إيران: البرلمان يقطع طريق العودة إلى “النووي”، أم يُسرعها؟
US Secretary of State John Kerry (L) speaks with Iranian Foreign Minister Mohammad Javad Zarif after the International Atomic Energy Agency (IAEA) verified that Iran has met all conditions under the nuclear deal during the E3/EU+3 and Iran talks in Vienna on January 16, 2016. The historic nuclear accord between Iran and major powers entered into force as the UN confirmed that Tehran has shrunk its atomic programme and as painful sanctions were lifted on the Islamic republic. / AFP / POOL / KEVIN LAMARQUE (Photo credit should read KEVIN LAMARQUE/AFP via Getty Images)

ما أن أعلن مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران التصويت على الإطار العام لقرار يدعو لاستئناف التخصيب بنسبة عشرين في المئة والحد من تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حتى بدأت الأسئلة حول جدوى ما حدث لا سيما مع اعتراض الحكومة لاحقاً على الخطوة واعتبارها نوعاً من التخريب على مسار الحوار المفترض مع الادارة الأميركية الجديدة.

رَفْعُ الموضوع إلى مجلس صيانة الدستور واشتراط الأخير تعديل المدة المقترحة لبدء الحكومة بتنفيذ المقررات فتح بدوره مساحة التحليل بشكل أوسع إذ ظهر ذلك وكأنه إشارة من إحدى أهم المؤسسات في منظومة الحكم الإيرانية باتجاه الغرب بشكل عام ترجمتها الدقيقة، إما الآن وإما لا كبيرة إلى الأبد.

كما أن الإشارة هنا قد تبدو وكأنها تخيير للأميركيين والأوروبيين بالدرجة الأولى بين التعامل مع حكومة الرئيس حسن روحاني التي أصبحت في الأشهر القليلة الأخيرة من حكمها، وبين إدارة إيرانية جديدة من غير المعلوم من سيتولاها وكيف ستكون نظرتها لأصل فكرة التفاوض مع الغرب واستمرار تعاونها مع المجتمع الدولي.

في هذا الإطار، برز تعليق رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف على الخطوة، إذ نفى في مقابلة مع التلفزيون الإيراني أن تكون خروجا من الاتفاق النووي، مشيراً إلى أن إيران التزمت بتعهداتها “لكنهم لم يلتزموا بتعهداتهم ويقومون بسرقة معلوماتنا وقاموا باغتيال قاسم سليماني ومحسن فخري زاده”.

وربط قاليباف الخطوة بالمادة 36 من الاتفاق النووي التي تعطي الحق لكل طرف بخفض تعهداته إذا لم يلتزم الطرف الآخر بتعهداته أيضًا.

من الزاوية الإيرانية، أصبحت الكرة الآن بشكل كامل في الملعب الأميركي وخطوات الرئيس المنتخب جو بايدن سوف تحدد المسار المقبل، لكن إيران في المقابل لا تعيش في عالم معزول عن الآخرين

ولعله من المنطقي افتراض أن اطلاع المجلس الأعلى للأمن القومي على المشروع وموافقته عليه نوع من تمهيد المجلس المذكور لإمكانية إعادة الملف النووي إليه، تماماً كما كان الحال في الإدارات التي سبقت انتخاب حسن روحاني رئيساً حيث جرى تحويل الملف إلى وزارة الخارجية. بذلك يصمّم المجلسان معاً ومعهم مجلس صيانة الدستور إطاراً عاماً للمستقبل يتضمن تطويراً مضطرداً للبرنامج النووي وإقفالاً للطريق أمام مسارٍ داخلي موازٍ يضع  الحوار أولاً. هذا أيضاً يستهدف الآمال الخارجية بإبطاء المشروع النووي بحيث يعود مجدداً إلى ما كان عليه عند بدء تنفيذ الاتفاق في كانون الثاني/ يناير 2016.

يخشى الاوروبيون والأميركيون وصول إيران إلى حافة صناعة القنبلة النووية كما كان قد أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يوم التوصل إلى الاتفاق النووي في ١٤ تموز/ يوليو من العام ٢٠١٥. حينها، قال كيري إن خطة العمل الشاملة والمشتركة وضعت طهران على بعد سنة كاملة من إنتاج القنبلة في حال قررت الخروج من التسوية والاتجاه نحو التسليح.

ديبلوماسيون أجانب كانوا قد أسروا سابقاً أن البرنامج النووي الإيراني أصبح في مساحة لا يمكن فرملته بشكل نهائي، حتى ولو كان ذلك من خلال ضربات عسكرية أو اغتيالات، وهذا ينطبق على ما جرى في مفاعل نطنز أو اغتيال العالم محسن فخري زاده، حيث قد تخسر طهران وجهاً بارزاً أو تقدماً تقنياً لكن ذلك لا يمكن أن يؤثر في قدرة الإيرانيين على العودة إلى النقطة التي وصلوا إليها كون المعرفة النووية أصبحت بالكامل محلية ضمن كوادر الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية.

من الزاوية الإيرانية، أصبحت الكرة الآن بشكل كامل في الملعب الأميركي وخطوات الرئيس المنتخب جو بايدن سوف تحدد المسار المقبل، لكن إيران في المقابل لا تعيش في عالم معزول عن الآخرين. مقالة الصحافي الأميركي توماس فريدمان في وقت سابق من هذا الأسبوع في “نيويورك تايمز” ورسالته إلى بايدن تشير إلى أن الاولوية الآن هي لملف الصواريخ الباليستية، وهذا ما أكده وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، وهذا الملف أصبح كما البرنامج النووي سابقاً نقطة محورية في تعامل الغرب بشكل عام مع طهران، بينما تتعامل معه طهران على أنه حق لا يمكن التفاوض عليه.

لذلك وبالعودة إلى المشروع الذي تبناه المجلس، قد يسرع فعلاً في التواصل الأميركي مع طهران وفي خطوات لإنهاء مفاعيل مرحلة ترامب، لكن ذلك سيعني حتماً تسريعاً أيضا في طرح الملفات الخلافية الكبرى على الطاولة، الملف الصاروخي تحديداً، وهذا ما سيعني بداية تفجيرية لمرحلة قد تدفع طهران لإعادة التفكير بمنظومتها الردعية بشكل عام وربما في لحظة ضغط قصوى جديدة، في فتوى تحريم الأسلحة النووية.

(*) ينشر بالتزامن مع “جاده إيران

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  البحرين وإسرائيل.. الأقربون أولى بالتطبيع!
علي هاشم

صحافي وكاتب لبناني

Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  بيرنز رئيساً لـ"سي أي آيه".. بلا "عصا سحرية"