منذ ولادة لبناننا الكبير، قبل مائة سنة، سُلّط على أعناقنا من كان خادماً للمحتل الفرنسي، بعد أن أزيح من كان عبداً للعثماني.
“رضينا بالهم والهم لم يرض بنا”، هكذا يقول المثل الشعبي. وهو ما بات سارياً حتى يومنا هذا. وفي كل مرة نقول أن الآتي من المسؤولين خير من سلفه، فاذا بنا نترحم عمن سلف، ونلعن من سيخلفه سلفاً.
مناسبة هذا الكلام هي مسرحية تشكيل الحكومة اللبنانية المنتظرة وما يرافقها من ذر للرماد في العيون وتمرير للوقت في انتظار ما هو آت من وراء الحدود.
أكثر ما يؤلم اللبنانيين، ما يحاول “المسؤول” تمريره عبر تصريحات توحي باقتراب الحل، على شاكلة التصريحات التي كان يتحفنا بها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن الليرة وقوتها، إلى أن تبخرت مدخراتنا وبتنا شحاذين على موائد اللئام.
يعي الممسكون بزمام أمور السياسة والإقتصاد، أنهم قادرون على قيادة “قطعانهم” من خلال الطائفة والمذهب. فأسلوب “يا غيرة الدين” ما زال قوياً – للأسف – وطالما ينجر القطيع إلى هكذا مفهوم، “فابشر بطول سلامة يا مربع”
ليس كافياً أن يبتسم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أمام عدسات التلفزيون ويعلن عن إيجابية اللقاء الرابع عشر مع الرئيس ميشال عون، حتى ينخفض سعر الدولار أمام العملة اللبنانية، وتبدأ تسريبات أسماء المرشحين للوزارة، فتحرق الأسماء، وتُرجَأ الحكومة، في إنتظار لقاء آخر وإبتسامة أخرى.
يعي أصحاب القرار أن لا حكومة في الأمد المنظور، لا بالصيغة التي أرادتها المبادرة الفرنسية، بعد أن اصيبت بمقتل عبّر عنها بـ”اصابة” الرئيس إيمانويل ماكرون بالكورونا وإلغاء زيارته إلى لبنان، ولا بالمعطيات المحلية التي صارت مترابطة إلى حد كبير مع حسابات خارجية، من دون أدنى إلتفات إلى واقع غير مسبوق يمر به لبنان وشعبه، من إندثار للطبقة الوسطى، وإزدياد مرعب في أعداد الفقراء والمعوزين، كما إزدياد أعداد غير القادرين على شراء الدواء ولقمة العيش أو دفع إيجارات منازلهم أو أقساط مدارس أبنائهم.
يعي الممسكون بزمام أمور السياسة والإقتصاد، أنهم قادرون على قيادة “قطعانهم” من خلال الطائفة والمذهب. فأسلوب “يا غيرة الدين” ما زال قوياً – للأسف – وطالما ينجر القطيع إلى هكذا مفهوم، “فابشر بطول سلامة يا مربع”.
لا حكومة في الأمد المنظور. علينا الإنتظار حتى يتسلم جو بايدن مهماته في ٢٠ كانون الثاني/يناير المقبل وإنتخابات الرئاسة السورية في أيار/مايو وبعدها الإنتخابات الإيرانية في حزيران/يونيو، وبعد ذلك المفاوضات الأميركية – الإيرانية ومصير البرنامج النووي الإيراني، وحتى إنتهاء هذه الاستحقاقات.. وغيرها، لا أعلم إذا كان سيبقى لنا وطنٌ إسمه لبنان.