“أوراسيا ريفيو”: إخفاق دبلوماسي أمريكي كبير

نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب الماليزى، ليم تيك جى، وصف فيه قيام جو بايدن بقطع رحلته الآسيوية، بعد حضور قمة مجموعة السبع فى طوكيو، وإلغاء كل من؛ قمة الكواد، ولقاء قادة جزر المحيط الهادى، بأنه أكبر إخفاق دبلوماسى لأمريكا هذا العام، إذ أسهمت هذه الخطوة فى التشكيك بمصداقية واشنطن كشريك. لذا دعا الكاتب جزر المحيط الهادئ إلى عدم الوثوق بالولايات المتحدة، لأن نشوب حرب بين واشنطن وبكين سيكون له عواقب وخيمة عليهم.

الأخبار التى تفيد بأن جو بايدن عاد مباشرة إلى واشنطن بعد اجتماع مجموعة السبع فى طوكيو تثير أسئلة ليس فقط حول كبر سن الرئيس الأمريكى، وضعفه الجسدى والعقلى، بل تثير أيضا تساؤلات حول ما إذا كانت الدول الحليفة للولايات المتحدة فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ ستستمر فى دعم سياساتها الخارجية.
كان مخططا أن ينتقل الرئيس الأمريكى بعد طوكيو إلى بورت مورسبى (عاصمة دولة بابوا غينيا الجديدة) للقاء قادة جزر المحيط الهادئ مع رئيس وزراء الهند مودى؛ ثم الذهاب إلى أستراليا لحضور اجتماع رباعى (الحوار الأمنى الرباعى، المعروف أيضا باسم كواد Quad ويضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند) من أجل تأكيد الهيمنة وإخبار الجانب الآسيوى بما هو الأفضل لهم ولمصالحهم.
أبدت كل من بابوا غينيا الجديدة وأستراليا عبارات غنائية عن زيارة بايدن. إذ وصف رئيس وزراء بابوا غينيا الجديدة، جيمس ماراب، الزيارة بأنها «سابقة تاريخية»، واجتماع مستقبلى للقوى العظمى من أجل «المضى قدما».
بالنسبة لأستراليا، فقد كان لدى رئيس الوزراء ألبانيز خطط لبايدن كإلقاء كلمة فى جلسة مشتركة للبرلمان الأسترالى. لكن أدى إعلان الرئيس الأمريكى فى اللحظة الأخيرة عن قطع رحلته إلى آسيا إلى تدفق المشاعر السلبية من الأجنحة اليسرى واليمنى والوسطى فى أستراليا. إذ قال وزير الخارجية السابق ــ بوب كار ــ (من الجناح الوسطى): «إن ذلك يظهر أن الأستراليين كانوا ساذجين للغاية ومتفائلين بشأن شريكنا الأمريكى».

رفض الآسيان الانجرار إلى خطط الولايات المتحدة وأستراليا لشل الصين من خلال استراتيجيات جديدة للإكراه العسكرى والاقتصادى يمكن أن يكون بمثابة نموذج للتكرار فى المحيط الهادئ

كما قال جون مينودى، سياسى أسترالى: «يرسل الرئيس بايدن رسالة غريبة بعدم تمكنه من حضور اجتماع كواد فى مدينة سيدنى الأسترالية. وعلى الأقل لن تكون هناك فرصة للإعلان عن قواعد أمريكية جديدة لمهاجمة الصين من أستراليا».
بخصوص الجناح اليمينى الأسترالى، فهو يعتقد أن 360 مليار دولار لصفقة غواصات (أوكوس) النووية ليست كافية لدولة حليفة للولايات المتحدة! وعلق بيتر جينينجز، كاتب عمود أسترالى، قائلا: «هذا تمويل باهت للحكومة، لا يحظى بزيارات رئاسية، عندما تكون الأولويات الأخرى ملحة».
أما فى بابوا غينيا الجديدة، فقد كتب مارتين نامورونج، مدون وناشط سياسى، «لقد أعلنا يوم زيارة بايدن التاريخية يوم عطلة رسمية، لكن الولايات المتحدة ألقت بها تحت الحافلة. الولايات المتحدة تواصل إطلاق النار على قدمها وهى تتعثر للحفاظ على قبضتها فى المنطقة».
بينما قال دانييل راسل، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية السابق لشئون شرق آسيا والمحيط الهادئ: «سينظر إليها (إلغاء الزيارة) فى المنطقة على أنها جرح ناتج عن الاستقطاب السياسى فى واشنطن، وهذا لا ينعكس بشكل جيد على مصداقية أمريكا كشريك».

