نظرة إسرائيلية للفراغ الرئاسي.. لا حرب ولا إخلال بالترسيم البحري!

Avatar18016/11/2022
نشر موقع "مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" تقريراً إستعراضياً للباحثة أورنا مزراحي بعنوان "الفراغ السياسي في لبنان وتداعياته على إسرائيل"، خلص إلى أن لا مصلحة لحزب الله في خوض مواجهة مع إسرائيل بل الحفاظ على معادلة الردع القائمة وأن جميع الأطراف في لبنان صاحبة مصلحة في تطبيق إتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل. 

“في 31 تشرين الأول/أكتوبر، انتهت رسمياً ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون، وحتى الآن، لم يتم انتخاب بديل منه بسبب عدم وجود توافُق بين أفرقاء المنظومة السياسية اللبنانية على خليفته.

إنها ليست المرة الأولى التي يكون فيها لبنان من دون رئيس. الحالة الأبرز سابقاً كانت فترة العامين، بين انتهاء ولاية سلَف عون، ميشال سليمان، في أيار/مايو 2014، وبدء ولاية عون في تشرين الأول/أكتوبر 2016. لكن في الظروف الحالية، فإن غياب الرئيس يضاعف الصعوبات، وهذا بسبب الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان وهي الأصعب في تاريخه، والتي تزداد تأزماً؛ ولكون الحكومة الحالية هي أصلاً حكومة تصريف أعمال منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة في 15 أيار/مايو 2022، بسبب عدم قدرة الفرقاء السياسيين على الوصول إلى اتفاق على تشكيلة الحكومة الجديدة.

في الخطاب الذي ألقاه عون عشية نهاية ولايته، كان من الواضح أنه يطمح إلى ترك إرث إيجابي، مع التشديد على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وتحميل منافسيه السياسيين مسؤولية الوضع الصعب الذي يعيشه لبنان. هاجم عون الزعامات وأعضاء النظام القضائي لأنهم يقومون فقط بخدمة مصالحهم الشخصية وليس مصلحة الشعب اللبناني، كما طالب بمحاربة الفساد الذي خلّف وراءه دولة منهوبة. يبدو أن جهود عون لن تساعد كثيراً على تغيير الرأي العام اللبناني بشأن دوره في انهيار لبنان وعدم قيامه بالدفع بأيّ حلول، وضمنها عدم محاكمة المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت (آب/أغسطس 2020). هذا بالإضافة إلى المشاعر القاسية لدى الجمهور اللبناني بشأن “الشرعية” التي منحها عون لـ”حزب الله” الذي عزز قوته العسكرية والسياسية خلال ولاية عون وتحول إلى جهة مركزية ومؤثرة في النظام السياسي اللبناني.

بحسب الدستور اللبناني، بغياب الرئيس، تتحول صلاحياته بصورة محدودة إلى الحكومة. درجت العادة حتى الآن أنه بغياب الرئيس، يتم اتخاذ القرارات بالإجماع داخل الحكومة فقط. وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك خلافاً بشأن حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، ما إذا كانت تستطيع تولّي المسؤولية، في وقت لم تحصل على ثقة الرئيس ومجلس النواب. الرئيس اللبناني السابق ساهم في هذه الفوضى السياسية أيضاً، حين وقّع قرار قبول استقالة حكومة تصريف الأعمال قبل تركه المنصب بيوم واحد، لمصلحته الشخصية ومصلحة حزبه في إضعاف ميقاتي، الذي لم ينجح في أن يتوصل معه إلى اتفاق بخصوص تأليف الحكومة الجديدة. ميقاتي نفسه رفض خطوة عون، وهو مستمر في تولّي منصبه، وحتى أنه يتمتع بدعم أغلبية الأحزاب، باستثناء الحزب المسيحي “التيار الوطني الحر”، التابع لعون وصهره جبران باسيل. الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أيضاً أرسل رساله مفادها أنه لا يرغب في مقاطعة الحكومة الموقتة، لكنه شدد على أن الحكومة لا تستطيع اتخاذ قرارات مهمة، أو أحادية، وعليها أن تجتمع فقط في حالات استثنائية. وبتطرُّقه إلى الانتقادات الموجهة إليه، طالب ميقاتي البرلمان في 10 تشرين الثاني/نوفمبر بالعمل بسرعة لانتخاب رئيس، كما أعلن أن الحكومة ستقوم بالتزاماتها بحسب القانون، ولا نية لديها لأخذ صلاحيات ليست لها، في وقت تخشى أطراف من منع انتخاب رئيس جديد.

