ناصيف حتي18/05/2021
صاعق التفجير للحرب الإسرائيلية الدائرة والمتصاعدة ضد الشعب الفلسطينى يكمن فى محاولة السلطات الإسرائيلية إخلاء حى الشيخ جراح فى القدس من سكانه الفلسطينيين. ويندرج ذلك فى سياسة تهويد القدس وتوحيدها باعتبارها «العاصمة الأبدية» لإسرائيل، وهذا ما يشكل خرقا فاضحا لجميع القرارات الدولية ذات الصلة.
وقد رافق ذلك فى البداية أعمال عنف واعتداءات قام بها المستوطنون واليمين المتشدد برعاية الشرطة الإسرائيلية ضد المصلين فى باحة المسجد الأقصى. وقد واكب ذلك إعلان عدد من نواب اليمين المتشدد عن بلورة مشروع قانون جديد لتعزيز السيادة الإسرائيلية على القدس ليقدم لاحقا لإقراره فى الكنيست. ولا يكفى أن تلغى أو أن تؤجل المحكمة العليا الإسرائيلية جلستها التى كانت مقررة فى مطلع الأسبوع الماضى بشأن قضية الإخلاء إلى موعد يحدد لاحقا وخلال شهر، تجاوبا مع مطالب دولية، لاحتواء الموقف المتفاقم.
جملة من العوامل المتكاملة شجعت إسرائيل على هذه الحرب، فيما تهدد بحرب برية ضد قطاع غزة؛
أولا، حاجة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للاستمرار فى موقعه فى رئاسة الحكومة، بعدما فشلت محاولاته فى الحصول على دعم عدد من قوى اليمين، إلى تصعيد فى الموقف على مستوى الخطاب وعلى مستوى الفعل ضد الشعب الفلسطينى مما يساهم فى رص الصفوف حوله. وقد نجح فى ذلك. من أبرز الدلائل فى هذا الصدد أن نفتالى بنيت، زعيم حزب يمينا الذى كان معارضا لنتنياهو وافق على الالتحاق به. وقد أوجد ذلك زخما ضروريا لنتنياهو فى معركته لتشكيل الحكومة.
ثانيا، استمرت إسرائيل وقوى اليمين الإسرائيلى بشكل خاص، فى ظل الغياب الطويل للقضية الفلسطينية عن جدول الأولويات الإقليمية وحلول أولويات أخرى ضاغطة مكانها فرضتها حروب الإقليم وصراعاته المختلفة، فى مسارها التصعيدى لخلق واقع جديد فى القدس والأراضى الفلسطينية المحتلة.
ثالثا، هنالك قلق إسرائيلى من المحادثات الأمريكية الإيرانية فى فيينا «بمواكبة غربية» وفى إطار مجموعة «الخمس زائداً واحد» من عودة واشنطن إلى الاتفاق النووى وهو بالنسبة لإسرائيل يحرر إيران من الكثير من الضغوطات والقيود الموضوعية ويسمح بالتالى لهذه الأخيرة بتعزيز موقعها مباشرة وعبر حلفائها فى المنطقة تجاه إسرائيل، وبالتالى يجب القيام بعمل استباقى لاحتواء إيران عبر إضعاف حلفائها.
رابعا، هنالك قلق إسرائيلى من اتصالات إيرانية عربية ما زالت فى بداياتها قد تساهم فى تخفيف حدة التوتر والمواجهة بالوكالة بين الطرفين فيما لو نجحت، مما ينعكس سلبا من المنظور الإسرائيلى على أمنها.
خامسا، لا تشعر إسرائيل بأى قيود أو عناصر ردع مختلفة تجاهها فى المنطقة من طرف العرب بسبب أوضاع التفكك والضعف وغياب الفعل، الرغبة والقدرة، التى يعيشها العالم العربى.
جملة من العوامل المتكاملة شجعت إسرائيل على هذه الحرب، فيما تهدد بحرب برية ضد قطاع غزة؛
أولا، حاجة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للاستمرار فى موقعه فى رئاسة الحكومة، بعدما فشلت محاولاته فى الحصول على دعم عدد من قوى اليمين، إلى تصعيد فى الموقف على مستوى الخطاب وعلى مستوى الفعل ضد الشعب الفلسطينى مما يساهم فى رص الصفوف حوله. وقد نجح فى ذلك. من أبرز الدلائل فى هذا الصدد أن نفتالى بنيت، زعيم حزب يمينا الذى كان معارضا لنتنياهو وافق على الالتحاق به. وقد أوجد ذلك زخما ضروريا لنتنياهو فى معركته لتشكيل الحكومة.
