إلى أين وصلت المباحثات السعودية الإيرانية؟ 
Iran's supreme leader Ayatollah Ali Khamenei (R) meets with Saudi Crown Prince Abdullah ibn Abdel Aziz, 09 December in Tehran, on the sidelines of the Organisation of the Islamic Conference (OIC) summit. Khamenei said Iran had resolved to improve relations with saudi Arabia. (Photo credit should read -/AFP via Getty Images)

أعجبني توصيف وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان للمباحثات التي جرت بين بلاده وايران والتي قال عنها إنها "استكشافية" قبل ان يصفها بالـ"ودِّية".
أربع جولات من المباحثات السعودية الإيرانية جرت حتى الآن في بغداد منذ نيسان/أبريل الماضي برعاية شخصية من رئيس الحكومة العراقية مصطفی الكاظمي. البعض رأى ان هذه المباحثات عبثية لأنها تجری بين وسطين غير متجانسين لا في التصور ولا في الممارسة. البعض الآخر قال إنها صعبة وأن الإيرانيين لا يمكن الاعتماد عليهم لأنهم يقولون ما لا يفعلون؛ أما البعض الثالث فإنه يعتقد أن طهران مدعوة لتقديم إشارات إيجابية في مناطق النزاع لإثبات حسنة النية؛ أما الرأي الرابع، فإنه يعتقد أن المواقف السعودية حيال إيران متأثرة بمواقف دول أجنبية وأجندات خارجية.. وهكذا إنقسم أصحاب الرأي في مستقبل العلاقة الإيرانية السعودية.
أنا لا أريد تبسيط الامور والقضايا العالقة بين البلدين خصوصا إزاء ما حدث من اختلاف في التعاطي مع مختلف الملفات التي فتحت خلال السنوات العشر الماضية؛ وما رافق ذلك من تدافع أمني وسياسي عنيف في مناطق النزاع؛ لكنني أعتقد ضرورة لجوء دول المنطقة الی طاولة حوار عند اي خلاف يحصل من أجل تطويق الأزمات التي ثبت انها لا تخدم الامن والاستقرار في المنطقة، كما انها لا تخدم مصالح دول المنطقة وشعوبها.
إن المنطقة لم تجّرب ثقافة الحوار؛ كما أنها تفتقد لمثل هذه الآلية بسبب تمسك بعض الأنظمة بآليات قديمة وتصورات وقواعد كانت مطبقة في زمن الحرب الباردة والنظام الرسمي العربي من دون ان تأخذ بنظر الاعتبار التطورات والقواعد الجديدة التي تلوح في الأفق.
لا أعتقد أن الأزمة اليمنية أهم من بقية الأزمات في المنطقة. هناك شعوب أخری في المنطقة إحترقت مصالحها بسبب الخلافات الاقليمية ومنها الخلافات الايرانية السعودية. المهم ان يتوصل الجانبان لآلية حوار يستند إلی الواقعية السياسية أولاً؛ وإلی مصالح دول المنطقة وشعوبها ثانياً
ومن الطبيعي جداً أن تملك إيران تعريفاً محدداً لأمنها القومي والأمن الاقليمي. كما أنه من الطبيعي أيضاً أن تملك السعودية تعريفاً لأمنها القومي والأمن الاقليمي؛ وهكذا الأمر بالنسبة للعراق وتركيا وبقية دول المنطقة. ومن الطبيعي جداً أن تختلف التصورات والقواعد إستناداً لهذه التعريفات. لكن من غير الطبيعي أن تتحرك هذه التصورات والتعريفات في الميدان لتتحول الی عنف سياسي وأمني وعسكري بشكل مباشر او غير مباشر.
أنا لا أعتقد بإمكانية الضغط علی الآخر لتغيير قاعدة إستناد تعريفه للأمن الاقليمي؛ كما ليس من المعقول ولا الواقع ان نتوقع تغيير الآخر لقناعاته الإقليمية أو تغييراً في ثوابته السياسية.
الواقعية السياسية تفرض علی جميع دول المنطقة الحوار من أجل التوصل إلی قواسم مشتركة لتحقيق المصالح التي تخدم شعوب المنطقة وتخدم الأمن والاستقرار فيها.
استمرار جولات المباحثات بين الرياض وطهران وخلال رئاستين ايرانيتين يعطي مؤشراً علی نجاح هذه المباحثات ورغبة القيادة في كلا البلدين في الإستمرار في هذه المباحثات من أجل التوصول إلی فهم مشترك لـ”حل” أو “إدارة” الأزمات التي تواجه المنطقة، وهو الأمر الذي جعل وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان يصف المباحثات بأنها كانت “ودية”؛ في الوقت الذي رأی فيه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان بأنها تسير بإتجاه إيجابي وجيد. السؤال؛ هل أن العلاقة بين البلدين بحاجة الی جولات اضافية؟ أنا أعتقد نعم. لأن مثل هذه المباحثات “الاستكشافية” تستطيع أن تخلق قاعدة وفهماً مشتركاً لدی الجانبين؛ وتستطيع ان توجد ارضية واضحة وشفافة تنجح في استيعاب علاقة متينة ومستدامة لحل جميع الملفات العالقة بين البلدين.
أنا لا أعتقد أن الأزمة اليمنية أهم من بقية الأزمات في المنطقة. هناك شعوب أخری في المنطقة إحترقت مصالحها بسبب الخلافات الاقليمية ومنها الخلافات الايرانية السعودية. المهم ان يتوصل الجانبان لآلية حوار يستند إلی الواقعية السياسية أولاً؛ وإلی مصالح دول المنطقة وشعوبها بعيداً عن التدخلات الخارجية والأجندة التي لا تريد تطبيع العلاقات البينية ودعم الاستقرار والسلام في المنطقة ثانياً.
إن الحوار الإيراني السعودي يجب أن يلتفت إلی نقطة مهمة وهي تضرر إسرائيل من هذا التقارب الذي يذبح الطموحات الاسرائيلية ويحبط جهودها في محاصرة ومواجهة إيران عبر التطبيع مع بعض دول المنطقة.
الحوار لا يحتاج إلی من يقدم التنازلات أولاً بقدر حاجته إلی وضع أسس للتعاون والتنسيق من أجل العيش المشترك في هذه المنطقة في مناخ من الأمن والاستقرار والسلام. ([email protected])
Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  الخلطة التركية في إدلب: تدجين التطرف واستثماره
محمد صالح صدقيان

أكاديمي وباحث في الشؤون السياسية

Download Best WordPress Themes Free Download
Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Premium WordPress Themes Download
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  جمرةَ حبٍ للمؤتمنين على المصير.. والدروب