فريدمان: هل يريد بايدن تكريس يمنٍٍ إيراني؟

Avatar18012/02/2021
نشر موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" مقالة لمؤسسه الكاتب الأميركي اليميني جورج فريدمان يقارب فيها قرارات إدارة جو بايدن الأخيرة بخصوص اليمن والسعودية والإمارات ربطًا بالتحولات المرتقبة في التعامل مع إيران.

“إتخذ الرئيس الأميركي جو بايدن في الأسبوع الماضي، خطوتين في الشرق الأوسط؛ الأولى، إبلاغ الكونغرس نيته شطب الحوثيين في اليمن من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، الثانية، قوله إن الولايات المتحدة ستنهي دعمها للحملة التي تقودها السعودية في اليمن وستراجع علاقتها مع السعودية بسبب مخاوف بشأن سجل حقوق الإنسان.

وبرغم المعنى الضئيل لهاتين الخطوتين، ولكن عند النظر إليها معًا؛ قد تمثلان تحولًا جذريًا في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. السؤال هو ما إذا كان هذا التحول سيؤثر على واقع المنطقة، بما أن السياسة شأن، والواقع الجيوسياسي شأن آخر.

يعتبر الحوثيون فصيلًا رئيسيًا في الحرب الأهلية اليمنية التي تبدو أبدية، وهم متحالفون مع إيران في مواجهة السعودية والإمارات، في ظل تحول الحرب في اليمن إلى حد كبير من حرب أهلية إلى حرب بين وكلاء الدول الأخرى. فقد قامت كل من السعودية والإمارات بشن غارات جوية وتقديم بعض الدعم على الأرض في القتال ضد الحوثيين، ومن ناحية أخرى، كانت إيران تقدم صواريخ للحوثيين لإطلاقها على السعودية.

ويعتبر اليمن بلدًا إستراتيجيًا، يمكن من خلاله نشر قوات بإتجاه السعودية وسلطنة عمان، أو السماح لمزيد من الحلفاء الأقوياء بالقيام بذلك، كما أن الأهم من ذلك، أنه يمكن لقوة إفتراضية أقوى أن تستغل موقع اليمن لإغلاق مضيق باب المندب، وبذلك تغلق البحر الأحمر أمام الملاحة البحرية.

ويعتبر الوصول إلى البحر الأحمر أمرًا حيويًا؛ ففي عام 1967، أغلقت مصر مضيق تيران، ومنعت إسرائيل من الوصول إلى البحر الأحمر، ما أدى إلى اندلاع حرب الأيام الستة.

لكن اليمن ليس في وضع يسمح له بإغلاق المضيق بنفسه، ولكن يمكن القيام بذلك عبر طرف خارجي يسعى إلى زرع الفوضى الإقليمية. إذا حدث ذلك، فقد تتورط مصر وإسرائيل وإثيوبيا في صراع لا يريدونه، ويهدّد السعودية و(سلطنة) عُمان، وبالتالي يضعف الموقف العربي في الخليج.

على المدى القصير؛ فإن اليمن قاعدة يمكن لإيران من خلالها الضغط على السعودية – التي تعتبرها منافستها الرئيسية – وكذلك على الإمارات. أما على المدى الطويل، فإذا انتصر الحوثيون في الحرب الأهلية تحت رعاية إيرانية، فقد يؤدي ذلك إلى زعزعة إستقرار المنطقة وإقناع بعض القوى العربية السنية بالإصطفاف مع إيران، وتغيير ميزان القوى في المنطقة، على أقل تقدير.

لا تعتبر قرارات رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب ومراجعة سجل حقوق الإنسان في السعودية مهمة في حد ذاتها، لكن يبدو أن إدارة بايدن إما تشير إلى سياسة جديدة أو تخطط لسياسة جديدة

تعد (اتفاقيات أبراهام) بين إسرائيل والإمارات، والتي تتوسع بسرعة لتشمل دولًا أخرى، أساسًا لتحالف مناهض لإيران، حيث تنظر الدول العربية السنية إلى إيران على أنها تشكل تهديدًا وجوديًا لها، وهي لا ترى اليمن فقط ساحة معركة إختبارية مع إيران ولكن أيضًا ساحة هجوم مباشر على مصالحها الأساسية في إطار معركة أوسع بدءًا من سوريا إلى العراق.

لا ينحصر خوف الدول العربية السنية من إيران بالسلاح النووي في المقام الأول، وإنما يرونه مجرد تهديد واحد من بين تهديدات كثيرة، كما يرون أن طهران إذا امتلكت هذا السلاح فسوف تواجهها إسرائيل مباشر، ولكن ما يخشونه هو احتمال أن تتحول دول مثل سوريا واليمن إلى دول تابعة لإيران، مما يمنح إيران ما تريده حقًا؛ وهو المركز المهيمن في الشرق الأوسط.