ثانيا، استمرت إسرائيل وقوى اليمين الإسرائيلى بشكل خاص، فى ظل الغياب الطويل للقضية الفلسطينية عن جدول الأولويات الإقليمية وحلول أولويات أخرى ضاغطة مكانها فرضتها حروب الإقليم وصراعاته المختلفة، فى مسارها التصعيدى لخلق واقع جديد فى القدس والأراضى الفلسطينية المحتلة.
ثالثا، هنالك قلق إسرائيلى من المحادثات الأمريكية الإيرانية فى فيينا «بمواكبة غربية» وفى إطار مجموعة «الخمس زائداً واحد» من عودة واشنطن إلى الاتفاق النووى وهو بالنسبة لإسرائيل يحرر إيران من الكثير من الضغوطات والقيود الموضوعية ويسمح بالتالى لهذه الأخيرة بتعزيز موقعها مباشرة وعبر حلفائها فى المنطقة تجاه إسرائيل، وبالتالى يجب القيام بعمل استباقى لاحتواء إيران عبر إضعاف حلفائها.
رابعا، هنالك قلق إسرائيلى من اتصالات إيرانية عربية ما زالت فى بداياتها قد تساهم فى تخفيف حدة التوتر والمواجهة بالوكالة بين الطرفين فيما لو نجحت، مما ينعكس سلبا من المنظور الإسرائيلى على أمنها.
خامسا، لا تشعر إسرائيل بأى قيود أو عناصر ردع مختلفة تجاهها فى المنطقة من طرف العرب بسبب أوضاع التفكك والضعف وغياب الفعل، الرغبة والقدرة، التى يعيشها العالم العربى.
ليس ذلك فرضا لقواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل فحسب بل تكريسا لما هو قانونى ومبدئى؛ أن القدس الشرقية أرض محتلة أسوة بالأراضى الفلسطينية الأخرى المحتلة
لكن، رغم ذلك كله فإن عناصر معينة لم تكن فى الحسبان أربكت الحرب الإسرائيلية:
أولها، التضامن الواسع الذى عبر عنه فلسطينيو ١٩٤٨، وهم الفلسطينيون فى إسرائيل الذين يعيشون منذ نشأة إسرائيل فى نظام أبارتايد (نظام من التمييز العنصرى) واعتبارهم مواطنين درجة ثانية فى دولة تدعى أنها دولة ديمقراطية يمكن وصفها بالفعل بالديمقراطية الانتقائية. أثبت هؤلاء أنهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطينى وأن ما يحدث يمكن وصفه ببداية انتفاضة مع نزولهم إلى الشارع.
ثانيها، أن قوة الرد «الصاروخية» الفلسطينية التى انطلقت من المقاومة فى غزة لتطال العمق الإسرائيلى أحدثت نوعا من توازن الردع أو توازن الرعب مع إسرائيل رغم التفوق العسكرى الإسرائيلى. أضف إلى ذلك الردود الشعبية فى الضفة الغربية، كلها تدل على تبلور وانبلاج انتفاضة جديدة مختلفة فى طبيعتها عن الانتفاضتين السابقتين.
ثالثها، أن إصرار حماس على أن أى مقترحات أو مبادرات لوقف إطلاق النار أو التهدئة يجب أن تشمل القدس تأكيدا لوحدة الأراضى الفلسطينية المحتلة، ورفضا للتصنيف الإسرائيلى الذى يعتبر القدس أرضا إسرائيلية، وهو كما أشرنا سابقا يشكل خرقا فاضحًا لجميع القرارات الدولية. ليس ذلك فرضا لقواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل فحسب بل تكريسا لما هو قانونى ومبدئى؛ أن القدس الشرقية أرض محتلة أسوة بالأراضى الفلسطينية الأخرى المحتلة.
