إياكم “الخبز المقدس”.. سيهدم عُروشكم!

منذ اكتشاف القمح وتحويله اصلاً غذائياً في تاريخ غير معروف، غدا مرادفاً للحياة، وبات فقدانه رمزاً للجوع، والناظر إلى كيفية تكريم الأديان للخبز والقمح، وإلى كونهما المادة الأكثر خصوبة التي أمدت العقل البشري في رحلته الباحثة عن العدالة الإجتماعية، بالأفكار والفن والأدب، من شأنه أن يسأل: أية سياسة يتحدث عنها السياسيون حين تفقد الشعوب لقمة الخبز أو تُهان وتُقهر في سبيل الحصول على رغيف؟

تقديس الخبز

في ”سفر التكوين” في التوراة قال الله لآدم ”بعرق جبينك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض، لأنك منها أُخذت، فأنت تراب وإلى التراب تعود” ولما بارك النبي إسحق إبنه يعقوب قال ”يعطيك الله من ندى السماء ومن خصوبة الأرض فيضاً من الحنطة”، وفي قصة النبي يوسف كما ترويها التوراة، ولا تعارضها المسيحية والإسلام أن النبي يوسف أشار إلى فرعون مصر بالإحتراز من سنوات عجاف تعقب سنوات سمان، وبذلك أنقذ يوسف المصريين من جوع وهلاك عظيمين ”وأثمرت الأرض في سبع سنين خيرا كثيرا، فجمع يوسف كل غلال السنين السبع، وخزنها طعاما في المدن، فكان ما جمعه من القمح يعادل رمل البحر”.

وحين شكا قوم النبي موسى من الجوع وكادوا يهلكون، قال الله لموسى ”الآن امطر لكم خبزا من السماء”.

في هذه الأسفار، ما يدل إلى الرابط الوثيق بين الخبز والحياة، وبين القمح والإنسان، وبين الصلة بين الخبز منذ بداية الخليقة الأولى وبين استمرار الجنس البشري، فالعمل لأجل كسب الخبز هو عنوان دورة الحياة ”حتى تعود إلى التراب”، كما قالت التوراة.

لا تخرج المسيحية عن هذا السياق، فهي ترفع مكانة الخبز إلى مصاف القداسة وتقرنه بجسد السيد المسيح، ففي ”العشاء الأخير” كما يقص إنجيل مرقس ”وبينما هم يأكلون، أخذ يسوع خبزا وباركه وكسره وناول تلاميذه وقال: هذا جسدي فكلوه”.

يأتي ”العهد الجديد” على ذكر الخبز في ثلاثة عشر موضعا، ويتحدث انجيل متى عن معجزة الخبز ”واجتمع الرسل عند يسوع، وكان كثير من الناس يروحون ويجيئون، فلا يتركون لهم فرصة ليأكلوا، فقال لهم يسوع تعالوا وحدكم إلى مكان مقفر، فرآهم الناس ذاهبين، فأشفق عليهم، لأنهم كانوا مثل غنم لا راعي لها، وأخذ يعلمهم أشياء، ودنا منه تلاميذه وقالوا فات الوقت، قل للناس أن ينصرفوا ليشتروا ما يأكلون، فقال يسوع كم رغيف لديكم، قالوا له خمسة أرغفة وسمكتان، فأمرهم ان يُقعدوا الناس جماعة جماعة، وأخذ يسوع الأرغفة والسمكتين ونظر إلى السماء، وبارك وكسر الأرغفة، وناول تلاميذه ليوزعوها على الناس، فأكلوا حتى شبعوا، وكان من الذين أكلوا من الأرغفة خمسة آلاف رجل”.

في الصلاة المسيحية المعروفة، يقول المصلون:

أبانا الذي في السموات/ ليتقدس إسمك/ ليأت ملكوتك/ لتكن مشيئتك في الأرض كما في السماء/ اعطنا خبزنا كفاف يومنا/ واغفر لنا ذنوبنا كما غفرنا نحن للمذنبين. 

في القرآن الكريم، يرد إسم الخبز في سور وآيات عدة، منها ”مَثَلُ الذين يُنفقون أموالَهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة” كما في ”سورة البقرة”، وفي سورة يوسف ”وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه”، وفي السورة نفسها ”وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سمان يأكلهن سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ”، وأيضا ”قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا”.

يفسر إبن منظور في ”لسان العرب” معنى السنبلة ” فالسُنبل معروف، وجمعه السنابل، واحدته سنبلة، وسنبل الزرع إذا خرج سنبله، وسنابل الزرع من البُر والشعير والذرة” وعند إبن منظور أن ”القمح: البُر حين يجري الدقيق في السنبل، وقد أقمح السنبل إذا جرى الدقيق في السنبل، وقد أقمح البر أنضج ونضج، والقمح لغة شامية”.

