لنفضح شراكة أمريكا في “محرقة غزة”!

كيف لنا أن نساعد أهل فلسطين ونحن في حالة من العجز والغضب والحيرة إزاء جرائم ترتكبها إسرائيل وأمريكا وأوروبا و.. في غزّة والضفّة على مرأى ومسمع من العالم؟ وهل سيكون مصيرها كغيرها من الجرائم التي ارتكبها الكيان الغاصب منذ ولادته حتى يومنا هذا؟

كل الجرائم التي ارتُكبت وتُرتكب في فلسطين هي جرائم إسرائيليّة وأمريكيّة وأوروبيّة. يُمكن أن نتذاكى ونتحربق – كما يفعل كثير من السياسيّين وبعض الأكاديميّين السذج أو الخبثاء – ونقول إنّ ما يحصل في غزّة والضفّة عبارة عن جرائم إسرائيليّة بغطاء أمريكي-غربي. هذا التذاكي مجرد كذب ونفاق لا أكثر ولا أقلّ. فعندما تُقدّم أمريكا ـ بشراكة أوروبية ـ لإسرائيل كل ما تحتاجه من مال وسلاح وذخائر وبوارج وحاملات طائرات ومنظومات تجسس واستطلاع ومراقبة ودعم دبلوماسي وقانوني وحتّى نقل الآلاف من جنودها لأداء مهمّات غير قتاليّة مع الجيش الإسرائيلي، فضلاً عن التضييق على الفلسطينيين في بلاد “الحريّة والعدالة”، هذا يعني أنّ أمريكا هي فعليّاً شريكة في جرائم قتل الفلسطينيين، وما يسري على أمريكا يسري على أوروبا. علينا ألا ننسى أيضاً أنّ هناك أمريكيّين وأوروبيّين يحاربون في صفوف الجيش الإسرائيلي كإسرائيليّين ويشكّلون العدد الأكبر من العصابات الفاشيّة للمستوطنين الصهاينة في الضفّة. إذاً، أمريكا وأوروبّا لم تعلنا فقط الحرب على أهل فلسطين، بل هما شريكتان في قرار الحرب وارتكاب المجازر هناك.

نعم، هناك ازدواجية وقحة ونفاق فاضح بين ما يبتجّح به الغرب حول قيمه النيّرة ومبادئه الجليلة وأفكاره العظيمة والتي تقابلها ممارسات إحتياليّة وعقائد إجراميّة وآراء فاسدة تنسف كلّ ذلك. الغضب الغربي إزاء ما قامت به “حماس” لم يقابله غضب مماثل لما يتعرّض له الفلسطيّنيون. وتجريم الفلسطينيّين على مقاومتهم للصهاينة المستعمرين لم يقابله تجريم العصابات اليهوديّة الفاشيّة التي تقتل الفلسطينيّين لأجل الرياضة والمتعة.

كيف لنا أن نساعد الفلسطينّيين في ظل هذه المحرقة التي يتعرّضون لها؟

الجواب: علينا ألا نتجاهل نفاق الغرب ونشير إلى أنّ ما يتبجّح به عن قيمه ومبادئه وأفكاره ليس إلاّ قنابل صوتيّة ودخانيّة هدفها فقط التعمية والتغطيّة على الإجرام المستشري فيه.

ولكي نساعد أهل فلسطين وقضيّتهم، علينا أن نمدّ اليد إلى كلّ غربي هاله ما يحصل في فلسطين، ويصرخ “كفى” و”ليس بإسمنا”. ليس صحيحاً أنّ هذا الصراع على فلسطين هو بين يهود وفلسطينيّين. فكثير من اليهود كانوا وما زالوا من المقاومين لسياسة إسرائيل الفاشيّة. وكثير من الصهاينة ليسوا أصلاً بيهود، مثل الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتز ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، وكثير من النخب السياسيّة والماليّة والصناعيّة والأكاديميّة والفنيّة في الغرب وغير الغرب.

لكي نساعد أهل فلسطين علينا أن نُذكّر العالم بهذه الحقيقة: الصهيونيّة الفاشيّة لا تعني اليهود فقط، بل هي سرطان أصاب بعض اليهود وبعض أهل الغرب وبعض العرب، وجعلهم مجرمين يتساوون في مسؤوليّاتهم في قتل أو إسكات أو تحطيم كل من يقف في وجه إجرامهم، أكان يهوديّاً أم غربيّاً أم عربيّاً.

لكي نساعد أهل فلسطين علينا أن نُذكّر الغرب أنّه يخفي نفاقه وراء ألاعيب لغويّة إنّ كشفت عن شيء فعن حجم الإجرام والكراهية في العقل السياسي والإجتماعي الغربي. مثلاً، من أين أتى مصطلح “الأضرار الجانبيّة” (collateral damage) وما المقصود به؟ أليس هو سلاح يعطونه لأنفسهم من أجل قتل الآخرين وتشريدهم من دون أي حسيب أو رقيب؟

لكي نساعد أهل فلسطين في محنتهم، علينا أن نعي أنّ مفهوم معاداة الساميّة يتعلّق بتاريخ أوروبّي عريق من الكره لليهود تحديداً.. العداء الغربي للعرب والمسلمين له أسماء أخرى، يمكن أن نصنّفه في يومنا هذا في خانة كره المسلمين (Islamophobia) أو كره العرب (Arabophobia). علينا أن نعي درجة الحساسية عند اليهود (طبعاً أعني من يمتلك بينهم حساً إنسانيّاً يمنعه من دعم هذا الإجرام الذي ترتكبه الصهيونيّة الفاشيّة) عندما نستخفّ بحجم الرعب الذي أنتجته سياسة أوروبا اللاساميّة تجاههم.. وذروتها ارتكاب المحرقة. هذا الرعب كان المدخل الذي منه وعبره تمكّنت الصهيونيّة الفاشية من الإستحواذ على عقل وولاء الكثير من اليهود وغير اليهود.

