مبادرة قطرية “في الوقت الضائع” بين طهران وواشنطن!
TEHRAN, IRAN - JANUARY 04: (----EDITORIAL USE ONLY MANDATORY CREDIT - "IRANIAN PRESIDENCY / HANDOUT" - NO MARKETING NO ADVERTISING CAMPAIGNS - DISTRIBUTED AS A SERVICE TO CLIENTS----) Iranian President Hassan Rouhani (R) meets Qatari Foreign Minister Mohammed bin Abdulrahman bin Jassim Al Thani (L) in Tehran, Iran on January 04, 2020. (Photo by Iranian Presidency / Handout/Anadolu Agency via Getty Images)

ما رشح إلى العلن بعد إنتهاء زيارة وزير الخارجية القطرية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى طهران لا يشي بوساطة قطرية على الخط الأميركي ـ الإيراني، لكن التدقيق في ما سبق الزيارة وتخللها وما يعقبها من مواعيد، لا يمكن إلا أن يضع الزيارة في خانة لعب دور ما على خط واشنطن ـ طهران.

لدى سؤال مراجع رسمية إيرانية عما إذا كانت زيارة وزير الخارجية القطري الشیخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى طهران، تندرج في خانة الوساطة بين طهران وواشنطن، كان الجواب ضبابياً. ولدى مراجعة تصريحات الجانبين القطري والإيراني، يتبين أن الزيارة تتصل حصراً بالعلاقات الثنائية بين الدوحة وطهران. لكن التدقيق مع بعض المتابعين غير الرسميين لا يضع الزيارة إلا في خانة الملف النووي الإيراني. لماذا؟

بالتزامن مع زيارة وزير خارجية قطر إلى طهران، أبلغت إيران رسمياً الوكالة الدولية للطاقة الذرية عزمها على إيقاف العمل الطوعي بالبروتوكول الإضافي في الإتفاق النووي، في الثالث والعشرين من شباط/ فبراير الجاري، الأمر الذي سوف يعقد من دون أدنى شك جهود قطر الساعية إلى لعب دور على خط حلحلة الخلافات الايرانية ـ الأميركية.

وقال سفير ايران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية غريب آبادي إنه قام بتسليم طلب رسمي لأمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروس يعلمه فيها عزم طهران على إيقاف العمل بالبروتوكول الإضافي في الإتفاق النووي، وذلك في إطار التزام الحكومة الإيرانية بالقانون الذي أقره البرلمان الايراني، غداة إغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، وذلك رداً على عدم التزام الدول الأخرى بتعهداتها المنصوص عليها في الإتفاق النووي.

وبموجب الخروج من البروتوكول، تتوقف عدسات الوكالة الدولية عن رصد أنشطة ايران النووية، وتصبح إيران ملزمة فقط بمندرجات معاهدة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل.

هذا المناخ المتوتر طغى على برنامج الضيف القطري الذي إلتقى الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وفهم من الجانب الإيراني أن الف باء الحوار مع الولايات المتحدة الأميركية يبدأ من عودة واشنطن إلى الإتفاق النووي وإلغاء كافة العقوبات التي فرضتها الإدارة السابقة على طهران.

في ظروف “الموت السريري” للإتفاق النووي، حلّ وزير خارجية قطر ضيفاً على طهران وسلم رسالة أمير دولة قطر المكتوبة بخط اليد إلى الرئيس روحاني، وهذا ما عزز التكهنات بأن الزائر الخليجي حمل “رسالة هامة” على صعيد إيجاد مخرج بين إيران والولايات المتحدة

وتحبذ مصادر إيرانية غير رسمية عدم إستخدام تعبير “الوساطة” أو “المبادرة القطرية” عند الحديث عن الزيارة، إلا أنها تؤكد أن الوزير القطري بحث مع المسؤولين الإيرانيين سبل حلحلة الخلافات الايرانية ـ الأميركية، وأشارت إلى أن وزير خارجية قطر، مهّد لزيارته بقوله، قبل أسابيع عديدة، إن بلاده مستعدة لتسهيل المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران إذا طُلب منها ذلك، مؤكداً أن المهم بالنسبة إلى بلاده في ما يتعلق بالوساطة هو التوصل إلى اتفاق بين الجانبين.