صلاة الخبز

كل المُفسرين المسلمين للقرآن الكريم يتوقفون عند الربط المحكم بين إنفاق الأموال في سبيل الله والأجر الرحماني العظيم الذي يعود على المنفقين أضعافا مضاعفة مثل حبات السنابل، وفي ذلك آيات بينات إلى موقع الخبز كأصل غذائي عند خالق الأكوان، ولذلك رُوي عن النبي محمد قوله ”أكرموا الخبز، فإن الله تعالى أكرمه” و”من أكرم الخبز أكرمه الله”، و”من كان عنده خبز فليبعث إلى أخيه”، وعن الإمام علي بن أبي طالب ”أكرموا الخبز، فإن الله أنزله من بركات السماء وأخرجه من بركات الأرض”.

لا يقتصر تقديس الخبز او إكرامه على الديانات التوحيدية، ففي ”كتاب الموتى” الفرعوني، الذي ترجمه والس بدج عن اللغة الهيروغليفية وعرًبه فيليب عطية لـ”مكتبة مدبولي” في القاهرة أن على الشخص المتوفي، وبعدما يعبر بنجاح مجلس الآلهة المزودجة ـ ماعت ـ أن يقول التالي:

 إني اعيش في العدل والحق/ وأطعم قلبي من العدل والحق/ لقد ارضيت الإله ونفذت مشيئته/ أعطيت الخبز للجوعى والماء للعطاشى.

للباحث في الآثار الفرعونية محرم كمال كتاب صادر عن ”الهيئة المصرية العامة للكتاب” بعنوان ”الحكم والأمثال والنصائح عند المصريين القدماء” يعرض فيه وصية الفرعون ”مري كارع” لإبنه، يقول نصها ”على الرجل أن يُصلح روحه، بإقامة الشعائر الدينية، وزيارة المعبد والدخول في قدس الأقداس وأكل الخبز في المعبد”.

وفي الجزء الأول من ”تاريخ الحضارة المصرية” الذي كانت أصدرته وزارة الثقافة والإرشاد القومي خلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر، تظهر بجلاء ”صلاة الخبز” التي كان المصريون القدماء يتلونها لنهر النيل الذي كان أحد آلهتهم، وكانوا يبتهلون له قائلين:

الحمد لك يا نيل/ يا من تخرج من الأرض لتغذي مصر/ هو مدبر إله القمح/ هو الذي يخلق القمح.

وفي ملحمة جلجامش العراقية الشهيرة، والتي تدور في بعض جوانبها حول كيفية تحويل ”أنكيدو” إلى فرد كسائر البشر، فيأكل مثلهم، تقدم الملحمة هذا المشهد:

وضعوا أمامه طعاما، فارتبك ونفر منه/ أخذ ينظر إليه ويحدق فيه/ فأنكيدو لا يعرف كيف يؤكل الخبز/ فتحت المرأة فمها وقالت لأنكيدو: كُل الخبز يا أنكيدو، فهو زاد الحياة.

لا أحد أرّخ للخبز وأصاب، إذ لا نقطة بداية، ولذلك قال الفيلسوف اليوناني فيثاغورس في القرن السادس قبل الميلاد ”الكون يبدأ مع الخبز”.

 حين يغور الخبز في عمق التاريخ، للمرء أن يتخيل تأثيره على الثقافات البشرية واجناسها كافة، ففي مصر حين يسمون الخبز عيشا، فهم يعنون ان الخبز هو الحياة، وحين يصار إلى توزيع الخبز عن أرواح الأموات في مختلف الأزمنة والأمكنة، فالأمر يعني التكفير عن ذنوب الحياة الدنيا لأجل كسب الغفران في الحياة الآخرة، أو للفوز بشفاعة الأطهار والأولياء الصالحين في دار البقاء، وفي الأمرين صدقات الخبز في الأرض لنيل حياة رغيدة في العالم الآخر، وبصورة يتحول فيها الخبز جسرا بين حياتين.

الخبز والأم

الخبز في الحياة الدنيا لصيق بالأم ورديف بالأرض، ويندر أن عربيا لم يسمع قصيدة محمود درويش ”أحن إلى خبز أمي”، والأم في هذه القصيدة المغناة ليست الأم العضوية فحسب، هي فلسطين الأرض والوطن، وأما الخبز فهو الخبز المفقود الذي سرقه المحتلون من أصحاب الأرض الأصليين.

