تمهيد صاروخي ومدفعي سبق العملية العسكرية، شاركت فيه طائرات روسية وسورية قامت باستهداف عدد كبير من مواقع الفصائل المسلحة في ريفي حلب الغربي الجنوبي وإدلب الجنوبي الشرقي، قبل أن تعلن قوات الجيش السوري تقدمها في محيط مطار أبو ضهور، قرب منطقة سراقب، على الطريق الدولي حلب – حماة- دمشق، حيث تمكنت من السيطرة على عدة نقاط، أبرزها بلدتي نوحية الشرقية والغربية، وتل خطرة وأبو جريف وخربة داوود.
ولا يبدو أن الغارات الجوية واستئناف الجيش السوري عملياته العسكرية كان مفاجئاً للفصائل المسلحة، حيث ذكرت مصادر معارضة أن الفصائل المسلحة أبلغت من قبل أن أنقرة أن الجيش السوري سيتابع عملياته تحت غطاء جوي روسي، في حين ربطت بعض المصادر انهيار الهدنة في ادلب بانهيار هدنة ليبيا، وهو ما لم تؤكده أو تنفه أية مصادر رسمية سورية أو روسية، في حين نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر عسكري سوري أن العملية العسكرية التي أطلقها الجيش السوري جاءت رداً على اعتداءات الفصائل المسلحة في المنطقة.
في غضون ذلك، أعلن الجيش السوري بدء عملية عسكرية واسعة في ريف حلب الجنوبي الغربي، الذي يمر عبره طريق حلب – دمشق الدولي. وذكر الجيش السوري في بيان أن هذه العملية تأتي “بعدما كثفت المجموعات الإرهابية في الآونة الأخيرة من جرائمها واعتداءاتها على الأحياء الآمنة والمكتظة بالسكان في مدينة حلب عبر قصفها بالصواريخ والقذائف المتفجرة ما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات من المدنيين معظمهم من النساء والأطفال”.
وكان الجيش السوري قد استقدم تعزيزات عسكرية كبيرة خلال الشهر الماضي، آخرها تعزيزات من الفرقة الرابعة، وفق ما أكد مصدر ميداني لـ “180”، حيث كان من المقرر أن تنطلق معركة ريف حلب قبل بداية العام الحالي، وبعد الانتهاء من ملف مدينة معرة النعمان، إلا أن العملية تأخرت بعدما تدخلت تركيا وطلبت هدنة في ريف إدلب خلال لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين أثناء الزيارة الأخيرة للرئيس الروسي إلى تركيا لافتتاح خط الغاز “السيل التركي”.
كذلك، تأتي هذه العملية بعد اللقاء الذي جمع رئيس مكتب الأمن الوطني في سوريا اللواء علي مملوك ورئيس جهاز الاستخبارات التركي، حقان فيدان برعاية روسية في موسكو. وفي وقت لم ترشح عن اللقاء أية معلومات حول توصل الطرفين إلى أي اتفاق، ذكرت وكالة الأنباء السورية أن اللواء مملوك أكد خلال اللقاء أن دمشق ستعمل على تحرير كل شبر من سوريا. كذلك نفت دمشق وجود أي اتفاق مع تركيا على محاربة الأكراد، وذلك رداً على الأخبار التي تم تداولها بعد اللقاء.
وبالتزامن مع إعلان الجيش السوري بدء عملية عسكرية، أطلقت الفصائل المسلحة عدة قذائف متفجرة على أحياء مدينة حلب الغربية الجنوبية، الأمر الذي تسبب بمجزرة في أحد الأحياء السكنية في منطقة السكري، نجم عنها أكثر من سبعة قتلى وعشرات الجرحى، في حين رجحت مصادر طبية ارتفاع عدد الضحايا.
بدوره، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، في لقاء مع قناة “سي ان ان تورك” أن بلاده لا تعتبر أن اتفاق وقف إطلاق النار في الشمال السوري قد انهار، قبل أن يستدرك “يجب على المعارضة حماية نفسها”.
ولا تخرج التطورات الأخيرة في الشمال السوري عن السياق المتوقع للتطورات، خصوصاً أن الهدنة الروسية التركية التي أعلن عنها يوم الخميس الماضي، وتم تأجيلها إلى يوم الأحد كانت “هشة” لأسباب عدة أبرزها عدم قدرة أنقرة على الوفاء بالتزامتها وضبط الفصائل “الجهادية”، أو عدم رغبتها بذلك، إضافة إلى ربط هذه التهدئة بتهدئة ليبيا، والتي تشهد هي الأخرى قوى إقليمية عدة تتصارع فيها، بينها الامارات ومصر، وهي الدول التي اتهمها جاووش أوغلو، خلال اللقاء، بإفشال التهدئة.