انتخابات اميركا.. بين كورونا ومزاجية ترامب
FILE - In this Jan. 16, 2015 file photo, Donald Trump, host of the television series "The Celebrity Apprentice," mugs for photographers at the NBC 2015 Winter TCA Press Tour in Pasadena, Calif. NBC on Monday, June 29, 2015 said that it is ending its business relationship with Trump, now a Republican presidential candidate, because of comments he made about immigrants during the announcement of his campaign. (Photo by Chris Pizzello/Invision/AP, File)

أظهرت آخر إستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة تقدم المرشح الديموقراطي جو بايدن على الرئيس دونالد ترامب.. الأخير، وكما كان متوقعاً، شن حملة على ما أسماها "الأخبار الزائفة". لا أحد يملك حتى الآن تقديراً حاسماً، سواء بفوز ترامب بولاية ثانية أو بمفاجأة ديموقراطية توصل بايدن إلى البيت الأبيض. هذه عينة من النقاشات الأميركية حول ترامب والإنتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

تجمع استطلاعات الرأي الحديثة على أن الرئيس دونالد ترامب يأتي متأخراً عن منافسه الديموقراطي جو بايدن بنسبة كبيرة، فقد أشار استطلاع لجامعة كوينيبياك أجري على ألف ومائتين وثلاثة وسبعين ناخباً بين التاسع والثالث عشر من الشهر الجاري إلى تأييد 52% لجو بايدن، في حين حصل ترامب على 37% فقط.

أما استطلاع شبكة “إي بي نيوز” وصحيفة “واشنطن بوست” الذي أجري بين الثاني عشر والخامس عشر من الشهر الجاري، فقد أكد أن خمسة وخمسين بالمائة من الناخبين ستذهب أصواتهم إلى المرشح الديمقراطي جو بايدن في حين ستكون حصة دونالد ترامب أربعين بالمائة من تلك الأصوات.

وفي استطلاع أجرته شبكة “فوكس” القريبة من الحزب الجمهوري حصل بايدن على تسعة وأربعين بالمائة من أصوات الناخبين، في حين حصل ترامب على واحد وأربعين.

ينكر ترامب دقة هذه الاستطلاعات ويشبهها باستطلاعات عام 2016 التي رجحت فوز المرشحة هيلاري كلينتون.

على صعيد مواز، أكدت استطلاعات الرأي تقدم قضية فيروس كورونا المستجد على غيرها من القضايا عند الناخبين، خاصة مع تخطي عدد الإصابات أربعة ملايين شخص، ووفاة ما يقارب مئة وخمسين ألفاً، في حين كشف استطلاع لصحيفة “نيويورك تايمز” عن عدم موافقة ستين بالمائة من الأميركيين على طريقة تعامل الرئيس ترامب مع تفشي فيروس كورونا، خاصة مع استمرار ارتفاع ارقام الاصابات ووصول الوفيات إلى معدلات غير مسبوقة.

يقول روبرت ريك، وزير العمل الأميركي في عهد بيل كلينتون، إنه “نظراً لأنَّ ترامب لم يقدم أي رد بناء على الأزمات الفارقة التي تعصف بالولايات المتحدة حالياً، فهو بذلك تخلى عن رئاسته. وهو لا يحكم بلاده، بل يمضي وقته في لعب الغولف ومشاهدة القنوات الفضائية ونشر التغريدات”.

يقدم ريك نماذج لكيفية تعامل ترامب مع الاضطرابات التي أعقبت مقتل جورج فلويد في مينيابوليس ومع تزايد الإصابات بفيروس “كوفيد ـ 19” وتداعيات هذا الخطر الوبائي على الإقتصاد الأميركي، ويقول: “لقد فقد أكثر من 41 مليون أميركي وظائفهم. وفي الأسابيع المقبلة، من المقرر أن تنتهي فترة سريان القرار المؤقت بوقف طرد السكان بسبب التخلف عن دفع الإيجارات في نصف الولايات الأميركية. وقد تخلف نحو خمس الشعب الأميركي عن دفع الإيجار (نموذج شهر حزيران/يونيو 2020). إلى جانب ذلك، من المقرر أن تنتهي فترة استحقاق معونة البطالة الإضافية في نهاية يوليو/تموز. فما هو رد ترامب”؟