ولكي نساعد أهل فلسطين، علينا تذكير المجتمع الغربي بأكمله أنّه لتبرير المحرقة التي ساعدوا في ارتكابها والتغطية عليها (حتّى فضحها الجيش السوفييتي عندما احتلّ بولندا وشرق ألمانيا)، فهم يقومون بنفس الجريمة منذ سنة 1948: مساعدة إسرائيل بكلّ أنواع الدعم على ارتكاب محرقة تجاه الفلسطينيّين، وكأنّهم يقولون للصهيونيّة الفاشيّة أنّه من أجل أن نكفّر عن ذنبنا في قتل اليهود، سنسمح لكم بقتل وتهجير أهل فلسطين ولكم الحريّة المطلقة في قتلهم وتهجيرهم وترويعهم بأي شكل ترونه مناسباً.

ونساعد الفلسطينيين عندما نُعيد تذكير المجتمع الغربي بكامل المجازر التي ارتكبتها عصابات الإجرام الصهيونيّة والتي تدلّ على أنّ القتل وإسالة دماء الأطفال والنساء والشيوخ هو في صلب وجوهر الفكر الصهيونيّ الفاشي. من دير ياسين إلى صبرا وشاتيلا إلى مستشفى الشفاء إلى ..، ترتكب إسرائيل المجزرة تلو الأخرى والعالم الغربي يهرع لنجدتها والتستر عليها. هل فعليّاً هناك فرق بين أن ترتكب إسرائيل المجزرة مباشرةً أو أن تخطّط لها وتأتي بعصابات أخرى لتنفيذها (كمجزرة صبرا وشاتيلا). نعم إسرائيل ارتكبت مجزرة صبرا وشاتيلا لأنّها أتت بميليشيات القوّات اللبنانيّة وأدخلتها إلى المخيمين وحثّتها على قتل الفلسطينيّين بغطاء إسرائيلي كامل.

إقرأ على موقع 180  بن سلمان يقرع الأبواب الأميركية.. فلا تُفتح!

ولكي نساعد أهل فلسطين علينا أن نُذكّر الغرب أنّه يخفي نفاقه وراء ألاعيب لغويّة إنّ كشفت عن شيء فعن حجم الإجرام والكراهية في العقل السياسي والإجتماعي الغربي. مثلاً، من أين أتى مصطلح “الأضرار الجانبيّة” (collateral damage) وما المقصود به؟ أليس هو سلاح يعطونه لأنفسهم من أجل قتل الآخرين وتشريدهم من دون أي حسيب أو رقيب؟

علينا أن نأخذ كلّ هذه المصطلحات على حقيقتها: أدوات أنتجها رجال سياسة وأكاديميّون غربيّون، غرضها تبرير إجرام يمارسه الغرب وصولاً إلى القول ببساطة إن ما يُصيب أهل فلسطين مجرد “أضرار جانبيّة”!

لنفكّر قليلاً: “أضرار جانبيّة”! لا نقول بشر يُقتلون ويُسحلون ويُحرقون و… فقط “أضرار جانبيّة”، لا أكثر ولا أقل!.

لكي نساعد أهل فلسطين، علينا أن نفهم حقّاً من هم أعداء أهل فلسطين. علينا أن نفهم العقل الصهيوني الفاشي، لا أن نطلق الأفكار الفارغة والنظريّات السخيفة عنه. وكما تتبع إسرائيل وأمريكا وأوروبا سياسة فرّق تسد، علينا أن نتبع السياسة ذاتها في ما يخصّ إسرائيل والغرب: علينا معرفة الفرق بينهم، بين من هو صالح ومن هو سرطاني ومن هو خبيث، بين من يحتفظ بذرّة من إنسانيّة وبين من يأكله الفكر الإجرامي الفاشي من رأسه حتى أخمص قدميه وبين من لا يهمّه إلاّ المال والنفوذ والمنصب. علينا أن نعرف من يجب ومن يُمكن أن نُكلّمهم عن فلسطين حتّى نخلق جواً عاماً يُمكن مع الوقت أن يُعين أهل فلسطين في محنتهم التي خلقتها الصهيونيّة الفاشيّة وأمريكا وأوروبا.

كثيرون لا يؤمنون بالعنف وسيلة لحل المشاكل والخلافات ومحاربة الظلم، لكن هناك وسائل كثيرة سلميّة غير-عنفيّة يجب أن نستخدمها بإصرار وفعالية من أجل إيصال الحقّ إلى أهل فلسطين وإيقاف هذا الوحش ذو الرأسين (رأس صهيوني فاشي ورأس غربي فاشي) والذي يتلذّذ بسفك دماء الفلسطينيين.

إن مساعدة أهل فلسطين تكون برفض ما يسمّى بالسلام مع الصهيونيّة الفاشيّة.

إن مساعدة أهل فلسطين تكون بالكلمة المناضلة والموقف المقاوم لفضح نفاق الغرب وخلق جو عام غربي يصرخ مع أهل فلسطين: كفانا دماءً، كفانا قتلاً، كفانا قتلةً، كفانا فاشيّةً.

هكذا نساعد فلسطين وأهلها.. أما الصمت والصياغات اللغوية الملتبسة، على طريقة خطاب العديد من المنظمات غير الحكومية، فهو شراكة في الجريمة.

Print Friendly, PDF & Email
سليمان مراد

كاتب وأستاذ جامعي مقيم في الولايات المتحدة

Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  عودة ترامب أكثر احتمالاً.. أي عالم ينتظرهُ وينتظرنا؟