كان موقف إدارة دونالد ترامب هو التعامل مع الأسلحة النووية في إيران على أنها مجرد جزء من تهديد أوسع.

وبعبارة أخرى، يمكن أن تمنح العمليات السرية إيران موقعًا مهيمنًا في المنطقة، مع الأسلحة النووية أو من دونها.

وتم تصميم العقوبات لشل إيران داخليًا، في حين كانت (اتفاقيات أبراهام) محاولة لإنشاء تحالف قوي لا يعتمد على التدخل الأميركي المباشر لعرقلة المغامرات الإيرانية.

ولا تعتبر قرارات رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب ومراجعة سجل حقوق الإنسان في السعودية مهمة في حد ذاتها، لكن يبدو أن إدارة بايدن إما تشير إلى سياسة جديدة أو تخطط لسياسة جديدة.

فقد وعدت بإحياء الاتفاق النووي مع إيران، لكن هذا الاتفاق جرى توقيعه في شرق أوسط مختلف. بينما في الشرق الأوسط اليوم، أصبح حل المشكلة الإيرانية متمثلًا في تحالف ضخم من البحر الأبيض المتوسط ​​إلى الخليج، شاملًا قوة نووية مهمة (هي إسرائيل) وقوى أخرى مستعدة لتحدي إيران، سواء كانت نووية أم لا.

العودة إلى الإتفاق النووي سيثير الذعر لبقية المنطقة التي تعود فيها الذكريات إلى قرون، ولا تقوم فيها التحالفات – مثل التحالف الحالي المناهض لإيران – على المودة بل على الحسابات الباردة

تشير الإدارة الأميركية إلى التحرك نحو علاقة عدائية مع السعودية بشأن حرب اليمن وملف حقوق الإنسان، وإذا استمرت في ذلك، فسوف تتحرك أيضًا ضد الإمارات، التي توجد فيها قواعد عسكرية أميركية، وستتحرك ضد إسرائيل، التي تعتبر السعوديين أساسًا حيويًا في التحالف.

إقرأ على موقع 180  "فورين أفيرز": غزة 2024 أشبه بلبنان 1982.. حرب بلا نهاية

أصبحت السعودية أقل استقرارًا مما كانت عليه في السابق، وصارت قدرة النظام على الإرتقاء إلى مستوى مفهوم الإدارة الأميركية الجديدة لحقوق الإنسان محدودة، وبالتالي فإن هناك تهديدًا حقيقيًا في أن يؤدي ذلك إلى يمنٍ تهيمن عليه إيران.

ولكن، من الصعب تخيل أن إدارة بايدن تريد أن تضطر إلى التعامل مع يمنٍ تهيمن عليه إيران أو مع السعودية غير المستقرة. لذلك، من الصعب أن نتخيل أن البادرتين الأخيرتين (شطب الحوثيين من لائحة الإرهاب والتوقف عن دعم السعودية في حرب اليمن) من قبل الإدارة الأميركية هما أكثر من مجرد إشارات.

هناك بالطبع إحتمال آخر، وهو أن بايدن يعتقد بطريقة ما أنه يستطيع إقناع إيران بتحسين علاقاتها مع العرب السنة.

ولكن العودة إلى الإتفاق النووي سيثير الذعر لبقية المنطقة التي تعود فيها الذكريات إلى قرون، ولا تقوم فيها التحالفات – مثل التحالف الحالي المناهض لإيران – على المودة بل على الحسابات الباردة.

وتعتبر إيران الآن معزولة في صندوقة، بينما بقية المنطقة في تحالف غير مسبوق، وأهم شيء تعلمته الولايات المتحدة هو تجنب التدخل العسكري على نطاق واسع في الشرق الأوسط.

ويمكن للولايات المتحدة أن تترك إسرائيل والسعودية والإمارات يتصرفون في الأمر، بما أنه ليس لديهم خيار. ومع إن جميع الإدارات الجديدة تريد أن تترك بصماتها، إلا أن الشيء الجيد في هذه الإدارة أنها تتذكر مدى تدهور الأمر في ليبيا.

وعلى كل حال، فإن الخطوتين الأخيرتين لإدارة بايدن ليستا أفعالًا بعد، ومن الصعب معرفة إلى أين يمكن أن تؤديا” (ترجمة 180).

(*) المصدر: جيوبوليتيكال فيوتشرز

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download Premium WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  نقاش استباقي و"مصلحي" لخيار السلام مع "إسرائيل"