خاسر فاشل

يشكك ترامب في أن التصويت البريدي في الانتخابات، الذي يؤيده الديموقراطيون كبديل مقبول لمن يتردد في الذهاب للتصويت الشخصي بسبب فيروس كورونا، قد يؤدي إلى “تزوير الانتخابات”، وهو رفض التعهد بالاعتراف بالهزيمة وقبوله بأي نتيجة محتملة للانتخابات الرئاسية.

وردا على سؤال من كريس والاس، المذيع المخضرم في شبكة “فوكس”، قال ترامب “لست خاسراً جيداً، لا أحب تكبد الهزائم، لا أخسر كثيراً ولا أحب أن أخسر”.. وأكد أنه لن يقبل النتائج مقدماً، مشدداً على أنه “يجب أن أراها قبل كل شيء”.

يمثل ذلك تغييراً كبيراً في موقف ترامب الذي صرح في لقاء مع “فوكس نيوز” قبل شهر: “بالطبع إذا لم أفز فهذا سيعني أنني لم أفز، وسأمضي قدماً، وسأفعل أموراً أخرى”.

تجارب غير مشجعة

للمرة الأولى ربما في تاريخ الإنتخابات الأميركية ينتاب الأميركيين إحساس بعدم اليقين، من طبيعة دستورية وقانونية، حيال دقة النتائج المتوقعة منها، لا تقتصر المخاوف على الخطوات التفيذية السائرة، بارتباك ملحوظ، وفق إيقاع الكورونا وتداعياته، هي ترتبط أيضاً بسلوك الرئيس دونالد ترامب المتسم غالباً بعشوائية غير مألوفة في نادي صنّاع القرار السياسي الأميركي. وتستند أيضاً إلى مزاعم بالتدخل الأجنبي الذي يهدد المواطن برئيس لا يمثل نتيجة حاسمة للعبة الديمقراطية المعتد بها.

للمرة الأولى ربما في تاريخ الإنتخابات الأميركية ينتاب الأميركيين إحساس بعدم اليقين، من طبيعة دستورية وقانونية، حيال دقة النتائج المتوقعة

أمكن للإنتخابات التمهيدية التي جرت الشهر الماضي أن تعزز تلك الهواجس، بدت الفوضى سمة ملازمة لآداء المشاركين، امتدت طوابير طويلة في ولاية ويسكونسن فرضها التقيد بالتباعد الإجتماعي، ولوحظ ضياع الكثير من بطاقات الإقتراع البريدي في بنسلفانيا وميريلاند، كما سجل ارتباك غير معهود في جورجيا ونيفادا. ساهم ذلك كله في تعزيز المخاوف من اختلال نظام التصويت المبني على أسس من اللامركزية تتيح، بل تفترض، تبايناً بين ولاية وأخرى. في حين لا تمنح المنافسة الحادة بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي أي قدر من التنسيق المشترك حيال العقبات الموضوعية التي تعترض عملية انتخابية رصينة.

تزوير لمكافحة التزوير

 في مقدم الإشكاليات المثارة ما سيكون عليه المشهد صبيحة الثلاثاء في الثالث من تشرين  الثاني/نوفمبر المقبل، هل سيتم إرسال بطاقة اقتراع لكل ناخب عبر البريد وانتظار رده كما يرغب الديموقراطيون، أم أن من شأن ذلك أن يعني تزويراً فادحاً للإنتخابات وتقويضاً لنزاهتها كما يحسم الرئيس دونالد ترامب، والحزب الجمهوري خلفه؟

الجمهوريون يبدون خشية من إقدام بعض الجهات الأحنبية على تزوير البطاقة الإنتخابية، لكن الديموقراطيين يردون بأن أنشطة شتى يمارسها المواطن الأميركي عبر البريد، مثل التأمين الصحي والضرائب والمعاملات العقارية، فما معنى استثناء الإنتخابات؟

تدخل خارجي

على بعد 100 يوم من الانتخابات الرئاسية الأميركية، أصدر مدير المركز الوطني لمكافحة التجسس في الاستخبارات الأميركية وليام إيفانينا بيانا حذر فيه الأميركيين من أن هناك جهات عدة تسعى للتأثير على مسار الانتخابات الأميركية، وطالبهم باليقظة.

