الفراغ الرئاسي Archives - 180Post

سلايدر-2.jpg

بعد ثورة 2011، التي كانت ثورة عربية شاملة، شدّدت الأنظمة العربية القبضة على شعوبها، واحتاجت لمن يحميها من غضبها، فكان التطبيع حركة شملت عدة أقطار عربية، إضافة الى الدولتين اللتين كانتا وقعتا اتفاقات صلح. اعتبرت الدول العربية، وهماً أو غير ذلك، أن إيران خطراً عليها. فهي، أي هذه الدول، تتعرض لتهديد من الداخل والخارج ولم تعد حماية الامبراطورية الأميركية متوفرة سوى عبر إسرائيل. وقد عبّر الأميركيون عن ذلك بما سمي "صفقة القرن"، وهي صفقة حماية الأنظمة العربية ولو عبر قضية لها في الوجدان العربي ما ليس لغيرها.

photo_2023-01-21_17-45-32-2.jpg

بكل بساطة، كي لا تكون هناك دولة تُحاسبهم.. فرطوا الدولة، وكي لا يكون هناك قضاء يُعاقبهم.. دمّروا القضاء، وكي ينهبوا ما تبقى من أموال الناس.. كرّسحوا المصارف وحموا ما بقي من هياكلها، وكي يحافظوا على سيطرتهم.. أمعنوا في التحريض الطائفي والمذهبي، فبلغت الانقسامات الطائفية والمذهبية حداً غير مسبوق؛ حافظوا على الأجهزة الأمنية والعسكرية ظناً منهم أن ذلك يُبقي على الاستقرار وسيطرتهم بالتالي.. وغيرُ خافٍ أن هذه الأجهزة لديها مناعة، أو بعضها على الأقل لأسباب مهنية.

أن يكون الفراغ في سدة الرئاسة الأولى سُنّةً، يصير وكأنه من تقاليد الحياة “السياسية” في لبنان، وأن يُصرّوا على التوافق بشروط مسبقة دون التفاوض والتصويت.. فيه إلغاء للسياسة، وهي بالأساس تفاوض مبدأها التسوية التي تُحسم بالتصويت. يريدون أن تكون الدولة فراغاً دستورياً لا ينتظم فيها المجتمع تلقائياً، بل يكونوا هم الذين يجمعون الناس بعد تفريقهم طائفياً وإنهاكهم مالياً وتجويعهم معيشياً، خاصة بعد ثورة 2019 التي رأوا فيها خطراً على سلطتهم. خلقوا الفراغ في الدولة ليكون وسيلة لحكم لبنان. أسلوب جديد في إدارة الدولة.

المشهد في لبنان الآن ثلاثي الأوجه: فريق المقاومة وفريق الثقافة المغايرة، وسفارة أميركية كبرى يشير حجمها الى أن المقصود بها المنطقة وليس فقط هذا البلد الصغير، فيؤول الأمر الى بضع رصاصات يطلقها من تدعي الأجهزة الأمنية أنها لا تعرفه، فهي غير معنية بصراع “يفوق” المهمات المكرسة هي من أجلها

ليس الأمر أن ليس في البلد دولة. الدولة الآن هي الفراغ. الحُكم بالفراغ هو ما تفتعله السلطة الحاكمة والمسؤولون عنها. لا شيء يمنع رئاسة المجلس النيابي من الدعوة لانتخابات رئاسية إلا لسبب التواطؤ الذي يكون مبدأه إما وجهة نظرنا أو لا أحد. يعتمد أصحاب هذا التواطؤ على أن جمهور اللبنانيين لن يستجيب لدعوات التحريض فيؤدي الأمر إلى الأسوأ، ومعروف ما هو الأسوأ، فيعتبر ذلك عجزاً عن المواجهة. ويتعالى أصحاب التواطؤ إمعاناً في احتقار شعبهم من مختلف الطبقات والطوائف والمذاهب. هم لا يُسيئون إلى البلد بخلق الفراغ وحسب، لكنهم يسيئون إلى أنفسهم، إذ وضعوا أنفسهم في قفص الإتهام. وما عاد خافياً على أحد هوية من يحكم لبنان أو من بيده السلطة، سلطة الحل والعقد. هل يُريد هؤلاء الإشارة الى أن العداء لإسرائيل ليس الأولوية، بل هي في مواجهة “الشيطان الأكبر”؟ وهذا يشمل الامبريالية الأميركية كما الثقافة المحلية التي لا تروق لهم. ولا مانع عند خصومهم من المواجهة الثقافية ما دامت لا تُكلّف الكثير إلا أنها تنم عن مكبوت الفيدرالية التي صارت ممارسة يومية بين ثقافتين.

ربما تأكد للنخب الحاكمة أن في ذلك فرادة لبنان واستثنائيته؛ عبقرية لا يجاريه فيها أحد على وجه الكرة الأرضية. المشهد في لبنان الآن ثلاثي الأوجه: فريق المقاومة وفريق الثقافة المغايرة، وسفارة أميركية كبرى يشير حجمها الى أن المقصود بها المنطقة وليس فقط هذا البلد الصغير، فيؤول الأمر الى بضع رصاصات يطلقها من تدعي الأجهزة الأمنية أنها لا تعرفه، فهي غير معنية بصراع “يفوق” المهمات المكرسة هي من أجلها. مسرح الفراغ شغّال، ويتعيّن عليها حمايته.

