيادة الحركة لن تخضع للضغوط او الحملات الاعلامية لتغيير مواقفها الثابتة”، وأوضحت أن العلاقة لم تنقطع في يوم من الأيام بين الحركة والقيادة الإيرانية برغم التباين في مقاربة ملفات إقليمية في مراحل محددة.
ولوحظ أن هنيّة والوفد المرافق إجتمعوا على هامش جنازة قاسم سليماني بعدد من المسؤولين الإيرانيين، أبرزهم قائد فيلق القدس الجديد في الحرس الثوري الجنرال إسماعيل قاآني.
يذكر أن هنية قد تبوأ قيادة المكتب السياسي لحركة حماس خلفاً لخالد مشعل في آذار/مارس 2017، وقبل ذلك بنحو شهر تقريباً (13 شباط/فبراير 2017)، انتخب يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة خلفا لإسماعيل هنية. والقاسم المشترك بين هنية والسنوار هو قربهما من القيادة الإيرانية.