إسرائيل ولعنة أرض الميعاد.. المستمرة!

يتقبّل الفكر اليهودي التقليدي أنّ جرائم ومعاصي بني إسرائيل في غابر الأزمان كانت الأساس الذي أغضب الله منهم، فسلّط عليهم من أخرجهم من أرض الميعاد عقاباً لهم (السبي البابلي، تدمير الرومان للقدس، إلخ..)، والذي سمّاه بعض العلماء بـ"لعنة" أرض الميعاد. هل نحن أمام تكرار لعنة أرض الميعاد مع إسرائيل الحاليّة؟

في مرافعة فريدة من نوعها له أمام محكمة العدل الدوليّة في لاهاي، فنّد الأستاذ والخبير في القانون الدولي رالف وايلد (Ralph Wilde) المزاعم القانونيّة والأخلاقيّة التي تستخدمها دولة إسرائيل أساساً لشرعيّتها. ما قاله وايلد، لا يبرهن فقط أنّ إسرائيل دولة فاقدة لأي نوع من الشرعيّة، بل أنّ الإعتراف بإسرائيل وتغطية جرائمها النازيّة منذ سنة 1948 حتى الآن إنما يُقوّض كل الأسس القانونيّة والأخلاقيّة للعالم الغربي.

ولكي يكتمل كلام وايلد، علينا أن نُفنّد أيضاً أسس المزاعم الدينية التي بنت عليها إسرائيل “حقّها” في أرض فلسطين، وأعني مقولة أرض الميعاد التي أعطاها الله لبني إسرائيل القدماء، وأنّهم عادوا إليها.

ما تريده الرواية الصهيونيّة أن يبقى مجهولاً هو أنّ الفكر اليهودي التقليدي تقبّل، بل أصرّ على أنّ الشتات هو عقاب إلهي لا يجب تحدّيه، وهو الأمر الذي شكّل مأزقاً كبيراً لقادة الحركة الصهيونيّة عند نشأتها. لكن تفشّي حالة الكره لليهود في أوروبا (المحرقة أبرز تجلّياتها)، أعطى النازيّة فرصة فريدة لتقويض هذه القناعة (إلاّ في بعض الحالات القليلة ليهود ما زالوا مؤمنين بأن إنشاء كيان يهودي في إسرائيل هو تمرّدٌ على الله).

وتشهد إسرائيل منذ ثمانينيات القرن المنصرم تنامياً لافتاً للإنتباه للحركات والأحزاب الدينيّة المتطرّفة، يقابله ضمور متزايد للأحزاب العلمانيّة. لكن السلوك النازي الذي يسيطر على المجتمع الإسرائيلي، خصوصاً في تعامله الوحشي مع الفلسطينيّين، لا يشهد أيّ تغيير، بل يزداد فظاعةً ووحشيّةً سنة بعد سنة. هذه الشعبية المتنامية للإحزاب والحركات الدينيّة المتطرّفة تدلُّ على تبلور فكر يهودي لا علاقة له باليهوديّة الكلاسيكيّة. إذاً، حتّى في المنظور الديني، لا تُشكّل هذه الحركات نوعاً من الإستمراريّة مع اليهوديّة الكلاسيكيّة.

ما هي “لعنة” أرض الميعاد؟

الفكر اليهودي الديني في هذا الخصوص مبنيٌ على إيمان (وهو إعتقاد مشترك عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين) أنّ إعطاء الله أرض فلسطين لبني إسرائيل القدماء ارتكز على شروط واضحة، وأنّ الحفاظ على هذه الشروط كان من أعظم التحدّيات التي واجهوها بعد استيلائهم عليها.

التوراة مليئة بالأمثلة على ذلك، كما نجد في الإصحاح السادس من سفر التثنية، عندما خاطب النبي موسى بني إسرائيل قبل عبورهم إلى أرض الميعاد، مُذكّراً إياهم:

1 وَهَذِهِ هِيَ الوَصَايَا وَالشَّرَائِعُ وَالفَرَائِضُ الَتِي أمَرَنِي إلَهُكُمْ بِأنْ أُعَلِّمَكُمْ إيَّاهَا، لِتَعْمَلُوا بِهَا فِي الأرْضِ الَّتِي أنْتُمْ عَابِرُونَ إلَيْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا. 2فَهَكَذَا تَهَابُونَ إلَهَكُمْ بِإطَاعَةِ كُلِّ شَرَائِعِهِ وَوَصَايَاهُ الَّتِي أُوْصِيكُمْ بِهَا، أنْتُمْ وَبَنُوكُمْ وَأحفَادُكُمْ كُلَّ أيَّامِ حَيَاتِكُمْ، فَتَعِيشُوا حَيَاةً طَوِيلَةً.3 اسْمَعْ يَا إسْرَائِيلَ، وَاحرِصْ عَلَى إطَاعَةِ هَذِهِ الشَّرَائِعِ، فَتَنْجَحَ وَتَتَكَاثَرَ فِي الأرْضِ، إذْ وَعَدَ اللهُ، إلهَ آبَائِكُمْ، بِأنْ يُعطِيَكُمُ أرْضاً تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً.