اختيار الرئيس هو من مسؤولية البرلمان، لكن تركيبته الحالية تجعل الوصول إلى اتفاق صعباً. معسكر “حزب الله” (8 آذار)، الذي ضعف في الانتخابات الأخيرة، ليس لديه الأغلبية المطلوبة لاختيار رئيس. لدى المعسكر فقط 60 مقعداً في البرلمان، في الوقت الذي يجب أن يكون هناك أغلبية ثلثين (86 من أصل 128 عضو برلمان في الجولة الأولى، وأغلبية عادية (65) في الجولة الثانية، إذا تمت في الجلسة نفسها). وفي المقابل، المعارضة منقسمة كثيراً، وتتضمن معسكرين مركزيين: الأول – بقايا معسكر “14 آذار”، الذي يعارض “حزب الله” كما يقف ضد المحافظة على إرث عون؛ والثاني- معسكر التغيير، الذي يشمل أحزاباً صغيرة مستقلة لا تنتمي إلى أيٍّ من المعسكرات التقليدية.

هل سيختار “حزب الله” العمل ضد إسرائيل، بهدف توسيع دائرة الدعم له وتقوية مكانته كـ”حارس لبنان”، وهو لا يزال يمتطي موجة نجاحه (كما يرى هو الأمور) بأنه دفع إسرائيل إلى التنازل في المفاوضات على ترسيم الحدود البرية بينها وبين لبنان؟ في هذه المرحلة، يبدو أن الاحتمال الأكبر هو المحافظة على معادلة الردع القائمة

حتى الآن، عُقدت 5 اجتماعات برلمانية لاختيار رئيس (بين 20 تشرين الأول/أكتوبر و10 تشرين الثاني/نوفمبر) من دون حسم (ويجب الإشارة إلى أن ميشال عون انتُخب بعد 45 جلسة). المرشح الأساسي حتى الآن هو ميشال معوض (نجل الرئيس السابق رينيه معوض)، التابع لمعسكر معارضي “حزب الله”، وبحسب التنظيم، هو مدعوم من الولايات المتحدة. خلال الجلسة الخامسة، حاز معوض دعم 44 عضو برلمان فقط من معارضي “حزب الله”. أعضاء “معسكر التغيير”، الذين يرون فيه أحد رموز القيادة القديمة، لم يدعموه. وفي كل الأحوال، لدى “حزب الله” القدرة على تشكيل جسم مانع في البرلمان، وهناك شكوك كثيرة في قدرة المعارضة المقسمة على الاتفاق لاختيار رئيس يتحدى التنظيم.

إقرأ على موقع 180  عودةُ ترامب.. اشتدّي أزمةُ تنْفرِجِيْ!