كل ما عدا ذلك من أحزاب وتجمعات نيابية وكتل نيابية وأقزام يروحون ويجيئون على المسرح، ما هم إلا “ديكور” يهدف إلى ضمان استمرار المسرحية ذات الأبطال الثلاثة المذكورين أعلاه. ليست المسرحية عبثية إذ أن نتائجها متوقعة، وما هو مزعوم أنه غير متوقع، يتقرر فيه مصير جمهور كبير من المشاهدين في صالة المسرحية من اللبنانيين وغير اللبنانيين، من أصحاب إخراج القيد ومن يفتقدونه حتى إشعار آخر.

ليس في لبنان مواطنون. هم جميعاً رعايا. إذ أن المواطن بالتعريف يُساهم في السلطة بطريقة أو بأخرى، عن طريق الإنتخابات، أو الأحزاب، أو التظاهر، أو ما يؤدي إليه تشكيل الرأي العام. فالمواطنية ملغاة بحكم إلغاء الدولة وتدمير السياسة وممارسة أو محاولة تطبيق مبدأ التوافق لا التسوية. والغرابة في لبنان هي الإصرار على مبدأ لا يمكن تطبيقه والعزوف عما هو متيسر ولوجه.

بين المشاهدين، النسبة بين من يملكون إخراج قيد والذين لا يملكونه متقاربة، وهم حتى الآن جمهور من المشاهدين، لكن وراء الأكمة ما وراءها.

القابضون على السلطة مطمئنون إلى أنه إذا حدث ما لا يريده أحد، وهو متوقع على كل حال، فإن لكل منهم طائفته التي يحتمي بها ويدفعها إلى تشكيل جماعة مغلقة. في أحسن الأحوال ستكون هناك فيدرالية بين الجماعات المغلقة سواء أكان لكل منها أرض متصلة أو لا يكون؛ لكن الاعتماد على “ثقافة” كل فريق طائفي؛ ولذلك الإصرار على مواجهة ثقافية حتى ولو تعلق الأمر بمنع كتاب أو تحريم فيلم سينما أو مقال صحفي، يزعم ذوو الحياء الثقافي أنه كان ذا أثر عليهم؛ على شعورهم الثقافي أو القومي.

مسرح الفراغ لا يدوم وأطراف الطبقة السياسية يعرفون ذلك. ليس في القانون الدولي فراغ. لا فراغ في السياسة. إن لم تملأه السلطة فإن الجماهير قادرة على ملئه وتعبئته كما لم يكن متوقعاً.

لم يأخذ أهل الحل والعقد أن الفراغ وإن أخلوه إلا أن الجمهور يستطيع أن يملأه. حينذاك سوف يقولون “لات ساعة مندم”.

photo_2023-02-19_17-03-04.jpg

في تاريخ الانتخابات الرئاسية اللبنانية تبلور مع الوقت ما صار بمثابة عرف، نتج عن حالات عديدة من الأزمات الرئاسية. عرف يتنكر لحصوله الكثيرون خاصة المستفيدين من حالات معينة، قوامه أن الرئيس ينتخب سياسيا في الخارج ثم يتم انتخابه قانونيا وفق ما نص عليه الدستور في الداخل (في المجلس النيابي).

676.jpg

بين نكران واقع يقول إن العنصر الخارجى طاغ ولو تغير اللاعبون، وبين الدعوة لتغيير هذا الواقع والإصرار على أن يكون انتخاب الرئيس «صنع لبنانى كليا» كما يجب أو يفترض أن تكون عليه الأمور من جهة وبين القدرية السياسية التى يسميها آخرون الواقعية السياسية، سواء كانوا من معارضيها أو مؤيديها، من جهة أخرى والتى تقول إن الرئيس يُصنع خارج لبنان ثم يجرى «تصديره» إلى لبنان وانتخابه فى البرلمان، يستمر الانتظار ويتكرس الفراغ الرئاسى.

سلايدر-6.jpg

هل من مُتغيرات استجدت على موقف فرنسا من أزمة الإستحقاق الرئاسي اللبناني، وما هي مقومات تصور باريس للخروج من هذه الأزمة المستعصية بعد مضي حوالي ستة أشهر على فترة الشغور في قصر بعبدا؟

photo_2023-04-18_17-56-13.jpg

للمرة الأولى منذ بدء مرحلة الفراغ الرئاسي قبل حوالي الستة أشهر، فتحت السعودية الأبواب أمام المسعى الديبلوماسي الفرنسي لتسويق سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، فيما إستمر إنسداد المساعي الفرنسية لإحداث "خرق ما" في جدار الإعتراض المسيحي اللبناني.

6012778877111352975_121.jpg

فى خضم معركة الانتخابات الرئاسية، وقد دخل الفراغ الرئاسى شهره الخامس، ما زلنا نستمع إلى قراءات وتحليلات سياسية بعضها من نوع التنبؤات، التى لا تستند إلى أى وقائع أو معطيات محددة، وبعضها الآخر من نوع التمنيات حيث يختلط التمنى بالقراءة السياسية.

photo_2022-11-01_14-35-04.jpg
Avatar18016/11/2022

نشر موقع "مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" تقريراً إستعراضياً للباحثة أورنا مزراحي بعنوان "الفراغ السياسي في لبنان وتداعياته على إسرائيل"، خلص إلى أن لا مصلحة لحزب الله في خوض مواجهة مع إسرائيل بل الحفاظ على معادلة الردع القائمة وأن جميع الأطراف في لبنان صاحبة مصلحة في تطبيق إتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.