مشهد الحرب الإسرائيلية في لبنان، مختلف بنسبة كبيرة عن المشهد الذي رسمه حزب الله خلال السنوات الماضية عن "الحرب المقبلة". ملامحه لا تشبه ملامح ارتسمت في مخيال جمهور الحزب، عن الحرب والعلاقة مع تفاصيلها وأحداثها المفصلية.
مشهد الحرب الإسرائيلية في لبنان، مختلف بنسبة كبيرة عن المشهد الذي رسمه حزب الله خلال السنوات الماضية عن "الحرب المقبلة". ملامحه لا تشبه ملامح ارتسمت في مخيال جمهور الحزب، عن الحرب والعلاقة مع تفاصيلها وأحداثها المفصلية.
أخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حربه على لبنان إلى أقصى مدياتها، باستهداف الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وسط حملة جوية هي الأعنف منذ عقود، من حيث دمويتها واتساعها، واستبعاد أي أفق لوقف اطلاق النار أو طرق سبل الحل السياسي.
كيف يمكن لإسرائيل أن تقتل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى غرفة نومه فى أحد المبانى شمال طهران بهذه السهولة؟
الطريقة التي سترد بها إسرائيل على الرد الإيراني على ضربة القنصلية الإيرانية في دمشق، ليل السبت-الأحد الماضي، هي التي ستُحدّد ما إذا كانت المنطقة تتجه نحو حرب شاملة أم لا، بحسب مجلة "فورين بوليسي".
ليس حدثاً استثنائياً أن تتعرض القنصلية الإيرانيّة في دمشق لهجوم إسرائيلي من شأنه أن يخدُشَ هيبة الجمهورية الإسلامية عبر اغتيال رئيس فريق المستشارين الإيرانيين في سوريا العميد محمد رضا زاهدي ونائبه والمجموعة العاملة معه. فقد سبق لـ"قوة القدس" أن تعرّضت لهذا النوع من الإعتداءات في ظل الحرب الهجينة التي تشنّها إسرائيل على سوريا بذريعة الحد من توسع النفوذ الإيراني، من دون أن يُفضي ذلك سوى إلى استمرار عملية بناء القدرة الإيرانية وتراكمها.
مع الضربة الإسرائيلية للقنصلية الإيرانية في دمشق، دخلت المواجهة بين طهران وتل أبيب مرحلة جديدة، بعدما اتخذت في المرحلة السابقة أشكالاً عدة بينها حروب سيبرانية ضد المفاعلات النووية ومحطات توليد وتوزيع الكهرباء في إيران وأعمال ارهابية استهدفت علماء ذرة إيرانيين. كما يمكن وضع هجمات التنظيمات الانفصالية في بلوشستان وكردستان وخورستان في إطار محاولة زعزعة الأمن الإيراني يضاف إليها هجمات تنظيمي "القاعدة" و"داعش" وآخرها الهجوم الذي استهدف مطلع هذه السنة مواطنين محتشدين للمشاركة في ذكرى اللواء قاسم سليماني في محافظة كرمان .
تطوران حدثا الأسبوع الماضي وأمليا على الرئيس الأميركي جو بايدن التلويح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"عواقب" في حال لم يحدث تغييراً في سياسته المتبعة حيال غزة: الأول هو قصف القنصلية الإيرانية في دمشق الإثنين الماضي وقتل مسؤول "قوة القدس" في سوريا ولبنان الجنرال محمد رضا زاهدي مع ستة من مساعديه، والثاني هو قصف قافلة المطبخ المركزي العالمي (وورلد سنترال كيتشن) على ساحل غزة، ما أدى إلى مقتل 7 من المتطوعين في الجمعية الخيرية لمؤسسها الأميركي الإسباني خوسيه أندريس.
يُعدُّ استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيال عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني الذين يعملون مستشارين في سوريا نقلة نوعية جديدة في مسلسل العدوان الصهيوني المتنقل في ساحات المنطقة، ربطاً بتعثر كيان العدو في إنجاز أهدافه المعلنة في قطاع غزة. ويمكن افتراض أن هذا الإستهداف سيكون له ما بعده وقد يُشكّل نقطة تحوّل في طريقة المواجهة الإيرانية للتحدي العسكري الصهيوني.
مع إنطلاق معركة "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ثبت بالأدلة القاطعة أن لدى حركة حماس استثمار فعلي في الجغرافيا اللبنانية عموماً، وليس في المخيمات الفلسطينية فحسب، وهذا الإستثمار ليس وليد لحظة "طوفان الأقصى"، بل امتداد طبيعي لجهود الحركة في لبنان منذ إزاحة خالد مشعل وفريقه من الواجهة السياسية قبل سنوات.
الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله حتمية، وقد تحدث خلال الأشهر الستة إلى الثمانية المقبلة، "ومن المهم أن نكون واضحين بشأن هذا الأمر قدر الإمكان"، بحسب ستيفن كوك في مجلة "فورين بوليسي"(*)