4 اسْمَعْ يَا إسْرَائِيلَ، يهوه هُوَ إلَهُنَا، يهوه وَحْدَهُ.5 فَتُحِبَّ إلَهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَبِكُلِّ نَفْسِكَ، وَبِكُلِّ قُوَّتِكَ. 6 تَذَكَّرُوا دَائِماً هَذِهِ الوَصَايَا الَّتِي أُعْطِيهَا لَكُمُ اليَوْمَ. 7 عَلِّمُوهَا لِأوْلَادِكُمْ، تَكَلَّمُوا عَنْهَا فِي بُيُوتِكُمْ وَخَارِجَ بُيوتِكُمْ، وَحِينَ تَنَامُونَ، وَحِينَ تَنْهَضُونَ. 8 اكتُبُوهَا وَاربِطُوهَا عَلَامَةً عَلَى أيدِيكُمْ، وَالبَسُوهَا كَعُصَابَةٍ عَلَى جِبَاهِكُمْ. 9 اكتُبُوهَا عَلَى دَعَائِمِ أبوَابِ بُيُوتِكُمْ وَبَوَّابَاتِ مَدِينَتِكُمْ.

10 وَحِينَ يُحضِرُكُمْ إلَهُكُمْ إلَى الأرْضِ الَّتِي أقْسَمَ لِآبَائِكُمْ إبْرَاهِيمَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأنْ يُعْطِيَهَا لَكُمْ، الَّتِي فِيهَا مُدُنٌ عَظِيمَةٌ جَمِيلَةٌ لَمْ تَبْنُوهَا، 11 وَبُيُوتٌ تَمْتَلِئُ بِخَيرَاتٍ كَثِيرَةٍ لَمْ تَملأُوهَا أنْتُمْ، وَآبَارٌ لَمْ تَحْفُرُوهَا، وَكُرُومُ عِنَبٍ وَبَسَاتِينُ زَيْتُونٍ لَمْ تَزْرَعُوهَا، وَحِينَ تَأْكُلُونَ وَتَشْبَعُونَ مِنْهَا، 12 لَا تَنْسَوْا اللهَ الَّذِي أخْرَجَكُمْ مِنْ أرْضِ مِصْرٍ حَيْثُ كُنْتُمْ فِي العُبُودِيَّةِ.

13 يَنْبَغِي أنْ تَخَافُوا إلَهَكَمْ، وَأنْ تَسْجُدُوا لَهُ وَحْدَهُ، وَأنْ لَا تَحْلِفُوا إلَّا بِاسْمِهِ. 14 لَا تَسِيرُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الَّتِي مِنْ حَوْلِكُمْ، 15 لِأنَّ إلَهَكَمُ السَّاكِنَ فِي وَسَطِكُمْ إلَهٌ غَيُّورٌ. فَاحْرِصُوا عَلَى أنْ لَا يَغْضَبَ عَلَيْكُمْ فَيُفنِيَكُمْ مِنْ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ.

16 لَا تَمْتَحِنُوا إلَهَكُمْ، كَمَا امْتَحَنْتُمُوهُ فِي مَسَّةَ. 17 بَلِ احفَظُوا وَصَايَا إلَهِكُمْ وَأحكَامَهُ وَشَرَائِعَهُ الَّتِي أوصَاكُمْ بِهَا، 18 وَاعْمَلُوا الصَّلَاحَ أمَامَ اللهِ لِتَنْجَحُوا وَتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا الأرْضَ الجَيِّدَةَ الَّتِي أقْسَمَ اللهُ لِآبَائِكُمْ بِأنْ يُعْطِيَهَا لَكُمْ، 19 بَعْدَ أنْ يَطْرَدَ أعْدَاءَكُمْ مِنْ أمَامِكُمْ، بِحَسَبِ مَا وَعَدَكُمْ اللهُ.

