من اللافت للإنتباه أن الكتب الثلاثة المذكورة تكاد أن تكون كتاباً واحداً وذا جذر واحد، فمؤلف كتاب “بروتوكولات حكماء صهيون“ هو الروسي سيرغي اليكسندروفيتش نيلوس (1862ـ 1929) ومؤلف “حكومة العالم الخفية“ هو شيريب سبيريدوفيتش (1867ـ 1926) ودلالة كنيته تؤشر إلى جذوره السلافية، وكما جاء في مقدمة الطبعة العربية التاسعة لكتابه “أن السلافيين استدعوا عام 862 جدهم الأعلى الأمير رورك إلى مدينة نوفجورود ـ الروسية ـ حيث أسّس أسرة حاكمة أعطت لروسيا إسمها “.
والأمر الآخر الداعي للتمعن أن هذين المؤلفين روسيّان، وكانا من أنصار النظام القيصري ومن المعادين لثورتي 1905 و1917 الروسيتين، فضلا عن كونهما من المتحمسين للأنظمة الملكية المطلقة والنفور من الثورات عموما والسلطات المشروطة والمقيدة كما تشهد نصوص كتابيهما.
وإذا كان من الشائع أن سيرغي نيلوس كان كاتباً له حضوره قبل سقوط نظام آل رومانوف في روسيا، فشيريب سبيريدوفيتش ترأس “الرابطة السلافية“ في أوروبا بعد إطاحة الأسرة الملكية الروسية، وغالباً ما يقتبس في كتابه “حكومة العالم الخفية“ عن “بروتوكولات حكماء صهيون“، وهذا ما تجدر ملاحظته في كتاب “أحجار على رقعة الشطرنج“ المنسوب إلى الأدميرال الكندي وليم غاي كار (1895ـ1959) وحتى عنوان هذا الكتاب مأخوذ من “البروتوكول الثاني“ في “بروتوكولات حكماء صهيون“ ويتضمن النص التالي “سنختار من بين العامة رؤساء إداريين لهم ميول العبيد ولن يكونوا مدربين على فن الحُكم، ولذلك سيكون من اليسير أن يُمسخوا قُطع شطرنج ضمن لعبتنا في أيدي مستشارينا العلماء والحكماء الذين دُربوا خصيصا على حُكم العالم منذ الطفولة الباكرة”.
على هذه الحال يمكن القول، إن “حكومة العالم الخفية“ و”أحجار على رقعة الشطرنج“ هما امتدادن نصيّان لكتاب “بروتوكولات حكماء صهيون“، فالفكرة ذاتها تتكرر في الكتب الثلاثة، وأما الوقائع وأسماء الشخصيات والأمكنة والأزمنة فلا تتغير ولا تعرف تبديلا في “حكومة العالم الخفية“ و”أحجارعلى رقعة الشطرنج“ وكل الأحداث الكبرى في العالم، طبقا لهذين الكتابين، من صناعة “المؤامرة“، هكذا كان الأمر مع الثورتين الإنكليزية والفرنسية وإعدام الملكين تشارلز الأول (1649) ولويس السادس عشر (1793) وحرب القرم الروسية ـ العثمانية عام 1853 والحرب الأهلية الأميركية عام 1864 واغتيال القيصر الروسي ألكسندر الثاني عام 1881 والحرب الروسية ـ اليابانية عام 1905 والحربين العالميتين الأولى والثانية، وما بينها من أسماء كبرى مثل نابوليون بونابرت وعميد الوحدة الألمانية أوتو فون بسمارك وعماد الثورة البلشفية فلاديمير إيليتش لينين، بالإضافة إلى فلاسفة ومفكرين من مستوى مونتسكيو وروبسبير ونيتشه وغيرهم.
الفارق بين هذه الكتب، أن “بروتوكولات حكماء صهيون“ الصادر في طبعته الثانية عام 1905 أقرب إلى النظرية العامة، بينما يتناول كتاب “حكومة العالم الخفية“ وقائع وأحداثاً تاريخية تتوقف عند عام 1928 و“أحجار على رقعة الشطرنج“ تمتد مساحة وقائعه إلى عام 1950، ومضمون الكتب الثلاثة يدور في فضاء سيطرة “اليد الخفية“ الصهيونية والماسونية والبيوتات المالية على العالم منذ قرون، فهي تحركه وتديره وترسم مساراته ومصائره كما ترغب وتشاء، وعلى الأغلب يكون النصر المبين حليفها ومن دون أن يكون لمناوئيها وضحاياها القدرة على تعطيل أفعالها ومخططاتها المجنونة.
