جولة ثانية من مفاوضات الدوحة.. والآمال ضئيلة

لا جولة جديدة من المفاوضات النووية في فيينا إلا في حال تحقيق تقدم في المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في الدوحة.

لم تخرج جولة المفاوضات الأولى في الدوحة بالنتائج المرجوة، فقد اتهمت الولايات المتحدة إيران بإثارة قضايا لا علاقة لها بالاتفاق النووي وردّت طهران قائلة إنها لا يمكن أن تُبرم إتفاقاً في ظل القرارات التي تُصدرها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضدها وفي الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى تشكيل حلف في مواجهتها.. بهذا المعنى، اقتصرت مفاوضات الدوحة على جس النبض، ما يعني أن هناك حاجة متبادلة لرأب الصدع بين الطرفين وقد تكون الجولة الثانية محورية في تحديد ما إذا كانت العودة إلى الاتفاق النووي ممكنة أم لا.

ولعل زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة وإخفاقها في اتخاذ خطوات حقيقية ضد الجمهورية الإسلامية، قد تكون عنصراً مساعداً في الدفع من أجل إستئناف مفاوضات الدوحة، فقد نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤول أمريكي رفيع أن هناك فرصة جديدة لاستئناف المفاوضات غیر المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بوساطة أوروبية.

وفيما يرى معلقون إيرانيون أنه لا بد من اتخاذ قرارات سياسية وإلا فستكون الجولة المقبلة كسابقاتها، يُعبّر رودني شكسبير، وهو خبير استراتيجي بريطاني، عن نظرته التشاؤمية حيال مستقبل المفاوضات، ويقول في حوار أجريته معه بهذا الشأن بأنه “لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة في أي اتفاق، إلا إذا دفعت تعويضات عن الأضرار التي لحقت بإيران بسبب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018 ومن ثم إعتذارها للجمهورية الإسلامية عن عملية اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الفريق قاسم سليماني، حينئذ ربما تثق بها طهران وتمضي معها قُدما في الاتفاق النووي، وغير ذلك فإنني أعتقد بانهيار هذا الاتفاق بسبب انعدام ثقة الجانب الإيراني بالولايات المتحدة وهنا تكمن العقدة”.

ثمة من يرى أن خطوات طهران التصعيدية والأوضاع الإقليمية ستضطر الأمريكيين إلى العودة للمفاوضات في قطر

إضافة إلى ما قاله رودني شكسبير، فإن هناك أيضا مسألة شطب اسم الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأمريكية، إذ يرى الإيرانيون أن هذا الملف هو جزء من الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب عام 2018 فيما يرى الأمريكيون أن ملف الحرس الثوري خارج الاتفاق ويجب على طهران أن تقدم شيئاً في المقابل أو أن تفتح الباب موارباً لبدء حوارات حول دورها الإقليمي.

 وقد تناقلت وسائل إعلامية إيرانية خبرا يقول إن إيران تراجعت عن طلب شطب الحرس الثوري من القائمة الأمريكية السوداء شريطة حصولها على ضمانات تحقق لها العوائد الاقتصادية المرجوة. كما تسربت أنباء عن مطالبة إيرانية بمنح إعفاءات للدول التي تريد شراء النفط والغاز الإيرانيين وهذا ما حصلت عليه إيطاليا واليونان في عهد الرئيس الأمريكي السابق.

كما يمكن القول إن أحد أسباب توقف المفاوضات هو أن إيران تريد غلق ملف أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول برنامجها النووي على غرار غلق ملف الـ PMD عام 2015 الذي تم بقرار سياسي أمريكي آنذاك ولكن الحرب القائمة في أوكرانيا عقّدت الأمور حيث إن الإوروبيين اتهموا روسيا بعرقلة المفاوضات النووية مع طهران لأن الاتفاق معها سيمكنهم من الحصول على نفطها وغازها بدلا من النفط والغاز الروسيين غافلين عن أن إيران في حال تم الاتفاق ستمنح الحصة الكبرى من طاقتها إلى دول غير أوروبية بما لا يقلل من تأثير سلاح الطاقة الروسي ضد أوروبا هذا بالإضافة إلى التحاق إيران بالاتحاد الأوراسي، الأمر الذي يجعل الاتفاق مع الغرب أمرا ثانويا لدى طهران.

وفي السياق، سألت أيضا مارك غلين الخبير بقضايا الشرق الأوسط من ولاية إيداهو الأمريكية عن أبرز أسباب عدم الوصول إلى اتفاق حتى اللحظة فأجابني أن هناك مثلا قديما منذ أيام الإمبراطورية الرومانية يقول: “كل الطرق تؤدي إلى روما” وذلك بسبب توسعها واتساع مصالحها الكبيرة آنذاك، أما في وقتنا الراهن، فيجب القول إن كل الطرق تؤدي إلى القدس وكلها دون استثناء سيئة. وبالرغم من أن إسرائيل لا تظهر بالاسم خلال المفاوضات بين إيران ومجموعة ٤+١ إلا أنها تدير الأحداث برمتها من وراء الستار وهي لا تخفي رغبتها في أن ترى إيران مدمرة كما حدث لليبيا والعراق وسوريا. فمهما يخرج من هذه المفاوضات يجب أن يصب في صالح إسرائيل وما تريده الدولة اليهودية من أجل التحضير للعمليات العسكرية ضدها في المستقبل..

يعتقد كثيرون بأن إدارة جو بايدن وضعت ضمن أجندتها أولوية العودة للاتفاق النووي الإيراني برغم خروج روبرت مالي ممثل الولايات المتحدة الخاص لايران عن دائرة التأثير حاله حال الدول الأوروبية إلا أن الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة وضعت بايدن في موقف حرج فكلما أعطى وعودا لطهران أرادت منه المزيد قائلة إن هذه الوعود جاءت لدوافع انتخابية.

إقرأ على موقع 180  من العراق إلى أوكرانيا.. الحقيقة هي الضحية

إن رفع نشاط إيران النووي من خلال استحداث منشآت جديدة وزيادة الانتاج ونسب التخصيب يعني أن طهران تستطيع خلال اسابيع تحويل اليورانيوم من ستين درجة إلى تسعين ما يزيد الطين بلة بالنسبة لحكومة بايدن وثمة من يرى أن خطوات طهران التصعيدية والأوضاع الإقليمية ستضطر الأمريكيين إلى العودة للمفاوضات في قطر.

Print Friendly, PDF & Email
مجتبى علي حيدري

باحث في الشؤون الإيرانية، إيران

Download WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
free online course
إقرأ على موقع 180  هل تنجح قمة الرياض بتحقيق المصالحة السعودية – القطرية؟