إن ما يحصل اليوم هو رسالة إلى العالم تتعلق بوحدة الشعب الفلسطينى رغم الخلافات السياسية المستفحلة بين الأطراف الفلسطينية وغياب البوصلة السياسية الوطنية الواحدة. إن أولى الأولويات هو وقف كلى للعدوان الإسرائيلى، عبر تحقيق وقف شامل لإطلاق النار، بضمانات دولية. ولكن بقدر ما إن ذلك ضرورى لكنه لا يكفى طالما استمرت إسرائيل فى اتباع سياسات لشرعنة الاحتلال والتغيير التدريجى للوضع على الأرض. إن دبلوماسية الإدانات والمناشدات والتحذيرات لم ولا تؤدى إلى نتيجة. إن المطلوب اليوم قبل الغد إحياء فعلى وفعال لدور الرباعية الدولية وربما توسيعها وهنالك العديد من المقترحات فى هذا الشأن، مثل المقترح الروسى (المعروف بصيغة ٤+٤+٢+١) إلى غيرها. إن إنهاء المأساة التى يعيشها الشعب الفلسطينى (نحن الآن فى خضم الذكرى الـ ٧٣ للنكبة) يكون من خلال تحقيق حقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يساهم أيضا فى إقفال إحدى أخطر بؤر التوتر واللاستقرار والاستغلال السياسى لأجندات مختلفة فى المنطقة.
ملاحظة بعد أشهر خمسة ونيف من الزمن، يكون قد مر على انطلاق مؤتمر مدريد للسلام ثلاث عقود من الزمن وهنالك الكثير من الدروس والعبر تجب الاستفادة منها لتلافى أخطاء وخطايا الماضى.
أولها، التضامن الواسع الذى عبر عنه فلسطينيو ١٩٤٨، وهم الفلسطينيون فى إسرائيل الذين يعيشون منذ نشأة إسرائيل فى نظام أبارتايد (نظام من التمييز العنصرى) واعتبارهم مواطنين درجة ثانية فى دولة تدعى أنها دولة ديمقراطية يمكن وصفها بالفعل بالديمقراطية الانتقائية. أثبت هؤلاء أنهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطينى وأن ما يحدث يمكن وصفه ببداية انتفاضة مع نزولهم إلى الشارع.
ثانيها، أن قوة الرد «الصاروخية» الفلسطينية التى انطلقت من المقاومة فى غزة لتطال العمق الإسرائيلى أحدثت نوعا من توازن الردع أو توازن الرعب مع إسرائيل رغم التفوق العسكرى الإسرائيلى. أضف إلى ذلك الردود الشعبية فى الضفة الغربية، كلها تدل على تبلور وانبلاج انتفاضة جديدة مختلفة فى طبيعتها عن الانتفاضتين السابقتين.
ثالثها، أن إصرار حماس على أن أى مقترحات أو مبادرات لوقف إطلاق النار أو التهدئة يجب أن تشمل القدس تأكيدا لوحدة الأراضى الفلسطينية المحتلة، ورفضا للتصنيف الإسرائيلى الذى يعتبر القدس أرضا إسرائيلية، وهو كما أشرنا سابقا يشكل خرقا فاضحًا لجميع القرارات الدولية. ليس ذلك فرضا لقواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل فحسب بل تكريسا لما هو قانونى ومبدئى؛ أن القدس الشرقية أرض محتلة أسوة بالأراضى الفلسطينية الأخرى المحتلة.
إن ما يحصل اليوم هو رسالة إلى العالم تتعلق بوحدة الشعب الفلسطينى رغم الخلافات السياسية المستفحلة بين الأطراف الفلسطينية وغياب البوصلة السياسية الوطنية الواحدة. إن أولى الأولويات هو وقف كلى للعدوان الإسرائيلى، عبر تحقيق وقف شامل لإطلاق النار، بضمانات دولية. ولكن بقدر ما إن ذلك ضرورى لكنه لا يكفى طالما استمرت إسرائيل فى اتباع سياسات لشرعنة الاحتلال والتغيير التدريجى للوضع على الأرض. إن دبلوماسية الإدانات والمناشدات والتحذيرات لم ولا تؤدى إلى نتيجة. إن المطلوب اليوم قبل الغد إحياء فعلى وفعال لدور الرباعية الدولية وربما توسيعها وهنالك العديد من المقترحات فى هذا الشأن، مثل المقترح الروسى (المعروف بصيغة ٤+٤+٢+١) إلى غيرها. إن إنهاء المأساة التى يعيشها الشعب الفلسطينى (نحن الآن فى خضم الذكرى الـ ٧٣ للنكبة) يكون من خلال تحقيق حقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يساهم أيضا فى إقفال إحدى أخطر بؤر التوتر واللاستقرار والاستغلال السياسى لأجندات مختلفة فى المنطقة.
ملاحظة بعد أشهر خمسة ونيف من الزمن، يكون قد مر على انطلاق مؤتمر مدريد للسلام ثلاث عقود من الزمن وهنالك الكثير من الدروس والعبر تجب الاستفادة منها لتلافى أخطاء وخطايا الماضى.
(*) بالتزامن مع “الشروق“