العلاقات السعودية السورية.. خدمات قنصلية تمهيداً لفتح السفارات!

منذ أن قررت دولة الإمارات العربية المتحدة إعادة افتتاح سفارتها في دمشق سنة 2018، بدأ الحديث عن قرب عودة العلاقات السعودية السورية، ولطالما تم ربطها بعبارة "بعد عيد الفطر"، ولكن توالت الأعياد ولم تُفتح أبواب السفارة السعودية بالسهولة التي كان يعتقدها كثيرون.

خمس سنوات حافلة بالأحداث والتطورات والتبدلات السورية والإقليمية والدولية، وصولاً إلى حدث الزلزال السوري في السادس من شباط/فبراير الماضي، وما تلاه من مواقف رسمية أو رسائل غزل متبادلة بين البلدين، ومن ثم رعاية الصين للإتفاق السعودي الإيراني وأخيراً مبادرة صحف ووكالات أجنبية إلى الحديث عن قرب عودة العلاقات الديبلوماسية بين الرياض ودمشق في الأسابيع المقبلة، إستناداً إلى مصادر في العاصمتين.

وإذا كان حدث الزلزال السوري قد أفسح في المجال أمام تبادل الرسائل بين دمشق والرياض من “البوابة الإنسانية”، إلا أن قنوات الإتصال بين الطرفين كانت قائمة منذ سنوات، ولا سيما على مستوى القادة الأمنيين، وبحسب ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، فإن موسكو توسطت للتوصل إلى “اتفاق مبدئي”، وتلا ذلك قيام مسؤولين سوريين بزيارة السعودية قبل نهاية العام 2022، فيما أشارت معلومات غير رسمية إلى أن قنوات الإتصال الأمنية لم تتوقف طيلة المرحلة المنصرمة.

الزيارات الأمنية شكلت السمة الأبرز للتواصل بين الرياض ودمشق، والتي انطلقت مع اللواء علي المملوك، واستكملت لاحقاً من خلال التواصل المباشر الذي تولاه من الجانب السوري رئيس إدارة المخابرات العامة اللواء حسام لوقا مع نظيره السعودي الفريق خالد الحميدان، في لقاءات متعددة خلال السنتين الماضيتين، ومنها اللقاء العلني الأول بينهما، على هامش “المنتدى العربي الاستخباري” في مصر سنة 2021، وزيارته للسعودية في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2022، ومع الحديث عن زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق بعد عيد الفطر برز أيضا اسم اللواء لوقا في مساهتمه بترتيب إعادة التواصل بين البلدين. وخلال “مؤتمر ميونيخ للأمن”، أوضح وزير الخارجية السعودي في جلسة حوارية، أن إجماعاً بدأ يتشكل في العالم العربي على أنه لا جدوى من عزل سوريا، وأن الحوار مع دمشق مطلوب في وقت ما، حتى تتسنى على الأقل معالجة المسائل الإنسانية، ومنها عودة اللاجئين السوريين.

لننتظر القمة العربية المزمع عقدها في 19 أيار/مايو المقبل في الرياض (تبعاً لما سرّبته صحيفة “الشرق الأوسط”) وما يمكن أن يصدر عن القادة العرب من إشارات في ما يخص عودة سوريا إلى الحاضنة العربية، أو عودة العرب إلى “الحاضنة السورية”، كما تُردّد دمشق في هذه الأيام

على طاولة البحث مجموعة من الملفات الأمنية العالقة، التي لم يعلن عنها الطرفان بشكل رسمي، وخاصة بعد انتهاء المعارك الأساسية في سوريا في مناطق كانت تحسب فيها المجموعات المسلحة بأنها تتلقى تمويلاً وتسليحاً من جهات سعودية، وفي مقابلته الأخيرة مع قناة “روسيا اليوم”، أوضح الرئيس السوري بشار الأسد أن “السياسة السعودية اتخذت منحى مختلفاً تجاه دمشق منذ سنوات.. ولم تتدخل (المملكة) في شؤون سوريا الداخلية كما أنها لم تدعم أياً من الفصائل”.

ومن النقاط التي يتم الحديث عنها إعلامياً، مسألة ضبط الحدود مع الأردن لمنع تهريب مادة “الكبتاغون” إلى دول الخليج ولا سيما المملكة العربية السعودية. ومن الملفات التي أثير تساؤل حولها مصير المقاتلين السعوديين الذين تم اعتقالهم في سوريا خلال سنوات الحرب.

“تصفير المشاكل” الأمنية لدى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سياسة سعودية واضحة، ومدخلها السعي لإنهاء حرب اليمن، تبريد الجبهة المفتوحة مع طهران والتي توجت بإعادة العلاقات الديبلوماسية بينهما، وبالتالي، فإن سوريا هي جزء من هذه السياسة، في اعتبار أن عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية “أفضل من أن تبقى مرتبطة بطهران وتغرد بعيداً خارج السرب العربي”، وفق ما يُردد أكثر من مسؤول خليجي.

والجدير ذكره أن “مصدراً مسؤولاً” في الخارجية السعودية حرص على التوضيح أن لا عودة للعلاقات الديبلوماسية حالياً، وأن الأمر سيقتصر في مرحلة أولى على إستئناف الخدمات القنصلية في كلا البلدين.

وسواء تحدث السعوديون عن عودة علاقات ديبلوماسية أو إستئناف الخدمات القنصلية، فإن الأمر سيترك إنعكاسات إيجابية على الجانب السوري، فالهم السوري الأكبر هو اقتصادي، والدول الاكثر قدرة على التأثير الإقتصادي هي الدول الخليجية، وثمة حديث أوروبي منذ العام 2018 أن إعادة الإعمار في سوريا “ستكون مهمة خليجية وليست أوروبية أو أميركية”.

وتحتاج عملية التطبيع السياسي والإقتصادي إلى تذليل عقبات قانونية، في ظل العقوبات التي تفرضها واشنطن على الحكومات والمؤسسات التي يثبت تعاملها مع الدولة السورية، وهنا ينبري سؤال أمام السعوديين حول مدى إستعدادهم وقدرتهم على تحدي العقوبات الأميركية المفروضة سواء على إيران أم سوريا، إذا قرّروا مستقبلاً تشريع أبواب التطبيع في كل الإتجاهات؟

بعد الإمارات والبحرين وسلطنة عمان، هل تكون خطوة إستئناف الخدمات القنصلية السعودية مقدمة لإعادة افتتاح السفارة السعودية في دمشق وهل يعطي ذلك المشروعية لباقي الدول لإستئناف علاقاتها مع سوريا، مثل قطر والكويت والمغرب، التي كانت تربط قرار إعادة العلاقات بما يسمى “الإجماع العربي”؟.

إقرأ على موقع 180  دمشق تُقدّم التزامات أمنية وسياسية للرياض.. بضمانة روسيا

لننتظر القمة العربية المزمع عقدها في 19 أيار/مايو المقبل في الرياض (تبعاً لما سرّبته صحيفة “الشرق الأوسط”) وما يمكن أن يصدر عن القادة العرب من إشارات في ما يخص عودة سوريا إلى الحاضنة العربية، أو عودة العرب إلى “الحاضنة السورية”، كما تُردّد دمشق في هذه الأيام.

Print Friendly, PDF & Email
وسام عبدالله

كاتب وصحافي، سوريا

Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
free online course
إقرأ على موقع 180  توازنات الإقليم الجديدة.. و"الحل السوري" المطلوب؟ (3/1)