المسيري: “الفكر البروتوكولي التآمري هو فكر سطحي مضلل، لندرس ما عند الصهاينة من قوة ذاتية ثم ندرس كيف أبدع المنتفضون في فلسطين ومجاهدي حزب الله في لبنان وجنود مصر وسوريا عام 1973 وكيف تقهقر العدو أمامهم، فلندرس انكساراتنا ونعرف أسبابها فنتحاشى الأخطاء ثم نقرر بعد ذلك متى نكر ومتى نفر”
أولاً؛ “بروتوكولات حكماء صهيون“:
بما يتجاوز الخيال، يسرد سيرغي نيلوس قصة كتابه، فيقول بحسب الطبعة الثانية من النسخة التي عرّبها (1961) عن الإنكليزية محمد خليفة التونسي “لقد تسلمت من صديق شخصي ـ هو الآن ميت ـ مخطوطاً يصف بدقة ووضوح عجيبين خطة وتطوراً لمؤامرة عالمية مشؤومة، موضوعها الذي تشمله هو جر العالم الحائر إلى التفكك والإنحلال المحتوم، هذه الوثيقة وقعت في حوزتي منذ أربع سنوات ـ١٩٠١ـ سرقتها سيدة فرنسية من أحد الأكابر ذوي النفوذ والرياسة السامية من زعماء الماسونية الحرة، وقد تمت السرقة في نهاية اجتماع سري في فرنسا“.
أولى علامات الإستفهام والتعجب أن مؤلف الكتاب حصل على مخطوطه الأصلي من صديق مات كان وصل إليه المخطوط عن طريق سرقة محاضر اجتماع سري، فإماتة الشاهد وتقنية السرقة والسرية تجتمعان في حبكة الرواية التي كُتبت فصولها في “مؤتمر بازل“ في سويسرا عام 1897، وهو المؤتمر الذي لم يكن بالأصل لا سرياً ولا مستوراً، وإنما القادة الصهاينة عقدوه تحت الضوء وتحركوا تحت الشمس لإقامة دولة غير شرعية في فلسطين تقوم على تهجير شعبها وإحلال محتلين في أرضهم وديارهم.
لا تتحدث “بروتوكولات حكماء صهيون“ عن فلسطين وإنما عن سلطة يهودية تهيمن على العالم وتقوده، ففي “البروتوكول الخامس“ ورد “أننا نقرأ في شريعة الأنبياء أننا مختارون من الله لنحكم الأرض، وقد منحنا الله العبقرية كي نكون قادرين على القيام بهذا العمل، وعندما نصل إلى هذا المقام سنستطيع مباشرة ان نستنزف كل قوى الحُكم في جميع أنحاء العالم، وأن نشكل حكومة عالمية عُليا“.
وفي “البروتوكول“ التاسع “أننا نُسخِّر في خدمتنا أناسا من جميع المذاهب والأحزاب، ولقد وضعناهم جميعا تحت السرج، وكل واحد منهم على طريقته الخاصة ينسف ما بقي من السلطة، ويحاول أن يحطم كل القوانين القائمة، ولكننا لن نمنحهم أي سلام حتى يعترفوا بحكومتنا الدولية العُليا“.
يتوزع الكتاب على “24 بروتوكولا“ يجهد كل واحد منها لتفصيل الخطط اليهودية لقيادة العالم من خلال الإحتكارات المالية والسيطرة على المصارف والحكومات والجامعات والأحزاب والصحافة وعبر إشاعة فكرة “الحرية“ التي تُنتج تمزقات وتنازعات في داخل المجتمعات وتهدف إلى إسقاط الأنظمة الملكية، وعلى ذلك تقف “البروتوكولات“ موقفاً صريحاً ومعادياً للديموقراطية والنظام الجمهوري، وفي تعقيبه على “البروتوكولات“ كتب سيرغي نيلوس:
“إن قيام نظام التصويت السري قد أتاح لصهيون فرصة لتقديم قوانين تلائم أغراضها عن طريق الرشوة، وأن الجمهورية هي صورة الحكومة الأممية التي يُفضّلها اليهود لأنهم يستطيعون مع الجمهورية ان يتمكنوا من شراء أغلبية الأصوات، ولأن النظام الجمهوري يمنح وكلاءهم وجيش الفوضويين التابعين لهم حرية غير محدودة“.