 طبعاً هذه التكهنات ليست بعيدة عن الواقع لأن الأيام السبعة المقبلة حاسمة وحساسة للغاية بالنسبة لايران وأميركا والإتفاق النووي، فإذا لم تتخذ الإدارة الأميركية الجديدة قراراً حاسماً بالعودة إلى الإتفاق وإلغاء العقوبات التي فرضتها إدارة دونالد ترامب على طهران قبل الثالث والعشرين من شباط/ فبرايرالحالي، فإن الإتفاق النووي سيصبح من الماضي فقط، أي مجرد إسم وله تاريخه.

في ظروف “الموت السريري” للإتفاق النووي، حلّ وزير خارجية قطر ضيفاً على طهران وسلم رسالة أمير دولة قطر المكتوبة بخط اليد إلى الرئيس روحاني، وهذا ما عزز التكهنات بأن الزائر الخليجي حمل “رسالة هامة” على صعيد إيجاد مخرج بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.

بكل الأحوال، ما زال من المبكر الحديث عن نتائج هذه الزيارة ومدى تفاعل طهران معها، ولكن الموقف الصريح الذي تبناه آية الله السيد علي خامنئي مؤخراً رسم ملامح السياسة الايرانية في ما يتعلق بالملف النووي بشكل واضح: المطلوب من أميركا إلغاء العقوبات التي فرضتها على إيران بشكل عملي وملموس.. وبعدها تعلن عودتها إلى الإتفاق النووي ويجب أن تتحقق إيران من قدرتها على تصدير النفط وإجراء التبادلات التجارية والمالية مع الدول الأخرى وأن تحصل على أموالها المجمدة في البنوك الخارجية وأن يكون لها الحق بإستعادة هذه الأموال إلى الداخل.. وإذا لم تتحقق هذه الشروط، لن تقدم طهران أي تنازل بل ستمضي في سياسة خفض إلتزاماتها النووية التي تعهدت بها في الإتفاق النووي عام 2015.

ووفق مصادر إيرانية غير رسمية، حاول وزير الخارجية القطري في زيارته إلى طهران تدوير محرك الحوار حول التطورات الأمنية بين ايران ودول مجلس التعاون الخليجي.

من وجهة النظر الايرانية، فإن دولة قطر مؤهلة للقيام بمثل هذه المهمة في المنطقة لأن طهران ترى أن الدوحة “لطالما أثبتت حسن نواياها في بعض الملفات الإقليمية والدولية الهامة، وفي مقدمتها ملف الإتفاق النووي”، في المقابل، أثبتت إيران حسن نواياها مع قطر خاصة عندما فُرض الحصار البري والبحري والجوي على الدوحة من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر. وبطبيعة الحال، يبدو أن قطر، وفي ظل وصول الإدارة الأميركية الجديدة إلى البيت الأبيض وإنهاء الحصار الذي فرض عليها وتطبيع علاقاتها مع السعودية والإمارات، تسعى إلى إستغلال علاقاتها الطيبة مع إيران من أجل التمهيد لإنطلاق حوار بين إيران ودول الخليج الست بهدف إعادة الأمن والإستقرار إلى منطقة خليج فارس.

إقرأ على موقع 180  حروب أميركا المستقبلية.. لها مُسيّراتها البحرية!

ولطالما ردّدت طهران أنها لا توافق على إنضمام أي دولة إلى الإتفاق النووي، لكن ذلك لا يتناقض أبداً مع رؤية إيران التي عبّر عنها الرئيس روحاني أمام الأمم المتحدة في العام 2019 بقوله إن الاستقرار الأمني في منطقة الخليج هو مسؤوليةٌ إقليميةٌ صِرفة، تقعُ على عاتق دول المنطقة وحدها من دون حاجةٍ إلى التدخل الخارجي الأجنبي الذي يُعتبر، حسب المقاربة الإيرانية ذاتها، أحد مُهددات الأمن الإقليمي.

إنتهت زيارة وزير الخارجية القطري وبدأ موسم التحليلات. لننتظر ما سيكون عليه الموقف الأميركي من الدور القطري وما إذا كانت إدارة الرئيس جو بايدن ستدعم الجهود القطرية أم أنها ستسعى إلى عرقلتها. يسري ذلك أيضاً على دول مجلس التعاون الخليجي التي أرسلت العديد من دولها مؤخراً رسائل بإتجاه طهران، عبر عواصم عديدة، ولكن الجميع ينتظر كيفية تصرف واشنطن خلال الأيام السبعة المقبلة.

 

Print Friendly, PDF & Email
طهران ـ علي منتظري

كاتب وصحافي ايراني مقيم في طهران

Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  في "الإمتحان".. تُهزم الصين أم تايوان؟