وعلاقة الخبز بالأم، تتشعب إلى ما يشمل تفاصيل الحياة بأفراحها وأتراحها، تقول ”الدلعونة” اللبنانية:

خبزك يا أمي بيشفيلي قلبي/ كله حنية وعطف ومحبي 

اللقمة من إيدك باركها ربي/ شفا لروحي وأطيب ما يكونا.

ليس بالضرورة أن يغني المغنون أو ينظم الشعراء للخبز المقرون بالأم، بل قد يكون الخبز مادة للحب والغرام بين الذكور والإناث، ومن علامات ذلك اغنية المطربة اللبنانية فيروز ”ع الطاحوني شفتك عن الطاحوني/ وجرّحوني عيونك جرّحوني”، أو ما يغنيه كبير المطربين العراقيين ناظم الغزالي في أغنية “أم العيون السود”. ففي احد المقاطع يُردد ”ومن ورا التنور تناوشني الرغيف/ يا رغيف الحلوة يكفيني سنة”.

إقرأ على موقع 180  كواليس اغتيال القرشيّ: استثمار تركي.. ورد أميركي!

وإذا كانت ثنائية الخبز والأم ـ الأرض تأخذ بعدها الدلالي والرمزي في قصيدة محمود درويش، فثنائية الذكر/ الأنثى تستمد عناصرها من واقعية الإنجذاب بين الجنسين كما في اغنيتي فيروز وناظم الغزالي، إلا أن السوري محمد الماغوط يذهب إلى رباعية تجمع بين الخبز والورد والوطن والعشق، حين يقول:

مذ كانت رائحة الخبز شهية كالورد/ كرائحة الأوطان على ثياب المسافرين/ وأنا اسرح شعري كل صباح وأرتدي اجمل ثيابي/ وأهرع كالعاشق في موعده الأول.

وإلى هذه العناصر المقرونة بالخبز، الأم والوطن والحب، فالخبز أيضا عنوان الوفاء والتسامح ونبذ الكراهية، ولذلك يقال ”بيننا خبز وملح”، بمعنى لا عداءات ولا خصومات بين الأفراد، وأما إذا أخذ الغدر مجراه، فيقال للغدار ولقليل الوفاء ”لم يحفظ الخبز والملح”، وفي العراق يقولون ”ما غزُر بيهم الخبز والملح” أي لم يحفظوا الود والعشرة.

موطن الخبز

اين موطن الخبز الأول؟ لا احد يجزم، لكن ثمة ترجيحات حائرة بين مصر وبلاد الشام، وبدرجة أقل بلاد الأناضول أو غرب إيران، وقد يكون قول فيثاغورس ”الخبز يبدأ مع الكون” فيه من السلامة والسوية ما يقي من اعوجاج المغامرة والمجازفة، ومع ذلك، لا ضرر من عرض ما أفاد به المجتهدون، علماً أن رائدي التأريخ في القرن العشرين، ويل ديورانت وأرنولد توينبي لم يحسما نقطة الإنطلاق التاريخي لزراعة القمح وتصنيع الخبز.

– في كتاب ”تاريخ الحضارة المصرية” لنخبة من المختصين المصريين أن ”القمح اكتُشفت حبوبه بين آثار العصر الحجري الحديث في مصر السفلى والعليا عل حد سواء، وكذلك بين الآثار المعاصرة في جنوب غرب آسيا، ولكن الأرجح أن يكون وطنه الأصلي غرب آسيا وجنوبها الغربي، وقد وُجدت بعض انواعه في جبال إيران والأناضول ومنطقة حوران في جنوب سوريا، ويتجه الرأي بين الباحثين إلى ترجيح انتشار زراعته من هناك إلى وادي النيل الأدنى في العصرالحجري الحديث”، أي بين خمسة آلاف وستة آلاف سنة، كما أن كبير علماء الآثار في مصر سليم حسن لا يشير في عمله الضخم ”موسوعة مصر القديمة” إلى أن مصر كانت مهد زراعة القمح وإنتاج الرغيف.

– في العراق، يقول العلامة طه باقر في الجزء الأول من ”مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة” إن ”الحبوب الرئيسية في العراق القديم كانت كما هي في الزمن الحاضر، ويأتي على رأسها الحنطة والشعير، وأصلهما من الشرق الأدنى”، ولو كان أصل القمح من العراق، لأفصح طه باقر عن ذلك، وكانت تبعته أيضا مجموعة الباحثين العراقيين الذين أسهموا في تأليف ”موسوعة حضارة العراق” الصادرة عام 1985 في بغداد، ذلك أنه أكثر من مرة ترد الإشارة إلى الشرق الأدنى كمنشأ لزراعة القمح.