تُظهر “البروتوكولات“ النظام القيصري في روسيا بأنه “آخر الدروع الواقية التي تتصدى لخطة الهيمنة على العالم، مما يتوجب إسقاطه“ ذلك أنه “حتى الوقت الحاضر الأوتوقراطية الروسية كانت عدونا الوحيد“، كما جاء في “البروتوكول الخامس عشر“، وفي تقديمه للكتاب كتب نيلوس “إن كل جهود الهدم من جانب أعداء المسيح اليساريين مركزة على روسيا، والأسباب مفهومة، فيجب أن تكون معروفة لروسيا المتدينة المؤمنة، وأن اللحظة التاريخية المقبلة أعظم وعيدا، وإن الأحداث المقبلة أشد هولا، فيجب أن يضرب الروس ذوو القلوب الباسلة بشجاعة عظيمة وتصميم جبار، وينبغي أن يعقدوا أيديهم بشجاعة حول لواء كنيستهم المقدس وحول عرش امبراطورهم“.
لا مناص من القول بعد هذا العرض، أن “البروتوكولات“ تهدف إلى تحصين الدفاع عن نظام القياصرة الروس عبر استخدام الإيديولوجية الدينية، وإثارة الرأي العام الروسي ضد الأفكار اليسارية والديموقراطية التي سادت في روسيا في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وما حملته هذه الأفكار من دعوات لتقييد سلطة القيصر وإجراء انتخابات عامة، مما أفضى إلى تأسيس مجلس “الدوما“ بعد الثورة الروسية الأولى في عام 1905، وهو المجلس المماثل لمجلس الشيوخ ، وفي “البروتوكول الخامس عشر“ إدانة واضحة لهذا المجلس “إن أعضاء مجلس الشيوخ وغيرهم يتبعون نصائحنا اتباعاً أعمى“.
أثار هذا الكتاب جدالا واسعا منذ لحظة صدوره، فتلقفته شرائح مسيحية بعين الرضا لأنه يحاكي الوقائع التاريخية اليهودية المعادية للسيد المسيح، واتخذته قطاعات عربية وإسلامية دليلا على “المؤامرة الكبرى“ بعد كارثة فلسطين، وراح مفكرون وسياسيون عرب ينهلون منه مع كل حادثة محلية أو إقليمية أو دولية، وبات تفسير الأحداث والوقائع والسياسات مرتكزا على “نظرية المؤامرة“ ومن دون بذل جهد ولا اجتهاد لتحليل الأحداث ومحاولة فهمها، فالإجابة على كل ظاهرة سياسية أو واقعة غدت مختصرة بـ“المؤامرة“ ولا تليها فكرة معقولة لدى من يتفكرون أو يعقلون.
إلا أن هذا الإستلاب لا يمنع من التركيز على نظرة كاتبين مصريين مميزين هما عباس العقاد وعبد الوهاب المسيري.
ثمة مفكرون وباحثون عرب عديدون عملوا على تفنيد “بروتوكولات حكماء صهيون“ وإنزالها منزلة التزوير والتزييف وتجريدها من الصحة أو إسقاطها مسقط الشك والريبة، وفي طليعة هؤلاء عباس محمود العقاد، إذ أنه برغم تقديمه للطبعة الأولى (1951) للكتاب إلا أنه لا يرجحه ويضعه في موضع الظن بقوله “ظهرت أخيرا في اللغة العربية نسخة كاملة من هذا الكتاب العجيب. إن هذا الكتاب لا يزال لغزا من الألغاز في مجال البحث التاريخي وفي مجال النشر والمصادرة، وأغلب الظن بعد هذا كله أن البروتوكولات من الوجهة التاريخية محل بحث كثير”.
وأما المفكر عبد الوهاب المسيري وهو أحد أهم الخبراء العرب في الشؤون اليهودية وصاحب “موسوعة اليهود واليهودية والصهونية“، فيرى في كتابه “البروتوكولات واليهودية والصهيونية“ أن مروجي البروتوكولات يدعون “أنها وثيقة سرية تحتوي على مقررات مؤتمر حكماء صهيون، وهو ادعاء لا يحتمل أي دراسة وتمحيص. من الواضح أن البروتوكولات نص روسي، بمعنى أن من كتبه ينتمي إلى التشكيل الحضاري الروسي والكنيسة الأرثوذوكسية، كما ينتمي إلى التشكيل السياسي القيصري الرجعي الذي كان بدأ في التراجع تحت تصاعد الحركات الديموقراطية والليبرالية والثورية“.