إقرأ على موقع 180  "خطٌ أحمرٌ" بين بايدن ونتنياهو.. مَن يسقُط أولاً؟ 

وركز البيان على الأخطار التي تمثلها كل من الصين وروسيا وإيران تحديدا، وقال إيفانينا إن خصوم الولايات المتحدة يسعون إلى اختراق الاتصالات الخاصة بالحملات الانتخابية الأميركية، وما يتعلق بالمرشحين، وذلك إلى جانب محاولاتهم اختراق “الشبكات السيبرانية”، بما فيها تلك المرتبطة بإدارة الانتخابات.

الجيش أيضاً هناك

 ينقل عن العميل سابق في الخدمة السرية، جوناثان واكرو، والذي كان عضوًا في مفرزة حماية الرئيس، وعمل في اليوم الذي تولي فيه أوباما السلطة من جورج بوش الابن، قوله “يمكنه أن يجلس في المكتب البيضاوي ويضم يديه ويقول: “لن أذهب”، ولكن نقل السلطة سيحدث به أو من دونه”.

ويضيف :”لكن خصم ترامب (بايدن) ليس واثقًا إلى هذا الحد. إذ تنبأ بايدن، بأن الجيش ربما يُستدعى لإجلاء ترامب إذا وصل الأمر إلى هذا الحد، وأن الجيش سوف يمتثل لذلك عن طيب خاطر. وقال بايدن “أنا مقتنع تمامًا أنهم سوف يرافقونه ليخرجوه من البيت الأبيض بسرعة كبيرة”.

ومما يجعل اللحظة أكثر إثارة للرعب هو ظهور نتيجة انتخابات تتقارب فيها نتيجة الخصمين وتكون موضع خلاف؛ وهو سيناريو أكثر وجاهة من هزيمة ترامب. ويمكن أن يضع هذا الجيش وأدوات القوة الرئاسية الأخرى في موقف حرج؛ إذ سيضغط عليهم لاتخاذ جانب طرف، وحل المزاعم المتنافسة حول الطرف الفائز.

مخاطر أزمة دستورية

 في ورقة بحثية أعدتها الباحثة ماريا أنالا، ونُشرت على موقع “معهد السياسة الخارجية الفنلندي” في حزيران/يونيو 2020، بعنوان: “جائحة كوفيد-19 تُهدد الانتخابات الأميركية”، يتم البحث في أسباب عدم الثقة في النظام الانتخابي الأميركي، واستكشاف المخاطر الفريدة التي يشكّلها وباء كورونا على انتخابات عام 2020، حيث إن الجمع بين نقاط الضعف الموجودة في النظام الانتخابي، والتهديدات الجديدة الناشئة عن الوباء، وموقف ترامب غير المعتاد تجاه العملية الانتخابية، يمكن أن يرسم صورة واضحة لأزمة دستورية غير مسبوقة على وشك أن تواجه واشنطن.

بدائل انتخابية غير عملية

 على الرغم من الإشكاليات التي يطرحها فيروس كورونا على الانتخابات الرئاسية، إلا أنه من غير المرجّح أن يتم تأجيلها، حيث سيتطلب تأجيلها قانونًا من الكونغرس، ومن غير المحتمل أن يوقّع كل من مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديموقراطيون ومجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون على هذا التأجيل.