***

من الواضح أن الجولة الدبلوماسية فى المحيط الهادئ لم تكن تهدف إلى السلام والاستقرار والأمن. كما أنها لم تكن تهدف إلى مساعدة الدول الجزرية المتضررة من تغير المناخ، والمشكلات البيئية بشكل عام، والعمالة، واحتياجات البنية التحتية والخدمات، والأولويات المحلية الأخرى.
بل من المؤكد أن اجتماع بايدن ومودى فى بابوا غينيا الجديدة كان لوضع الصين كعدو يجب احتواؤه من خلال اتفاقيات عسكرية وتجارية ودبلوماسية جديدة تبرم مع قادة جزر المحيط الهادئ الـ 14 المجتمعين هناك.
بعبارة أخرى، الهدف هو تعزيز التطويق العسكرى لبكين من خلال توسيع الخناق الحالى لأكثر من 100 قاعدة عسكرية أمريكية حول الصين على أن يتم ربطه بإجراءات اقتصادية تهدف إلى كبح العلاقات الصينية مع الدول الجزرية ودول أخرى فى آسيا.
فى ضوء هذه الحقيقة، حذر زعيم منظمة غير حكومية فى جزر المحيط الهادئ قائلا: فى أى حرب تحرض عليها الولايات المتحدة ضد الصين، ستكون كل الرهانات معطلة لجميع الأطراف.. يجب على قادة الجزر وشعوبهم أن يستيقظوا على حقيقة العواقب المقصودة وغير المقصودة التى لن تعرض أمنهم للخطر فحسب، بل من المحتمل أيضا أن تسلب حياتهم. محاربة بلد على بعد آلاف الأميال (الصين) ليست دبلوماسية ذكية ولا سياسة خارجية ذكية.
وأضاف: فى حسابات الولايات المتحدة وحلفائها.. يمكن الاستغناء عن الجزر وسكان الجزر. نشوب حرب نووية بين الصين الولايات المتحدة ــ وبدعم من دول ضعيفة مثل أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية والهند والفيليبين ــ سيكون لها عواقب مروعة على جزر المحيط الهادئ.

***

الهدف هو تعزيز التطويق العسكرى لبكين من خلال توسيع الخناق الحالى لأكثر من 100 قاعدة عسكرية أمريكية حول الصين على أن يتم ربطه بإجراءات اقتصادية تهدف إلى كبح العلاقات الصينية مع الدول الجزرية ودول أخرى فى آسيا

من الأفضل لدول جزر المحيط الهادئ أن تتعلم من دول الآسيان (رابطة تتكون من خمس دول هى إندونيسيا وماليزيا والفيليبين وسنغافورة وتايلند) إذ على الرغم من القضايا الطويلة الأمد مع الصين فى بحر الصين الجنوبى، استمرت ــ باستثناء حكومة الفيليبين الجديدة تحت قيادة ماركوس ــ فى رفض أن تصبح بيادق فى يد الولايات المتحدة.
وقعت الدول الأعضاء فى الآسيان فى عام 1971 إعلانا بشأن إنشاء منطقة سلام وحرية وحياد. وقد استكملت ذلك فى عام 1991 بمعاهدة بانكوك وإعلانها الالتزام بالحفاظ على منطقة جنوب شرق آسيا كمنطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى.
باختصار، إن رفض الآسيان الانجرار إلى خطط الولايات المتحدة وأستراليا لشل الصين من خلال استراتيجيات جديدة للإكراه العسكرى والاقتصادى يمكن أن يكون بمثابة نموذج للتكرار فى المحيط الهادئ.

إقرأ على موقع 180  "فورين أفيرز": خامنئي يُحقّق ما لم يُحقّقه الخميني!

(*) بالتزامن مع “الشروق

Print Friendly, PDF & Email
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
online free course
إقرأ على موقع 180  أوليفر ستون يحاور بوتين.. مرحلة الـ"كي جي بي" وذكريات لينينغراد