موسكو ـ خاص 180post
لأن روسيا باتت معتادة على التردد اللبناني، والشواهد كثيرة من هبة السلاح التي رفضتها حكومة فؤاد السنيورة في زمن وزير الدفاع الياس المر الى المساعدات والقروض الميسرة التي لم يجرِ التعامل معها بجدية، وبعضها طُرح في الآونة الأخيرة، لم تستغرب الحكومة الروسية هذه المرة كيفية تعامل الحكومة اللبنانية مع الدعوة الى “مؤتمر موسكو للأمن الدولي” بدورته التاسعة التي تبدأ غدا (الاربعاء) في موسكو ويتخلل جلسة الإفتتاح كلمة للرئيس فلاديمير بوتين وصفها مصدر دبلوماسي في العاصمة الروسية بأنها “ستكون غاية في الاهمية”، كونها تأتي غداة القمة الاولى التي جمعته بالرئيس الاميركي جو بايدن في 16 حزيران/ يونيو الحالي في العاصمة السويسرية جنيف.
ويحضر المؤتمر ما يزيد عن خمسين وزيراً أو نائب وزير دفاع وقادة جيوش ومستشاري الامن القومي وكذلك خبراء ومهتمين في مجالات استراتيجية متعددة منها الامن والتنمية المستدامة والامن الاقتصادي والاجتماعي والسيبراني.
المفارقة المستغربة ان نائب رئيس الحكومة اللبنانية وزيرة الدفاع والخارجية زينة عكر أبدت في وقت سابق حماستها للمؤتمر ولحضوره شخصياً، لكن سرعان ما إعتذرت عن المشاركة، ولدى محاولة السفارة الروسية الاستفسار عن سبب الاعتذار، “لم تقدم اي تفسير او تبرير ولم توفد احداً لشرح أسباب إعتذراها”. واشار المصدر الى ان “ما يزيد الامور دهشة هو ان المؤتمر سيبحث من ضمن جدول اعماله قضايا تهم لبنان والشرق الاوسط”.
وكان لافتاً للإنتباه انه سبق اعتذار عكر زيارة للسفيرة الاميركية لدى لبنان دوروثي شيا الى وزارة الدفاع.
والنقطة الثانية اللافتة للنظر ما تلقته السفارة الروسية في بيروت من رسائل تحذير عبر وزارة الداخلية اللبنانية، من ان “هيئة تحرير الشام” او ما كان يعرف سابقاً بـ”جبهة النصرة” بصدد استهداف المصالح الروسية في لبنان، وعند مراجعة المعنيين قادة اجهزة امنية رسمية لبنانية كان الجواب ان لا معلومات لدينا بشأن تهديدات من هذا النوع!
يقول الروس، حسب المصدر نفسه، “نحن نحاول إقناع لبنان بأننا دولة صديقة وحريصة، ويمكن ان نتحول الى شريك فاعل لمساعدة لبنان في هذه الظروف الصعبة، لكن البعض في لبنان لا يريد لبلده.. إلا أن يبقى أسير “متلازمة ستوكهولم”: أميركا تعاقب لبنان ولا يريد اللبنانيون إلا أن تبقى أميركا راضية عليهم”
وقالت المصادر الدبلوماسية في موسكو ان غياب لبنان عن مؤتمر موسكو الأمني “يقدم الدليل الجديد على عدم جدية الحكومات اللبنانية المتعاقبة مع ملف العلاقات اللبنانية الروسية”. ينسحب ذلك على نية شركة “روسنفت” الروسية العملاقة بدء العمل لاعادة تأهيل وتشغيل منشآت النفط في الشمال، وذلك بموجب عقد مُوقع مع وزارة الطاقة اللبنانية. وليس خافياً أن لبنان الرسمي تعرض لضغوط أميركية لإلغاء العقد المذكور بذريعة خضوع الشركة الروسية لعقوبات أميركية!
وأشارت المصادر إلى أنها تنتظر توضيحات من وزيرة الدفاع اللبنانية وهل إعتذراها أسبابه شخصية أم يُعبّر عن توجه رسمي للحكومة اللبنانية؟
وأضافت أن القيادة الروسية طرحت هواجسها الكثيرة خلال زيارة المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم الأخيرة، وسألته “لماذا لا تقبلون مساعدتنا. لقد عرضنا عليكم مراراً الدعم للمؤسسات العسكرية والأمنية وكنتم ترفضون”. ولكن اللواء إبراهيم عبّر عن موقفه صراحة بأن لبنان في هذه المرحلة لا يستطيع إبرام عقود سلاح وذخائر بل يحتاج إلى هبات ومساعدات حتى تبقى المؤسسات العسكرية والأمنية واقفة على قدميها.. ورد الجانب الروسي أنه مستعد للتجاوب مع ما تطلبه الحكومة اللبنانية شرط عدم تكرار ما حصل سابقاً.
واذا كان التراخي اللبناني مع رغبة وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف بزيارة لبنان ادى الى تطيير الزيارة منذ اشهر، “هل المطلوب من موسكو أن تقفل أبوابها امام القيادات اللبنانية الذين تستقبلهم تباعاً لتشجيعهم على مساعدة انفسهم حتى يتمكنوا من مساعدة لبنان”، تسأل المصادر الروسية.
في موسكو، ثمة لغة عتب روسية على كل وزراء الدفاع المتعاقبين من العام 2005 حتى يومنا هذا (جميعهم ينتمون بالمناسبة إلى الطائفة الأرثوذكسية). يقول الروس، حسب المصدر نفسه، “نحن نحاول إقناع لبنان بأننا دولة صديقة وحريصة، ويمكن ان نتحول الى شريك فاعل لمساعدة لبنان في هذه الظروف الصعبة، لكن البعض في لبنان لا يريد لبلده.. إلا أن يبقى أسير “متلازمة ستوكهولم”: أميركا تعاقب لبنان ولا يريد اللبنانيون إلا أن تبقى أميركا راضية عليهم”!