20 وَفِي المُسْتَقْبَلِ، حِينَ يَسألُكَ ابْنُكَ: مَا مَعنَى الأحكَامِ وَالشَّرَائِعِ وَالفَرَائِضِ الَّتِي أوصَاكُمْ إلهُنَا بِهَا؟ 21 قُلْ لَهُ: كُنَّا عَبِيداً لِمَلِكِ مِصْرٍ، لَكِنَّ اللهَ أخرَجَنَا مِنْهَا بِقُوَّتِهِ العَظِيمَةِ. 22 وَعَمِلَ اللهُ أمَامَ عُيُونِنَا آيَاتٍ وَعَجَائِبَ عَظِيمَةً وَرَهِيبَةً ضِدَّ مِصْرٍ وَمَلِكِهَا وَكُلِّ أهْلِ بَيْتِهِ 23 وَأخرَجَنَا مِنْ هُنَاكَ لِيُحْضِرَنَا إلَى الأرْضِ الَّتِي أقْسَمَ لِآبَائِنَا أنْ يُعْطِيَهَا لَنَا. 24فَأوصَانَا اللهُ أنْ نُطِيعَ كُلَّ هَذِهِ الشَّرَائِعِ وَأنْ نَهَابَ إلَهَنَا. كُلُّ هَذَا لِخَيرِنَا دَائِماً، وَلِكَي يَحْفَظَنَا أحيَاءً، كَمَا هُوَ الحَالُ الآنَ. 25 وَسَنُحسَبُ أبْرَاراً إنْ حَرِصنَا عَلَى إطَاعَةِ جَمِيعِ هَذِهِ الوَصَايَا كَمَا أمَرَنَا إلَهُنَا”.

هذا الإستشهاد الطويل يحثنا أولاً على إعادة قراءة التوراة لكي نعي حجم التحذير الإلهي لبني إسرائيل القدماء أنّ أرض الميعاد أعطاها الله لهم بشروط، إذا لم يفوا بها فستنهال عليهم لعنة الله وغضبه. وهذا ما حصل في الماضي البعيد، ويبدو أنّه بدأ بالحصول الآن.

وليس بمدهش ما نجده في الآيتين 10-11 حيث يقول موسى في معرض وصفه “الأرض المقدّسة”: “الَّتِي فِيهَا مُدُنٌ عَظِيمَةٌ جَمِيلَةٌ لَمْ تَبْنُوهَا، وَبُيُوتٌ تَمْتَلِئُ بِخَيرَاتٍ كَثِيرَةٍ لَمْ تَملأُوهَا أنْتُمْ، وَآبَارٌ لَمْ تَحْفُرُوهَا، وَكُرُومُ عِنَبٍ وَبَسَاتِينُ زَيْتُونٍ لَمْ تَزْرَعُوهَا..”، وكأنّه يتحدّث عن قيام دولة إسرائيل الحديثة، واستيلائها بغير حقّ على مدن وقرى أهل فلسطين، وبيوت وثروات أهل فلسطين، وينابيع وبساتين وسهول فلسطين، وحتّى طعام أهل فلسطين الذي يُسوّقونه في العالم بوصفه جزءاً من “التراث المطبخي الإسرائيلي”!

إقرأ على موقع 180  رضي الموسوي “صيدٌ ثمينٌ”.. هل تنقلب معادلات الميدان؟ 

يجعلنا ذلك نستنتج أن خراب إسرائيل سيكون، من جديد، عبارة عن انتقام إلهي (بأيدٍ بشريّة)، لأنّ إسرائيل انتهكت وتنتهك كلّ ما هو عقلاني، وجداني، روحاني، قانوني، أخلاقي، إنّ كان من منظور إلهي أو من منظور بشري محض.

ومنعاً لأي التباس، يقول لنا الإصحاح الـ 36 من سفر أخبار الأيّام الثاني:

13 وَتَمَرَّدَ صِدْقِيَّا عَلَى المَلِكِ نَبُوخَذْنَاصَّرَ الَّذِي استَحْلَفَهُ بِاللهِ أنْ يَكُونَ وَفيّاً لَهُ. فَقَسَّى رَقَبَتَهُ وَقَلْبَهُ رَافِضاً أنْ يَتُوبَ إلَى اللهِ، إلَهِ إسْرَائِيلَ. 14 وَقَدْ وَصَلَ تَأْثِيرُهُ السَّيِّئُ حَتَّى إلَى رُؤَسَاءِ الكَهَنَةِ وَقَادَةِ شَعْبِ يَهُوذَا، إذْ تَمَادَى هَؤُلَاءِ فِي الخَطَايَا، وَصَارُوا أكْثَرَ بُعداً عَنِ اللهِ. وَقَلَّدُوا الأُمَمَ الأُخرَى فِي مُمَارَسَاتِهَا البَغِيضَةِ، وَنَجَّسُوا بَيْتَ اللهِ الَّذِي قَدَّسَهُ فِي القُدْسِ.15 فَأرْسَلَ اللهُ، إلَهُ آبَائِهِمْ، أنْبِيَاءَ، وَاحِداً بَعْدَ الآخَرِ، لِإنْذَارِ شَعْبِهِ. فَقَدْ أشْفَقَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى مَكَانِ سُكْنَاهُ. 16 لَكِنَّهُمْ سَخِرُوا بِرُسُلِ اللهِ، وَاسْتَهَانُوا بِكَلَامِهِ، وهزَأُوا بِأنْبِيَائِهِ، فَازْدَادَ غَضَبُ اللهِ عَلَى الشَّعْبِ حَتَّى لَمْ يَعُدْ هُنَاكَ سَبيلٌ للنَّجَاةِ. 17 فَحَرَّكَ اللهُ مَلِكَ بَابِلَ لِلهُجُومِ عَلَى شَعْبِ يَهُوذَا وَالقُدْسِ”.

