إحتمال العودة إلى “النووي”: الإيراني يضحك والخليجي يقلق
US President Barack Obama (L) and his Russian counterpart Dmitry Medvedev shake hands after signing the new Strategic Arms Reduction Treaty (START) at the Prague Castle in Prague on April 8, 2010. Obama and Medvedev signed a landmark treaty committing their nations to major nuclear arms cuts. Under the new Strategic Arms Reduction Treaty (START), the former Cold War foes will be allowed a maximum of 1,550 deployed warheads, about 30 percent lower than a limit set in 2002. It also imposes limits on the air and submarine-borne intercontinental ballistic missiles that carry warheads. AFP PHOTO / JOE KLAMAR (Photo credit should read JOE KLAMAR/AFP via Getty Images)

يستحوذ الملف النووي الإيراني على إهتمام الرأي العام، من زاوية ما سيكون عليه موقف الإدارة الأميركية الجديدة من الإتفاق النووي الذي أطاحت به إدارة دونالد ترامب في العام 2018. هذه مراجعة سريعة لمسارات هذا الملف في السنتين الأخيرتين.

عام 2018، انسحبت إدارة الرئيس الأمريكي المتأرجح دونالد ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015 ومارست أقصى ضغط على إيران، وأرسلت 20 ألف جندي إضافي إلى الشرق الأوسط، أضر هذا بشكل كبير بمصالح الأمن القومي الأمريكي وبمصداقية الولايات المتحدة مع الحلفاء والقوى الدولية، كما فشلت الإدارة الأمريكية في الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي على تمديد حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران والذي إنتهي في تشرين الأول/أكتوبر 2020، وتعهد الرئيس ترامب بإعادة فرض جميع العقوبات الأممية السابقة على إيران، وانخرط على ما يبدو في المزيد من التخريب الدبلوماسي مع إقتراب نهاية فترته الرئاسية، في محاولة لتوريث الإدارة الجديدة رزمة من الإجراءات التنفيذية التي لن يكون سهلاً التملص منها.

وقد أوصل نهج إدارة ترامب الولايات المتحدة بالفعل إلى حافة حرب إقليمية كارثية مع إيران في مناسبتين منفصلتين: الأولى، في حزيران/يونيو 2019، عندما ترددت أنباء أن ترامب أمر القوات الأمريكية بتوجيه ضربة إلى إيران بعد إسقاط الأخيرة لطائرة أمريكية بدون طيار إخترقت المجال الجوي الإيراني.

والمناسبة الثانية، في مطلع كانون الثاني/يناير 2020، عندما أمر ترامب باغتيال قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني، بالقرب من مطار بغداد الدولي. تم إتخاذ هذا القرار  بدون أي دليل واضح على أن سليماني ـ الذي كان يتحرك من دون إجراءات ـ كان يُخطط لهجمات وشيكة على القوات الأمريكية، مما أثار تساؤلات خطيرة في ما يتعلق بشرعية الضربة محليًا ودوليًا، وأدى إلى تصعيد التوترات إلى الذروة. وتعهدت الحكومة الإيرانية بالانتقام لما اعتبرته عملاً حربياً. وفي 8 كانون الثاني/ يناير، أطلقت إيران أكثر من اثني عشر صاروخًا على قاعدة تابعة للقوات الأمريكية في العراق. لم يقتل القصف أيًا من أفراد القوات الأمريكية، وبالتالي لم تتجاوز إيران “الخط الأحمر” الذي حدّده ترامب.

ولطالما كان “احتواء إيران” هو محور جهود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكن حتى الآن، فشلت سياسة الاحتواء إلى حد كبير. فالانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران/يونيو 2021، لكن حسن روحاني، الرئيس البراغماتي الذي تفاوض فريقه على الاتفاق النووي لعام 2015، سيبقى في منصبه للأشهر الستة الأولى من عام 2021. ولم يكن ترامب أو غيره (إدارة بايدن) ليعقد اتفاقًا ناجزًا خلال الفترة القصيرة التي يظل فيها روحاني في منصبه، لذا، يمكن القول إن إضاعة الوقت خلال فترة رئاسة ترامب وعدم تحقيق أي تقدم كان ضياعًا لفرصة محتملة.

ولعل الدليل الآخر على فشل السياسة الأمريكية الحالية، هو ما بادرت إليه الولايات المتحدة في أيار/مايو 2019، لمناسبة ذكرى مرور عام على إنسحابها من الاتفاق. أصدرت إدارة ترامب قرارين تصعيدين إضافيين: الأول، إعلان الحرس الثوري في إيران “منظمة إرهابية أجنبية”. والثاني، إنهاء الإعفاءات على الواردات الأجنبية المتبقية لشراء النفط الإيراني. لذا، أوقفت إيران الامتثال للقيود المفروضة على تراكم الماء الثقيل، ومستوى تخصيبها، ومخزون اليورانيوم المخصب، والبحث والتطوير لأجهزة الطرد المركزي. وتكشف التقارير الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تفعيل إيران لمشاريعها النووية، وتجاوز إنتاجها مِن اليورانيوم منخفض التخصيب حد 202.8 كلغ. والآن، قد راكمت إيران 1571.6 كلغ من اليورانيوم منخفض التخصيب وتقوم بتخصيب 483 كلغ فقط من هذه الكمية بنسبة 2% أو أقل، ما يعني أن إيران بعيدة بنسبة 90% عن الكمية المطلوبة لصناعة قنبلة نووية. لكن، 1085 كلغ المتبقية من اليورانيوم المنخفض التخصيب لو تم تخصيبها بنسبة آخرى هذا يجعل إيران نظريًا على بعد أشهر من إمتلاك قنبلة نووية واحدة.

