“بروجيكت سانديكيت”: الذكاء الإصطناعي وسيلة للنمو الإقتصادي!

Avatar18012/08/2023
نشر موقع Project Syndicate مقالة للكاتب مايكل سبنس، يقول فيها إنه يمكن زيادة الإنتاجية العالمية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى. فهذه التكنولوجيا مدربة جيدا للتفاعل مع الجمهور، ومع ذلك ونظرا لأنها آلات ترتكب أخطاء، فمن المستبعد أن تستبدل البشر فى المستقبل القريب.. في ما يلى أبرز ما تضمنته مقالة سبنس كما ترجمها موقع "الشروق":

“فى مختلف أنحاء العالم، يكافح الـعرض لملاحقة الطلب، على الرغم من الزيادات الحادة التى طرأت على أسعار الفائدة. وتزداد شيخوخة القوة العاملة العالمية بسرعة. كما ينتشر نقص العمالة على نحو مستديم فى كل مكان.
هذه ليست سوى بعض القوى الكامنة وراء تحدى الإنتاجية الذى يواجه الاقتصاد العالمى. وقد بات من الواضح على نحو متزايد أننا يجب أن نعمل على تسخير الذكاء الاصطناعى فى التصدى لهذا التحدى.
على مدى العقود الأربعة الأخيرة، جلب نمو الاقتصادات الناشئة السريع زيادة كبيرة فى القدرة الإنتاجية، التى عملت كقوة عاتية خافضة للتضخم على جانب العرض. وعملت الصين، على وجه الخصوص، كمحرك قوى للنمو. لكن محرك نمو الاقتصاد الناشئ هذا أصابه الضعف بشكل كبير فى السنوات الأخيرة. فقد أصبح النمو بعد الجائحة فى الصين أقل كثيرا من إمكاناته ولا يزال فى تراجع مستمر.
علاوة على ذلك، تعمل التوترات الجيوسياسية، وصدمات عصر جائحة كوفيدـ19، وتغير المناخ على تعطيل سلاسل التوريد العالمية، كما تعمل مجموعة من حوافز السوق وأولويات السياسات الجديدة. من ناحية أخرى، ارتفعت مستويات الديون السيادية ولا تزال فى ارتفاع، مما يقلل من قدرة البلدان المالية على تنفيذ استثمارات عامة داعمة للنمو ويزعزع استقرار بعض الاقتصادات.
هذه اتجاهات مزمنة، أى أنها من المحتمل أن تكون سمات ثابتة للاقتصاد العالمى فى العقد المقبل. وسوف تتسبب قيود العرض والتكاليف المتزايدة الارتفاع فى إعاقة النمو. كما سيظل التضخم يشكل تهديدا مستمرا، مما يتطلب زيادة أسعار الفائدة التى تتسبب فى رفع تكاليف رأس المال. وسوف يكون من الصعب للغاية ــ اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ــ ملاحقة الاستثمارات الضخمة المطلوبة على نحو متزايد الشدة؛ ولكن بدونها ستزداد الارتباكات المرتبطة بتغير المناخ سوءا على سوء.
لكن الأمر لا يخلو من أخبار واعدة. ففى كتاب جديد لكاتب المقال، وجوردون براون، ومحمد العريان، بعنوان «أزمة دائمة: خطة لإصلاح عالـم مـمـزق»، يزعمون فيه أنه مع التقدم السريع فى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، لن يكون تحقيق هذا الهدف (زيادة الإنتاجية) مستحيلا. يتلخص المفتاح فى ضمان تركيز إبداع الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته بشكل محورى على نمو الإنتاجية فى السنوات المقبلة.
لقد بدأ بالفعل سباق تطوير تطبيقات مرتبطة بمجموعة واسعة من القطاعات والفئات الوظيفية. فقد أنشأت شركة OpenAI، وهى الشركة التى طورت ChatGPT، واجهة تطبيق لبرمجة التطبيقات (API) تسمح لآخرين ببناء حلول الذكاء الاصطناعى الخاصة بهم على قاعدة النماذج اللغوية الضخمة، وإضافة البيانات والتدريب المتخصص للاستخدام الذى يستهدفونه بعينه.
تقدم لنا دراسة حالة أجراها أخيرا الباحث الاقتصادى إيريك برينجولفسون وزملاؤه فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إشارة مبكرة إلى الإمكانات المتاحة فى ما يتصل بالإنتاجية. بفضل التوصل إلى إنشاء أداة قائمة على الذكاء الاصطناعى التوليدى مدربة على التسجيلات الصوتية للتفاعلات مع خدمة العملاء ومقاييس الأداء أصبح من الممكن زيادة الإنتاجية بنحو 14% فى المتوسط، قياسا على عدد القضايا التى يتم حلها كل ساعة.