إذاً، في التفسير التوراتي للسبي البابلي، أن سببه المباشر هو رفض بني إسرائيل الإنصياع لما أمرهم به الله، فكان خرابهم.

الأرض المقدّسة ليست كأي أرض. هي في العرف الديني أرض الله. من يستوطنها، لا يكون فقط “جار” الله، بل تحت نظره الدائم. لذلك ظهر في أدبيات فضائل القدس (والتي أخذ المسلمون معظم موادها من التراث اليهودي) نوعٌ من التحذير من ارتكاب الخطايا فيها، كما في الحديث أدناه والذي يُرْوَى عن التابعي خالد بن معدان (ت. حوالي سنة 722 م.):

“مَن أتى بيت المقدس فليأتِ محراب داود الشرقي فليصلِّ فيه، وليسبح في العين – عين سلوان – فإنها من الجنة، ولا يدخل الكنائس ولا يشترِ فيها بيعاً، فإنّ الخطيئة فيها مثل ألف خطيئة، والحسنة مثل ألف حسنة”.

غاية هذا الحديث هو التذكير أنّ القدس والأرض المقدّسة ليستا كأي مكان آخر. فكما أنّ الحسنات لها بركتها كبيرة، فإن الآثام عاقبتها أفظع بكثير.

وإذا نظرنا إلى القرآن، نجده يتطابق مع الفكر اليهودي الكلاسيكي في هذا الأمر، أنّ عهد الله مع النبي إبراهيم كانت له شروط، كما نجد في الآية أدناه:

“وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ، قَالَ: إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً. قَالَ: وَمِن ذُرِّيَّتِي؟ قَالَ: لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ” (سورة البقرة 124).

هنا، يتضرّع إبراهيم إلى ربّه أن تكون إمامة البشر حصراً على ذريّته، لكن الله يُذكّره أنّ ذلك مشروط بعدم الظلم. لذلك، عندما يُعيد إبراهيم طرح الموضوع في السورة التالية، يتنبّه إلى هذا الأمر:

“وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ، مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ؟ قَالَ: وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ” (سورة البقرة 126).

ويؤكّد إبراهيم هنا أن قصده هو من آمن بالله، ويُكمل الله كلامه أنّ من يكفر ليس مشمولاً بذلك، وكأنّه يريد أن يزيل أي شكّ أنّ بركة الله والعهد بينه وبين إبراهيم وبني إسرائيل له شروطه فإذا لم يفوا بها يسقط العهد.

وفي مقطع آخر، يُعيد القرآن تأكيد ذلك عندما يقول إنّه كما سيكون من نسل إبراهيم وإسحاق محسنون، سيكون بينهم أيضاً ظالمون، ولن يشملهم عهد الله.

“سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ، وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ، وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ” (سورة الصَّافّات 109-113).

إذاً، كلام القرآن لم يأتِ من فراغ، بل فيه تكامل تام مع الفكر اليهودي الكلاسيكي.

المأزق الذي تجد إسرائيل نفسها فيه الآن يمكن أن نسمّيه مأزقاً توراتياً. فقد غاب عنهم أنّ “حقّ” اليهود بفلسطين ليس حقّاً، بل هو شرط، فقدوه وزالت شرعيّته الدينيّة منذ قرون قديمة لأنّهم لم يفوا بشروط العهد مع الله. وحتّى لو سلّمنا جدلاً أنّه لم يسقط في الماضي، لكن منذ التأسيس، أصرّ شعب إسرائيل (بأغلبيته) على القتل ولعاً بالقتل، والقهر رغبة بالقهر، واغتصاب حقوق أهل فلسطين لأنّهم آلهة لا يجرؤ أحد في العالم على محاسبتهم. فإذا لم يسقط في الماضي فهو يسقط الآن، لأنّه ليس هناك من إله يُمكن أن يشرعن وحشيّة إسرائيل.

وبغضّ النظر عمّا إذا كان علينا أن نأخذ بحرفية هذا الكلام أو برمزيّته، كانت إسرائيل وما تزال وستبقى تفتقد لأي أساس قانوني أو أخلاقي أو ديني.

Print Friendly, PDF & Email
سليمان مراد

كاتب وأستاذ جامعي مقيم في الولايات المتحدة

Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  فرنسيس – بايدن.. ولبنان "مرور الكرام"!