معسكر “حزب الله”، الذي يتضمن “أمل” و”التيار الوطني الحر”، لم يقرر بعد طرح مرشحه بسبب الخلافات الداخلية، وممثلوه عملوا على إفشال الجلسات حتى الآن بالتصويت بأوراق بيضاء، والتغيب عن الجلسات في الجولة الثانية، بهدف منع اكتمال النصاب. يبدو أن قيادة المعسكر تريد أن تقرر أولاً الاتفاق على مرشح والعمل على تحقيق انتخابه قبل طرح اسمه في البرلمان. الخلافات الأساسية بين الأحزاب الشيعية، حزب الله وأمل، وبين الشريك المسيحي “التيار الوطني الحر”، أن لدى الأحزاب الشيعية مرشحها، سليمان فرنجية الابن، من داخل معسكر “حزب الله”، ومقرّب من الرئيس بشار الأسد، ويدعمه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. التحدي الأساسي لدى “حزب الله” هو إقناع صهر عون، جبران باسيل، الذي يترأس الحزب ويريد المنصب لنفسه، بدعم المرشح. حظوظ باسيل ضئيلة جداً في انتخابه رئيساً، بسبب صورته السيئة في أوساط الجمهور اللبناني، وبسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليه بسبب علاقاته مع “حزب الله”. لذلك، تتهم جهات في “حزب الله” الولايات المتحدة والسعودية بإفشال انتخاب رئيس جديد. ففي خطابه (11 تشرين الثاني/نوفمبر)، صرّح نصرالله بأن لبنان بحاجة إلى رئيس كشخصية عون، الذي دعم حزب الله ولا يخاف من الموقف الأميركي، ولا يمكن شراؤه بالفساد، في الوقت الذي يطالب المرشحون الآخرون بتفكيك سلاح التنظيم.

من خلال هذه الصورة، يبدو أن تركيبة البرلمان الحالية بين المعسكرات وفي داخلها يمكن أن تؤدي إلى شلّ النظام السياسي اللبناني لوقت طويل. صحيح أن اختيار الرئيس لن يحل مشاكل لبنان الصعبة، لكن هذا السيناريو، إذا حدث، فسيجمّد اتخاذ القرارات في الدولة كلياً. الشلل السياسي سيزيد في الصعوبات على الطريق الطويل المتوقع لتحسين ظروف لبنان، ويمنع الدفع قدماً بتغييرات اشترطها “صندوق النقد الدولي” للحصول على المساعدات الغربية. يبدو أن الطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو الاتفاق بين المعسكرات على مرشح للرئاسة يحصل على الدعم اللازم، بحسب الدستور. المرشح الأساسي الذي طُرح اسمه هو قائد الجيش جوزف عون، الذي على الرغم من أن مواقفه السياسية غير معروفة، فإنه معروف بعلاقته البراغماتية بحزب الله، لكنه لا يزال ينكر حتى الآن أيّ رغبة في الترشح للرئاسة.

بالنسبة إلى إسرائيل التي لها مصلحة في الاستقرار الداخلي اللبناني، من الممكن أن يكون للفراغ السياسي في لبنان تداعياته في مجالين بالأساس:

المواجهة مع “حزب الله”: السؤال نفسه لا يزال يُطرح مع ازدياد الفوضى، هل سيختار “حزب الله” العمل ضد إسرائيل، بهدف توسيع دائرة الدعم له وتقوية مكانته كـ”حارس لبنان”، وهو لا يزال يمتطي موجة نجاحه (كما يرى هو الأمور) بأنه دفع إسرائيل إلى التنازل في المفاوضات على ترسيم الحدود البرية بينها وبين لبنان؟ في هذه المرحلة، يبدو أن الاحتمال الأكبر هو المحافظة على معادلة الردع القائمة، لأن انشغاله بالمشاكل الداخلية للبنان وارتفاع حدة الانتقادات الداخلية الموجهة إليه هي عوامل كابحة لنشاطه ضد إسرائيل.

تطبيق اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل: في حال كان على لبنان اتخاذ قرار في الموضوع، فمن غير الواضح مَن هو المخوّل اتخاذه. وعلى الرغم من ذلك، بسبب المصلحة في الحفاظ على الاتفاق، وهي تمثل قاسماً مشتركاً بين كافة الأطراف المركزية (رئيس البرلمان نبيه بري؛ رئيس الحكومة الانتقالية نجيب ميقاتي؛ وحتى حزب الله)، يبدو أنهم سينجحون في حلّ المشاكل وضمان تطبيقه، على أمل أن تعترف الحكومة الجديدة في إسرائيل بحسنات الاتفاق، وبالمخاطر الناجمة عن الانسحاب على إسرائيل، ولا توقفه”. (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية).

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  الأمن السيبراني من الموصل.. إلى البيت الأبيض!