(تقول الأغنية الفرنسية التقليدية المخصصة للأطفال في مناسبة عيد الميلاد والموجهة الى “بابا نويل“: عندما تهبط من السماء – عبر المدخنة – لا تنسَ “حذائي الصغير”.. لتضع أمامه هديتي).
خواطر من هنا إلى هناك
باريس/ 24 ـ 25 كانون الأول (ديسمبر) 1984:
تلك العشية
عندما انتصف الليل
وأشع النجم
وإنبلج النور
وأضيئت الأشجار
هبط حامل الهدايا
هنا وهناك.
***
هنا..
صخب وأنوار،
الجميع في انتظار.
صغار وكبار
نساء ورجال
شابات وشبان
الجميع في عيد.
***
هناك..
سكون وعتمة
الدنيا ليل
لا حياة
لا حركة
لا ضوء
المدخنة خربة
الشوارع مظلمة
والطرقات مقفرة.
***
الزائر المنتظر
كاد أن يضل
هبط الى المنزل
مفاجأة وذهول
الدار مهجورة
الساحة موحشة
مقفرة خالية
إلا من شجرة
يابسة مطفأة.
***
أهل الدار
غائبون، مهجرون
هاربون، مغتربون
نسوا، تناسوا
أن الليلة
ليلة عيد.
***
الحذاء الصغير
غائب، تائه
دروب الغربة
خطفت رجله
أصبحت سبيله
يسعى فيها
عن مكان
آمن سالك
يبحث فيها
بعضاً من حرية مخطوفة
وكثيراً من كرامة مسلوبة.
***
في تلك العشية
طرقات الغربة
محتشدة، محتفلة
مبتهجة، فرحة
لا مكان للحذاء الصغير
الدنيا ضاقت به
الأرض ليست أرضه
العالم ليس عالمه
الناس ليسوا ناسه
…هو “غريب”.
***
ضحك، فرح
عناق، نشوة
…في الخارج
حزن، غصة
دمع، انزواء
…في الداخل.
***
عقارب الساعة التقت
قشعريرة، انكماش
من يغمره بالعطف
من يمده بالحنان
“الأم الحنون”؟
كذبة..
كذبة كبيرة!
***
يئس من الأرض
تطلع الى السماء
استوقف نجماً
متجهاً شرقاً
حمَّله رسالة
مستعجلة، مضمونة.
***
الى هناك
تحية من هنا
من قلب
متعطش للقياك
حزين لفراقك
لا يهوى سواك
لا ينبض الا بحبك.
***
لا..
لم ولن ينسى
لم ولن يتنكر
لم ولن يستسلم
قوة الإيمان
أمضى سلاح
حرارة الشوق
محرك أمل.
***
طال الزمن
غداً، بعد غد
الغيمة ستنقشع
الظلمة ستزول
الشمس ستشرق
العاصفة ستهدأ
الأرض ستتحرر.
***
الحذاء سيعود
أمام الشجرة
خضراء هذه المرة
مشعشعة، متلألئة
ينتظر الهدية
هدية العيد
عيد الميلاد
ميلاد وطن
وطن جديد!
***
وقائع من هناك إلى هنا
باريس/ 24 ـ 25 كانون الأول (ديسمبر) 2022:
… ودارت الأيام
أفسدوا الأرض
أذلوا الشعب
قطعوا الشجرة
سرقوا الحذاء
أصبح الأمل وهماً
بات الحلم سراباً
فغابت حلاوة العودة
لتستقر مرارة الغربة
مع ثبات الرجاء
أن لا يطول الإنتظار
ولا يستوطن الإنهيار
ولا تدوم الظلمة
فتشع من جديد
نجمة “ميلاد”
وطن جديد!