ويؤكد المسيري أن “البروتوكولات وثيقة مشوشة ساذجة تفتقر إلى ترابط الأفكار، وكاتب البروتوكولات جاهل في التاريخ ويربط بين كل الأفكار التقدمية والثورية والحديثة التي يكرهها من جهة والمؤامرة اليهودية من جهة أخرى، وهذا القول بالغ السذاجة، فأفكار الحرية والإخاء والمساواة قديمة قدم البشرية نفسها وبشرًت بها جميع الأديان السماوية وفي مقدمتها الإسلام”.
وفي الفصل السابع من كتابه، يُوجّه المسيري رمحاً قاطعاً إلى المؤمنين بـ “البروتوكولات“ و”نظرية المؤامرة“ و“اليد الخفية“ كلية القدرة بقوله “تنتمي البروتوكولات إلى خطاب المؤامرة، والخطاب البروتوكولي التآمري هو نتيجة كسل فكري وتعطيل كامل للعقل، البروتوكولات وثيقة تافهة، والفكر البروتوكولي التآمري هو فكر سطحي مضلل، لندرس ما عند الصهاينة من قوة ذاتية ثم ندرس كيف أبدع المنتفضون في فلسطين ومجاهدي حزب الله في لبنان وجنود مصر وسوريا عام 1973 وكيف تقهقر العدو أمامهم، فلندرس انكساراتنا ونعرف أسبابها فنتحاشى الأخطاء ثم نقرر بعد ذلك متى نكر ومتى نفر”.
المسيري: من الواضح أن البروتوكولات نص روسي، بمعنى أن من كتبه ينتمي إلى التشكيل الحضاري الروسي والكنيسة الأرثوذوكسية، كما ينتمي إلى التشكيل السياسي القيصري الرجعي الذي كان بدأ في التراجع تحت تصاعد الحركات الديموقراطية والليبرالية والثورية
ثانياً؛ “حوار في الجحيم“:
يكاد يُجمع ناقدو ومحللو “بروتوكولات حكماء صهيون“ على أن قسماً كبيراً منها مأخوذ ومسروق من العمل الفلسفي ـ الأدبي “حوار في الجحيم ـ Dialogue aux enfers“ الذي أصدره الكاتب الفرنسي موريس جولي (1829 ـ 1878) عام 1864 وينتقد فيه نابوليون الثالث عبر حوار افتراضي بين الفيلسوفين مونتسكيو وميكافيلي، حيث يدعو الأول إلى إدماج الأخلاق بالسياسة وبناء مؤسسات دستورية وهيئات تمثيلية منتخبة، فيما يرفض الثاني هذه الدعوات ويعتبر أن غالبية الناس مفطورة على الشر والباطل والرضوخ للأنظمة الفردية والإستبدادية، وفي مقارنة بين “البروتوكولات“ و نصوص “حوار في الجحيم“ من تعريب محمد بوتنبات (المغرب) يتبين حجم السطو الذي مارسه مؤلف “البروتوكولات“، ومن أمثلة ذلك:
أ ـ “البروتوكول الأول“: “إن ذوي الطبائع الفاسدة من الناس أكثر من ذوي الطبائع النبيلة، وخير النتائج في حكم العالم ما ينتزع بالعنف والإرهاب، كل إنسان يسعى إلى القوة وكل واحد يريد أن يصير دكتاتورا إذا استطاع ذلك، وما أندر من لا ينزعون إلى إهدار مصالح غيرهم توصلا إلى أغراضهم الشخصية“.
ـ “حوار في الجحيم“: “الخبث عند الإنسان أقوى من الجانب الطيب فيه، فالإنسان أكثر انجذابا نحو الشر منه إلى الخير، الناس جميعا يصبون إلى الهيمنة، وكل واحد منهم لو استطاع لكان مستبدا، كلهم أو جلهم على استعداد للتضحية بحقوق الغير من أجل مصالحهم”.
