تحاول دولة قطر لعب دور ایجابی على خط مفاوضات فيينا بين إيران ومجموعة 4 + 1، وفي الوقت نفسه، بين إيران والولايات المتحدة، في محاولة لإطلاق حوار ثنائي مباشر بين طهران وواشنطن. هاتان المسألتان كانتا في صلب محادثات محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في طهران مع المسؤولين الإيرانيين.
وفق المعلومات، تتركز الجهود القطرية على قضيتين:
أولاً؛ تأمين الإفراج عن السجناء الأميركيين المحتجزين في السجون الإيرانية.
ثانياً؛ محاولة تحرير جزء من أموال إيران في البنوك الأجنبية.
ولكن أين تكمن أهمية ملف تبادل السجناء في محادثات فيينا؟
لطالما كانت قضية السجناء الأميركيين نقطة مهمة خلال المفاوضات النووية في جولاتها الثماني. الشيء نفسه رافق مفاوضات ما قبل التوصل إلى الاتفاق النووي عام 2015. بالتزامن مع توقيع الاتفاق النووي، تم إطلاق سراح جيسون رضائيان، مراسل صحيفة “واشنطن بوست” في طهران، بالإضافة إلى ثلاثة أميركيين آخرين (تبادل سجناء إيرانيين وأميركيين). كذلك تم الإفراج عن 1.7 مليار دولار نقداً من الأموال الإيرانية المحتجزة في الولايات المتحدة.
وها هو السيناريو يتكرر مع إدارة بايدن، لا بل يمكن أن يتحول ملف تبادل السجناء إلى ورقة تتسلح بها الإدارة الأميركية أمام الرأي العام الأميركي رداً على منتقدي محادثات فيينا وإمكان أن تفضي إلى إتفاق ما بين الجانبين. حتى أن المسؤول الأميركي روبرت مالي طالب دولة قطر بالمساعدة في هذا المجال، على قاعدة أن إطلاق سراح السجناء الأميركيين سيقوي موقع الديمقراطيين في مواجهة الجمهوريين على مسافة عشرة أشهر من موعد الإنتخابات النصفية الأميركية في الخريف المقبل، كما سيخلق مناخات إيجابية في محادثات فيينا.
تتركز الجهود القطرية على قضيتين: الأولى هي تأمين الإفراج عن السجناء الأميركيين المحتجزين في السجون الإيرانية والثانية هي محاولة تحرير جزء من أموال إيران في البنوك الأجنبية
من جهة ثانية، تسعى قطر لدى الولايات المتحدة من أجل محاولة الإفراج عن بعض الاموال الإيرانية المحتجزة في البنوك الأجنبية، لا سيما في كوريا الجنوبية واليابان والعراق، في خطوة بمثابة إعلان حسن نية في محادثات فيينا، إما لتحويلها إلى إيران أو إستخدامها من قبل الحكومة الإيرانية لشراء بضائع محددة.
وتقول مصادر غير رسمية في إيران إن جانباً مهماً من التفاهمات التي تم التوصل إليها في محادثات فيينا ناتجٌ عن ست جولات من المحادثات بين الوفد الإيراني السابق برئاسة عباس عراقتشي، “فإذا كان هذا الخبر صحيحاً فإن الرأي العام الإيراني سيسأل لماذا لم تتوصلوا إلى اتفاق في وقت سابق من عهد حكومة الرئيس حسن روحاني وأرجأتم ذلك ستة أشهر، فمن يدفع ثمن هذا التأخير”؟
ولكي يقتنع الجمهور الإيراني بأن الوفد الإيراني الجديد برئاسة علي باقري قد اتخذ خطوات جديدة وأفضل، لا بد من الإفراج عن بعض اموال إيران حتى تتمكن الحكومة الإيرانية الحالية من المناورة في الداخل حول اتفاق فيينا المرتقب. كما أن قطر ابدت استعدادها لحل المشاكل المصرفية المتعلقة بنقل الاموال الإيرانية، “فإذا أثمرت جهود قطر سنكون أمام خطوة كبيرة جداً”، على حد تعبير المصادر الإيرانية.
هذه بعض القضايا التي يجب على الوفود المفاوضة الإيرانية والأميركية “اتخاذ قرارات سياسية” بشأنها في عواصمها.
وبين مطلب تحرير السجناء وتحرير الأموال، يبدو واضحاً أن الحكومتين الأميركية والإيرانية تواجهان مشاكل داخلية تتعلق بالعودة إلى الاتفاق النووي، وهذا ليس بالأمر السهل، بدليل أن هاتين الخطوتين تريد لهما قطر أن تكونا بمثابة الورقة الرابحة لإيران والولايات المتحدة أمام الرأي العام هنا وهناك.
تريد إيران للمبادرة القطرية أن تبصر النور قبل 20 آذار/ مارس 2022 (21 آذار/ مارس، اليوم الأول من العام الإيراني الجديد 1401) حتى تظهر الآثار الاقتصادية للمفاوضات أمام الإيرانيين، وبالمقابل، يريد الأميركيون تحرير السجناء قبل أشهر من موعد الإنتخابات النصفية.