– في مدينة روما، هناك طائفة خاصة بالخبازين، أفرادهم هم الوحيدون الأحرار من بين أصحاب المهن والحرف، فالباقون عبيد، ولم يكن مسموحا لأحد من الخبازين الإنتقال إلى مهنة اخرى.

– في بريطانيا، ثار الناس على الملك جون نتيجة فرض الضرائب على الطحين لتغطية أعباء المشاركة في الحروب الصليبية، ولإستيعاب الأمر، سنً قانونا بتحديد سعر الرغيف وتقييد نسبة الأرباح.

– في فرنسا، لا يُخفى على عارف، أن أحد أسباب اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789، يعود إلى سياسة الضرائب على الطحين والخبز، التي لجأ إليها الملك لويس السادس عشر للتعويض عن الخسائر المالية التي تلحق بالخزانة العامة جراء مشاركة الجيوش الفرنسية في حرب الإستقلال الأميركية عن انكلترا، وحين قيل للملك ”إياك والخبز” أصم أذنيه، فسقط عن العرش.

كوارث الخبز

وثمة بحث في مجلة ”المعرفة” السورية (آذار/مارس 2019) يعتبر أن ”منطقة الهلال الخصيب شهدت أولى محاولات تدجين الحبوب، ويعكس تبجيل سكان المشرق العربي القديم للإله دجن المرتبط بالقمح والغلال، تقديرهم الكبير للحبوب والقمح، وفي أوغاريت يرد ذكر الخبز مرارا في النصوص التي تتضمن قوائم بالمواد المقدمة للآلهة، وهناك نص يُذكر فيه تقديم الخبز للإلهين سحر وسالم، وفي إيمار كان الخبز أهم المواد التي قُدمت بمختلف الإحتفالات ومنها احتفال كاهنة معبد بعل”.

وبالنظر إلى ارتباط الخبز بالحياة وأصل الغذاء، شرعت الدول منذ فجر التاريخ إلى توفير الخبز وضبط وزنه وتحديد سعره ومراقبة جودته، وعلى ما يقول العلامة المصري سليم حسن إن المدونات المصرية القديمة تحفظ مرسوما وقعه الفرعون بيبي الأول ينص على تشكيل جهاز خاص لإدارة الخبز، (“الهلال” القاهرية، شباط/فبراير 1935) كان الخبازون ”الذين يبيعون خبزا مغشوشا أو ناقص الوزن يعاقبون عقابا فظيعا ـ فالبائع الغشاش ـ  كانت تُسمر أذناه في باب دكانه” وفي مدينة أثينا اليونانية “كان يتم اختيار الخبازين طبقا لقواعد وشروط خاصة، وكان على كل منهم ان يضع قفازين في يديه وقناعا على فمه وأنفه” (“الهلال” ـ نيسان/ابريل 1959).

عديدة هي الأسباب التي تقف وراء كوارث العالم العربي في هذه الآونة، منها ما يتصل حتما بالخبز، فمصر عرفت ”ثورة الخبز” عام 1977، وتونس عرفتها عام 1983 ثم عام 1986، ولا تبتعد انتفاضات 2011 في بعض مسبباتها وبواعثها عن معاناة فئات شعبية واسعة من الحصول على الخبز إلا بعد مشقة وهوان.

أخيراً؛ هذه قصة من عهد الفراعنة يرويها العلامة سليم حسن في الجزء الثاني من موسوعته ”مصر القديمة”:

في عام 2500 قبل الميلاد، وقعت ثورة اجتماعية كبرى في مصر الفرعونية، قيل إن سببها الخبز ”فثار عامة الناس، وعصى الجنود قادة البلاد، وضرب الإنحلال الحُكم، وشحبت الوجوه وكثر اللصوص، وفقد الناس الثقة بالأمن، ولم يعد هناك رجال محترمون، وأصبح اللص صاحب ثروة، ونُهبت الإدارات العامة، وأصبح من كان يجهل الضرب على العود يملك قيثارا، وأصبح الرجل الأحمق يشك في وجود الإله، لكن الملك الطاعن في السن، كان يعيش بطمأنينة في قصره، لأنه كان يُغذى بالأكاذيب”.

من يُصدق الملك بالخبر اليقين؟

من يُنبىء السلطان بالنبأ المبين؟

من يُبلغ الأمير بالأمر العظيم؟

من يقف على باب الوالي كي يقول ”الحق الحق اقول لكم”؟

Print Friendly, PDF & Email
Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
free online course
إقرأ على موقع 180  "الإمبريالية الجديدة".. الآلة الذكية تستهلكنا أم نستهلكها؟