مقالة برذاد سكر “كحكة”.. العيد

من حسن حظ هذا المقال أنه سيُنشَر في العيد.. العيد الصُغّير كما اعتدنا أن نسميه وعيد رمضان كما يقال له أحيانًا، المهم أنه عيد. أما اعتبار أن المقال محظوظ لأنه سيُنشَر في العيد فهذا له مبررات كثيرة.

***

كذلك هناك حدّ أدنى من المزاج والروقان سيصاحبان قراءة مقالات العيد، فهناك فارق كبير جدًا بين أن تقرأ الجريدة من أولها لآخرها وأنت صائم وريقك جاف، وأن تقرأ الجريدة بتمعّن وتلذّذ وأنت تأخذ رشفة من كوب الشاي باللبن أو السادة أو النسكافيه، ولا تحدثني عن روعة الكوب الأول بعد الصيام، وصِفة الروعة هذه ما هي إلا تبسيط لما يسميه إخواننا الاقتصاديون “ارتفاع المنفعة الحديّة”، أي زيادة قيمة الشئ إلى منتهاها وبما يزيد حتى على سعره الحقيقي، وذلك عندما يتم فعل الشئ في موعده المناسب، وهذا الكوب بأي سائل يملأه عندما يُرتَشَف رشفة رشفة في صباح يوم العيد فإنه يكون في موعده المناسب تمامًا. نقطة أخرى وهي أنني صحيح لم أجرّب أبدًا شعور المدخّنين بل إنني كنتُ عجَبَة في بيتنا حيث كل مَن فيه بالمعنى الحرفي للكلمة يدخنون، لكني أقدّر مشاعر المدخنين وأتفهّمها جيدًا وأعرف أن هناك بينهم مَن يفطرون في رمضان على سيجارة وكان أبي الحبيب واحدًا من هؤلاء، ثم أنني أقدّر تلك المشاعر لأنني من أبناء ذلك الجيل من المصريين الذي غنّى له الملحّن محمد موجي كلمات الشاعر حسين السيد التي تقول “فنجان شاي مع سيجارتين ما بين العصر والمغرب، ونظرة شوق في نار قلبين مع السكّر بتتقلّب”. هذه الكلمات كما نرى تجعل من فنجان الشاي مع سيجارتين جزءًا صميمًا من مشهد رومانسي رقيق التقى فيه الحبيبان وتحوّل قلباهما لسكر مذاب من فرط الهيام. إذن سيحظى مقالي ومقالات زملائي التي سوف تنشر في العيد بنفس المعاملة المَلَكية، وسوف نُقرأ، إن قُرِئنا طبعًا، مع فنجان شاي وسيجارتين وبعض المخبوزات الشهيّة الطازجة.

***

وأخيرًا فإن من بين مزايا مقالات العيد أنها ستعيش فترة أطول من غيرها، ليس لأنها لا سمح الله أهم من غيرها، بل لأن الجرائد التي تحتوي مقالات العيد لن تُستخدَم في الأغراض المنزلية لمدة أسبوع على الأقل، فلقد انتهت والحمد لله أعمال التنظيف التي اجتاحت البيوت المصرية في الثلث الأول من شهر أبريل/نيسان مع الاستعداد لسلسلة الأعياد المتتالية مسيحية ومسلمة، ودخلَت كل الأُسَر المصرية في فترة سكون وراحة ونقاهة وإجازات كانت تحتاج إليها. وهكذا ضمنّا – دون أن نقصد – ألا تمتد الأيادي لتلك الجرائد لبضعة أيام مقبلة، فزجاج النوافذ ما زال يلمع كالماس، وفرش الأرفف في المطبخ ما زال جديدًا لمن يستخدمون الجرائد لهذا الغرض، وبالتالي ستظّل مقالات العيد متاحة لتلك الأُسر التي تتمسّك بقراءة الصحف الورقية حتى يومنا هذا، ولو أنها في تناقص مستمر.

إقرأ على موقع 180  أمريكا تُعوّض خسارة إيران الشاه بكسب مصر السادات

***

الأعياد مناسبات استثنائية، والاستثناء له جاذبيته لأنه يعكس التمايز والاختلاف ويكسر الرتابة والروتين. كل عام وأنتم بخير، وكل عام وأعيادنا مبهجة باسثناءاتها المحببة في الطقوس والزينة والطعام وأيضًا في.. المقالات.

(*) بالتزامن مع “الشروق

Print Friendly, PDF & Email
نيفين مسعد

كاتبة مصرية

Download Nulled WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  قناة السويس في مواجهة البدائل.. جهوزية عالية وتنافسية أكبر