سيناريو الإنقاذ اللبناني..

أشد ساعات الظلمة تلك التي لا يُرى فيها شعاعُ نور، وأعتى المعضلات تلك التي لا يُرى فيها، حتى نظرياً، حلٌ أو حلول. هذا ما يدفع اللبنانيين سنة بعد سنة الى اليأس والإحباط واللامبالاة.

للمعضلة اللبنانية، كما لكل معضلة، حل او حلول. وفيما يلي استعراض لبعضها من جهة ولبعض العراقيل والعقد القائمة في وجهها مع التطرق لإمكانية تعطيلها.

أول هذه الحلول هو “التوفق” في اختيار رئيس للجمهورية يكون على مثال فؤاد شهاب والياس سركيس معاً. يكون همه الأول والأخير مصلحة لبنان العليا، وسلاحه النزاهة والصدق، ورئيس وزراء على مثال سليم الحص سلاحه الموقف والترفع عن المصالح السياسية والمادية. رئيس وزراء يخطط للإنماء والاعمار فيبتكر “مجلس الانماء والاعمار” ويعين على رأسه شخصاً من خامة ممتازة هو محمد عطا الله؛ رئيس وزراء يستقوي على زعماء الطوائف بثقة الشعب والرأي العام الذي يحوز على ثقته وتأييده بمواقفه الواضحة في خدمته تحت شعار العدالة الاجتماعية والدولة القوية.

أما العقد والعراقيل القائمة التي لا بد من تفكيكها فأولها امتناع المجلس النيابي عن إقرار القوانين المالية والاصلاحية اللازمة تحت ستار “لجنة المال والموازنة” ومناقشاتها العقيمة وبراعتها في تفخيخ القوانين والتضليل واعتماد مقولة “الحق الذي يراد فيه باطل” مما حول رئيسها الى محامٍ أو “حامٍ” للمصارف. لا أجد حلاً لهذه العقدة إلا بإعطاء الحكومة صلاحيات استثنائية في حقل المال والاقتصاد، وأتوسل قوةً فاصلة للرأي العام في فرض هذه الخطوة على المجلس النيابي.

العقدة الثانية هي تشكيل الحكومة الإنقاذية المناسبة. فأي حكومة محاصصة او اي حكومة يعلن الزعماء السياسيون أسماء وزراءها او “وزراءهم” قبيل اعلان التشكيلة الوزارية من قبل رئيس الحكومة المكلف هي حكومة ساقطة سلفاً. وأي حكومة يعمد وزير ماليتها بأمر من “زعيمه” إلى سحب مشروع قانون الكابيتال كونترول خلال جلسة مجلس الوزراء بصورة مفاجئة ودراماتكية، او يعمد وزير المال فيها الى الامتناع عن توقيع مرسوم تشكيلات قضائية جزئية بهدف شل التحقيق في جريمة مرفأ بيروت، هي حكومة ساقطة سلفاً.

العراقيل التي لا بد من تفكيكها أولها امتناع المجلس النيابي عن إقرار القوانين المالية والاصلاحية اللازمة تحت ستار “لجنة المال والموازنة” ومناقشاتها العقيمة وبراعتها في تفخيخ القوانين والتضليل واعتماد مقولة “الحق الذي يراد فيه باطل” مما حول رئيسها الى محامٍ أو “حامٍ” للمصارف

لقد دأبت احدى الكتل النيابية على التعطيل، وهي تلوّح بمزيد من التعطيل بانتقالها الى المعارضة تحت شعارات طائفية بغيضة. على هذه الكتلة، او سواها، ان تعلم ان الانتقال الى صفوف المعارضة لن يجديها نفعاً لأنها قد فقدت مصداقيتها خلال مشاركتها في ممارسة السلطة طوال 15 سنة. وبذلك سينطبق عليها قول مأثور قيل في رياض الصلح عندما حُرِمَ من رئاسة احدى حكومات الاستقلال وانضم الى المعارضة: “هذا المعارض ماذا يعارض”؟ على اعتبار ان ما سيُعارضه كان في جملته من صنع يديه!

يجب ان تتوقف الكتل البرلمانية عن لعبة المحاصصة عند تشكيل الحكومات بفرض أسماء تمثلها ولا تمثل طموحات اللبنانيين ويجب إيجاد صيغة لانتقاء وزراء لهم من انجازاتهم وقاماتهم الوطنية وكفاءاتهم ما يفرض مشاركتهم في عملية الإنقاذ.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  شهدتُ وعاينت.. من قلب عرين ألبير مخيبر (الحلقة الأخيرة)
Avatar

محافظ الجنوب اللبناني سابقاً

Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  عندما تفشل دولتنا ثم مجتمعنا.. ماذا بعد؟