فى كتاب جديد لكاتب المقال، وجوردون براون، ومحمد العريان، بعنوان «أزمة دائمة: خطة لإصلاح عالـم مـمـزق»، يزعمون فيه أنه مع التقدم السريع فى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى، لن يكون تحقيق هذا الهدف (زيادة الإنتاجية) مستحيلا. يتلخص المفتاح فى ضمان تركيز إبداع الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته بشكل محورى على نمو الإنتاجية فى السنوات المقبلة

كان وكلاء خدمة العملاء الأقل خبرة هم الأكثر استفادة من هذه الأداة، وهذا يشير إلى أن الذكاء الاصطناعى من الممكن أن يساعد العمال على «التحرك مع منحنى التجربة» بسرعة أكبر. وسوف يكون تأثير «التسوية» هذا فى الأرجح سـمة شائعة لتطبيقات الذكاء الاصطناعى، وخاصة تلك التى تلائم «نموذج المساعد الرقمى».
يأتى هذا النموذج فى نسخ عديدة، وقد يستفيد من قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعى والذكاء المحيط على تتبع وتسجيل النتائج. فى حالة الأطباء الذين يفحصون المرضى، أو يقومون بجولات فى المستشفى، من الممكن أن تنتج أدوات الذكاء الاصطناعى مسودة أولى للتقارير المطلوبة، والتى لن يحتاج الأطباء بعد ذلك إلا إلى تحريرها. وتتفاوت تقديرات توفير الوقت، لكنها جميعها كبيرة للغاية.
من المؤكد أن الذكاء الاصطناعى قد يعمل أيضا على تمكين أتمتة (تشغيلها آليا) عدد كبير من المهام والحلول محل العمال البشريين. لكن أدوات الذكاء الاصطناعى هى فى الأساس آلات تنبؤ؛ وهى ترتكب الأخطاء، وتختلق أشياء من الخيال، وتعمل على إدامة التحيزات التى تدربت عليها. وعلى هذا فمن غير المرجح أن تستبعد التطبيقات الحكيمة البشر فى أى وقت قريب.
لتحقيق إمكانات الذكاء الاصطناعى فى تعزيز الإنتاجية، يتعين على صناع السياسات أن يعملوا فى مجالات عديدة. بادئ ذى بدء، يعتمد الإبداع، والتجريب، وتطوير التطبيقات على انتشار القدرة على الوصول إلى النماذج اللغوية الضخمة. وربما تنشأ المنافسة الكفيلة بضمان تمكين أكبر عدد ممكن من المستخدمين على الوصول إليها بتكلفة معقولة. ولكن بسبب قـلة الشركات التى تمتلك القدرة الحاسوبية اللازمة لتدريب النماذج اللغوية الضخمة، يجب أن يظل القائمون على التنظيم يقظين على هذه الجبهة.
علاوة على ذلك، يجب أن تتعاون الحكومات مع الصناعة والأشخاص الباحثين لترسيخ مبادئ مقبولة على نطاق واسع للإدارة المسئولة واستخدام البيانات، وتنفيذ الضوابط التنظيمية لدعم هذه المبادئ. ويـعـد إيجاد التوازن الصحيح بين الأمن والانفتاح ضرورة أساسية؛ فلا يجوز أن تكون القواعد تقييدية إلى الحد الذى يجعلها تعيق التجريب والإبداع.
أخيرا، يحتاج الباحثون والباحثات فى مجال الذكاء الاصطناعى إلى الوصول إلى قدرة حاسوبية كبيرة لاختبار وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعى الجديدة. سوف تؤدى الاستثمارات الحكومية فى أنظمة الحوسبة السحابية إلى تحقيق تقدم طويل الأمد فى مجالات الذكاء الاصطناعى والروبوتات، وسوف يصاحب ذلك فوائد اقتصادية بعيدة المدى. فى الواقع، قد تكون الإدارة الفـعالة المتطلعة إلى المستقبل لتطوير الذكاء الاصطناعى، إلى جانب الالتزام المتجدد بالتعاون العالمى، المفتاح إلى مستقبل أكثر ازدهارا وشمولية واستدامة”.

إقرأ على موقع 180  "معهد القدس": أربعة خيارات رئاسية تنتظر اللبنانيين

(*) المصدر موقع “الشروق“.. والنص الأصلي بالإنجليزية في موقع “بروجيكت سانديكيت“.

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
free online course
إقرأ على موقع 180  معادن أفغانستان بـ 3 تريليونات دولار.. كيف تتصرف طالبان؟