ب ـ “البروتوكول الأول“ أيضاً: “ماذا كبح الوحوش المفترسة التي نسميها الناس عند الإفتراس؟ وماذا حكمها حتى الآن؟ لقد خضعوا في الطور الأول من الحياة الإجتماعية للقوة الوحشية العمياء، ثم خضعوا للقانون، وما القانون في الحقيقة الا هذه القوة ذاتها مقنعة فحسب، وهذا يؤدي بنا إلى تقرير أن قانون الطبيعة هو: الحق يكمن في القوة“.
ـ “حوار في الجحيم“: “من يحتضن هذه الحيوانات المفترسة التي نطلق عليها اسم الناس؟ في بداية المجتمعات وُجدت القوة العنيفة الجامحة بلا قيد، بعد ذلك بكثير كان القانون، بمعنى القوة مرة أخرى المنظمة بقواعد، لقد اطلعتُ على كل مصادر التاريخ، وفي كل مكان كانت القوة تظهر قبل الحق”.
ج ـ “البروتوكول الأول” أيضاً وأيضاً: “كلمة الحق فكرة مجردة قائمة على غير أساس، أين يبدأ الحق وأين ينتهي“.
ـ “حوار في الجحيم“: “إن كلمة الحق مبهمة وغير محددة، أين يبدأ الحق وأين ينتهي؟ متى يوجد ومتى لا يوجد“؟
د ـ “البروتوكول الأول” مجدداً: “إن الغاية تبرر الوسيلة، وعلينا ـ ونحن نضع خططنا ـ ألا نلتفت إلى ما هو خير وأخلاقي بقدر ما نلتفت إلى ما هو ضروري ومفيد“.
ـ “حوار في الجحيم“: “تكون الأشياء حسنة أو سيئة طبقا لما نستعملها وللثمار التي نجنيها منها، فالغاية تبرر الوسائل“.
ويجري عبد الوهاب المسيري هذه المقارنات:
أ- “البروتوكول الثاني عشر“: “ستكون لنا جرائد شتى تؤيد الطوائف المختلفة من أرستقراطية وجمهورية وثورية، بل فوضوية أيضا، وستكون هذه الجرائد مثل الإله الهندي فشنو Vishnu لها مئات الأيدي“.
ـ ميكافيلي في “حوار في الجحيم“: “إن صحافتي مثل الإله فشنو سيكون لها مئة ذراع، وهذه الأذرع ستمد أيديها إلى كل الآراء“.
ـ “البروتوكول السابع عشر“: “إن حكومتنا ستشبه الإله الهندي فشنو وكل يد من أيديها المئة ستقبض على لولب في الجهاز الإجتماعي للدولة“.
ـ مونتسكيو في “حوار في الجحيم“: “أدرك الآن معنى شكل الإله فشنو، إن لك مئة ذراع مثل المعبود الهندي، وكل إصبع من أصابعك يلمس لولبا“.
ماذا يقول علم الإجتماع؟
في دراسة منشورة (2 ـ 4 ـ2018) على موقع “روسيا اليوم“ خلاصة تحليلية عن “نظرية المؤامرة“، هذه مقتطفات منها:
“ألقت دراسة جديدة الضوء على كيفية انتشار نظريات المؤامرة عبر الإنترنت وعلى أولئك الذين يصدقونها في الواقع، وقام الباحثون بتحليل حوالي 1.7 مليار تعليق وبيان في الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر 2007 وأيار/مايو 2015، ومن خلال البيانات التي تم تحليلها، كشفت النتائج أن المؤامرات تصبح واسعة الإنتشار عندما يربطها عدد من الأشخاص المختلفين بمعتقداتهم”.
ويقول الباحثون “إن أصحاب نظرية المؤامرة يمتلكون نظام اعتقاد أحادي، حيث يؤدي الإيمان بمؤامرة واحدة إلى الإيمان بالمؤامرات الأخرى، ويشرحون كل حدث مهم في إطار المنطق التآمري ـ وهؤلاء ـ قد يمتلكون دوافع نفسية ومعتقدات مختلفة، فمنهم من يكون غير منطقي وبعضهم غاضب، والبعض الآخر عنصري بالإضافة إلى الذين يشككون بكل شيء“.
في الختام، كتب عبدالله الفيصل قصيدة شهيرة بعنوان “ثورة الشك“ هذان بيتان منها:
أكاد أشك في نفسي لأني/ أكاد أشك فيك وأنت مني
تُعذبُ فيّ لهيب الشك روحي/ وتشقى بالظنون وبالتمني.
(يتبع في جزء ثان الأسبوع المقبل)