وينصّ دستور الولايات المتحدة على أن ولاية الرئيس في منصبه يمكن أن تستمر أربعة أعوام فقط. لذا فإن تأجيل الانتخابات لن يُغيِّر من حقيقة أن الولاية الأولى للرئيس “ترامب” ستنتهي عند الظهر في 20 يناير 2021. ولتعقيد الأمور أكثر، فإن الرئيس ليس السياسي الوحيد الذي ستنتهي ولايته في ذلك اليوم أو قبله. ما لم يتم إجراء الانتخابات، حيث لن يكون هناك نائب رئيس، وسيكون مجلس النواب فارغًا، ولن يكون لمجلس الشيوخ سوى ثلثي أعضائه. وهذا الوضع لا يكاد يرغب فيه أيٌ من الطرفين.

لذا، ومن أجل إجراء انتخابات 2020 بأمان ونجاح، يلزم إجراء تغييرات جذرية. ويبدو أن توسيع الفرص أمام الأميركيين للإدلاء بأصواتهم الغيابية عن طريق البريد هو الطريقة الأكثر واقعية لحماية الناخبين من الفيروس، حيث يتم بالفعل استخدام شكل من أشكال التصويت بالبريد في جميع الولايات الخمسين. ووفقًا لاستطلاع “مركز بيو للأبحاث” الذي أُجري في إبريل 2020؛ يفضِّل 70% من الأميركيين السماح لأي ناخب بالتصويت عبر البريد، هذا العام إذا رغب في ذلك.

ومع ذلك، بسبب الطبيعة اللا مركزية للنظام الانتخابي؛ يبدو أنه من غير المحتمل أن تُتاح لجميع الناخبين فرصة متساوية للتصويت عبر البريد. فقبل تفشي الوباء، كانت 5 ولايات تخطط لإرسال اقتراع غائب لكل ناخب هذا العام ليُسهِّل عليهم التصويت بالبريد. وستسمح 28 ولاية لأي شخص بطلب اقتراع غائب. لكن 17 ولاية كانت ستطلب سببًا للتصويت الغائب، ويبقى أن نرى ما إذا كانت تلك الولايات ستعتبر الخوف من فيروس كورونا سببًا صحيحًا للتصويت عبر البريد أم لا.

أزمة شرعية سياسية محتملة

هناك عوامل أخرى قد تؤثر بشكل غير مباشر في مسارات التصويت ونتائج الانتخابات. أحد هذه العوامل البارزة هو مقدار التغطية الإعلامية التي تلقّتها انتخابات 2020 هذا الربيع. ولولا هذا الوباء لكانت الانتخابات تهيمن على الأخبار، ولكن الآن أصبح لفيروس كورونا الأسبقية في كل شيء. فقد صار الأميركيون يتحدثون عن الانتخابات بشكل أقل، حيث إن عقولهم مليئة بالصراعات اليومية الشخصية الناشئة عن الفيروس وتأثيره على الاقتصاد.

وعلى جانب آخر، أثّرت فكرة الابتعاد الاجتماعي على طبيعة الحملات الانتخابية السياسية. ناهيك عن أن الناخبين الذين يواجهون المرض وموت أحبائهم، أصبحوا غير مبالين -نسبيًّا- بالحملات السياسية وعمليات التصويت.

ومن ناحية ثالثة، وفي ظل أجواء انتشار الوباء، وحالة عدم اليقين بشأن الانتخابات المقبلة وقواعدها الجديدة؛ ستصبح لدى أيّ شخص القدرة على زعزعة المشهد الانتخابي عن طريق نشر معلومات مضللة في وسائل التواصل الاجتماعي، سواء كان مواطنًا أميركياً أو عميلًا أجنبياً.

لجميع الأسباب المذكورة أعلاه، هناك خطر كبير من أن تُعتبر الانتخابات غير شرعية، أو يتم الطعن في النتائج أمام المحكمة. سوف يميل الجانب الخاسر إلى تحدي النتائج، خاصة إذا فشل التصويت بطريقة أو بأخرى في الولايات المتأرجحة.

Print Friendly, PDF & Email
Free Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  التواطؤ على غزة باسم.. "الإنسانية"!