وفي مطلع كانون الثاني/يناير 2020، استخدمت إيران 1044 جهاز طرد مركزي في منشأة تخصيب بمدينة فوردو، في خرق آخر لبنود الإتفاق النووي، وأعلنت إيران أنها ستقوم بتركيب مجموعة من أجهزة الطرد المركزي في منشأة تخصيب تجريبية صغيرة في نطنز، ولم تحدد نوع أجهزة الطرد التي ستقوم بتركيبها هناك. إلا أن إيران تستخدم قرابة 100 طارد مركزي بتصميمات متطورة ومختلفة في المحطة التجريبية.

كذلك، يُسجل مُضي إيران قدمًا في مشاريعها الصاروخية والطائرات بدون طيار المتطورة والقدرات السيبرانية ودعمها العديد من الأذرعة في المنطقة، وكان الزعم لمنتقدي الاتفاق النووي الإيراني وعلى رأسهم ترامب أن الاتفاق فشل في وضع حد لهذه التهديدات، وهم يصرون على أن أي اتفاق جديد مع طهران يجب أن يتعامل بجدة معها.

مع تأكد خسارة ترامب سيعترف الجميع بخطورة استراتيجته التي تبناها تجاه إيران، ويمكن اللجوء لمسار جديد لتعامل الولايات المتحدة مع إيران لكي تستقر العلاقات أو تُبني على الصفقة الأصلية لخطة العمل الشاملة المشتركة 2015. وقد تعهد الرئيس المنتخب جو بايدن بوفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (5+1) شريطة أن تفعل إيران الشيء، على أن يكون ذلك مقدمة لإعادة النظر بالإتفاق نفسه وربما طرح قضايا من خارج جدول الأعمال النووي، ولا سيما موضوع الصواريخ البالستية.

إقرأ على موقع 180  حروب أميركا المستقبلية.. لها مُسيّراتها البحرية!

العودة إلى الاتفاق النووي، هو موقف له ما يرره لدى إدارة بايدن، ومن شأن عودة خطة العمل الشاملة المشتركة أن تضمن ألا ترث أي إدارة جديدة أزمة كبرى مُلحة تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. كما أن رفع العقوبات الأمريكية المُعاد فرضها سيعزز أيضًا مصداقية أمريكا التي تقلصت بشدة مع الحلفاء الأوروبيين، الذين سعوا إلى الحفاظ على الاتفاق النووي في مواجهة ضغوط أمريكية هائلة تعرضوا لها في السنتين الأخيرتين. وسيعطي ذلك الأمل للشعب الإيراني الذي احتفل بالاتفاق في عام 2015 لكنه يعاني الآن بشكل مباشر نتيجة إنسحاب ترامب منه. ستبدأ العودة لخطة المشتركة في استعادة علاقات الولايات المتحدة مع إيران، والتي تضاءلت تمامًا بسبب استخدام ترامب للعقوبات المتزايدة والعشوائية والتهديد بالقوة العسكرية والعزلة العالمية، كما ستكون العودة للخطة المشتركة بمثابة موقف مُنفتح وقوي لحل الصراعات التي لا تعد ولا تحصى في المنطقة، وتقليل الوجود العسكري الأمريكي الكثيف فيها.

حتى الآن، تبدي القيادة الإيرانية عدم تعويلها على فوز بايدن، “لكن يجب ألاّ نصدق اللامبالاة الإيرانية الظاهرية بنتائج الإنتخابات الإيرانية”، تقول المحللة الإسرائيلية في “يديعوت أحرونوت” سمدار بيري، وتضيف “بعد ثلاثة أشهر من تنصيب بايدن، تبدأ رسمياً الدعاية للانتخابات الرئاسية في إيران وفقط حينها سيجري الكشف عن أسماء المرشحين. قائمة المرشحين ـ وبالتأكيد “الفائز”ـ ستتأثر كثيراً بنتائج الانتخابات الأميركية: مع فوز بايدن، فإن إيران ستحرص على الابتسام للخارج، وإذا وعد بالعودة إلى طاولة المفاوضات النووية، فإن المقربين من خامنئي سيستقبلون الاقتراح بأذرع مفتوحة، فهم يتذكرون كم كان مريحاً التفاوض مع باراك أوباما. حتى ذلك الحين سيحاول الإيرانيون الدفع قدماً بسرعة بمشاريع نووية خفية عن الأنظار”، على حد تعبير الصحافية الإسرائيلية.

الضحكة الإيرانية الخفية يقابلها قلق خليجي وتحديداً سعودي ـ إماراتي، حسب “يسرائيل هيوم” التي قالت إن رفع العقوبات سيؤدي إلى تعزيز التحالف الخيلجي ـ الإسرائيلي.

هل هذا المسار ثابت؟ لا أحد يمتلك جواباً قاطعاً، خاصة وأن بايدن قد يكون مقيداً بعجزه عن حصد الأكثرية في مجلس الشيوخ.

 

Print Friendly, PDF & Email
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
free online course
إقرأ على موقع 180  معاهدة ثنائية بين طهران وواشنطن إنقاذاً للإتفاق النووي