من هم المرشحون الستة للانتخابات الرئاسية، بحسب الأهلية التي أعطاها لهم مجلس صيانة الدستور؟
مسعود بزشكيان (طبيب إصلاحي، وزير سابق في حكومة محمد خاتمي وعضو في البرلمان)؛ مصطفى بور محمدي (رجل دين، محافظ معتدل، نائب سابق لوزير الاستخبارات الإيراني إضافة إلى تسلمه وزارتي الداخلية والعدل في حكومتي محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني)؛ سعيد جليلي (محافظ متشدد وعضو في مجلس الأمن القومي الأعلى)؛ علي رضا زاكاني (محافظ متشدد وعمدة طهران)؛ أمير حسين قاضي زاده هاشمي (محافظ متشدد ورئيس مؤسسة الشهيد الإيرانية)؛ ومحمد باقر قاليباف (محافظ معتدل، رئيس البرلمان الإيراني).
هذه التوليفة السداسية، اختارها مجلس صيانة الدستور، من أصل 80 مرشحاً وأقرّ بأهلية المرشحين الستة، ولكن أياً كان المُحدّد، فإن هذا المجلس منح فرصة استثنائية وتاريخية للإصلاحيين للاستحواذ على نتيجة الانتخابات الرئاسية الإيرانية الـ14، لكن ذلك مشروط برفع نسبة المشاركة فوق الستين بالمئة من جهة والتفاف الاصلاحيين حول مرشحهم الوحيد. هنا يصح السؤال: هل يملك مسعود بزشكيان، مرشح “جبهة الإصلاحات”، فرصة جدية بالوصول إلى مبنى “باستور” الرئاسي؟
أولاً؛ يُعتبر وجود خمسة مرشحين محافظين ورقة رابحة بيد مسعود بزشكيان، حتى قبل أن تبدأ الانتخابات، خصوصاً في ظل تعذر إبرام اتفاق لمصلحة واحد فقط من هؤلاء المرشحين الخمسة.
ثانياً؛ من المعروف عن الإصلاحي مسعود بزشكيان رفعه شعارات العدالة والنزاهة ومحاربة الفساد وحقوق الإنسان، وهذا يجعل التواصل بينه وبين شرائح واسعة من الشعب الإيراني أسهل من الآخرين.
ثالثاً؛ بما أن بزشكيان ممثل مدينة تبريز في البرلمان ومولود في مدينة مهاباد الكردية، ويتحدث اللغة الكردية بطلاقة، من المحتمل جداً أن يمتلك رصيداً بين 5 إلى 7 ملايين من الأصوات في محافظات أذربيجان الغربية والشرقية وكردستان وكرمانشاه وإيلام. وهذا العدد من الأصوات قد يكون الضامن لانتقاله إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
رابعاً؛ يُراهن مسعود بزشكيان على تحريك الكتلة الصامتة في المجتمع الإيراني (أي الأصوات الرمادية). واللافت للانتباه أنه منذ إعلان مجلس صيانة الدستور أسماء المرشحين حتى الآن، تصل إشارات من هذا المجتمع تدعم بزشكيان، وإذا سارت الأمور من دون أي تعقيدات، يمكنه جذب جزء كبير من الأصوات الرمادية إلى صناديق الاقتراع. ومن بين هذه الإشارات إعلان محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني السابق، دعمه له، فضلاً عن تلقيه دعماً من شخصيات اصلاحية مستقلة. كما يُراهن بزشكيان على استقطاب ثنائي حاد بين الإصلاحيين والمحافظين) يؤدي تلقائياً إلى تحفيز الأصوات الصامتة التي يُمكن أن تجعل فرصة فوز الإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية كبيرة جداً.
إذا قدم بزشكيان أداءً جيدًا في المناظرات التلفزيونية، قد يتمكن من حسم الانتخابات لمصلحته منذ الجولة الأولى. هذا في حال تمكن المرشح الإصلاحي من جذب ما بين 62 إلى 67 في المائة من الناخبين المؤهلين، أي حوالي 37 مليون من إجمالي 61 مليون مؤهل للتصويت
ولكن السؤال الأهم: هل يتمتع بزشكيان بشخصية كاريزمية قوية تجعله رمزا للتغيير وتُمكّنه من جذب الناخبين الصامتين الذين قرروا مقاطعة صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة؟
تكريس أهلية مسعود بزشكيان من قبل مجلس صيانة الدستور يُظهر أن النظام السياسي مستعدٌ لتغيير مسار الحكومة ولو كانت النتيجة سيطرة الإصلاحيين، وهذه إحدى عناصر حيوية النظام السياسي في إيران بخلاف ما يعتقده كثيرون بأن الانتخابات مجرد عملية “كبس أزرار”. لذا، علينا الآن أن نرى ما إذا كان بزشكيان يستطيع استغلال هذه الفرصة لتحقيق انتصار استثنائي في المجتمع الإيراني.
المجتمع الصامت في إيران تراجع حضوره في السنوات الأخيرة، لكنه في السابق كان يتوجه إلى صناديق الاقتراع في ظل وجود شخصيات مثل الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني والرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، وهما شخصيتان لهما رمزيتهما المتصلة بالثورة والعمامة والقاعدة الاجتماعية، فماذا يملك مسعود بزشكيان لتحفيز هذا المجتمع على صب أصواته في الصناديق لمصلحته؟
لا شك أن “جبهة الإصلاحات” في إيران تعيش الآن صدمة سياسية كبيرة بالمعنى الإيجابي، بسبب تأييد أهلية مسعود بزشكيان. ولو عدنا إلى الوراء قليلاً، نجد أنه لم يكن في حسابات مراكز التفكير الإصلاحية أن بزشكيان سيحصل على تأييد مجلس صيانة الدستور، ولذلك لم تتمكن “جبهة الإصلاحات” حتى الآن من تجهيز نفسها لدخول حلبة المنافسة الرئاسية.
ومع ذلك، فإن دعم السيد محمد خاتمي لمسعود بزشكيان، سيجلب بالتأكيد الكثير من الأصوات لمصلحة المرشح الإصلاحي.
وكان بزشكيان من المنتقدين الجديين لجهاز الإرشاد الأخلاقي للشرطة الايرانية (شرطة الأخلاق) وكان أحد أبرز المنتقدين لقمع الاحتجاجات خلال قضية الفتاة مهسا أميني، وأدى ذلك إلى تعرضه لهجمات متكررة من قبل المحافظين.
هذه الدورة الانتخابية تشبه إلى حد كبير انتخابات الدورة الـ13 حيث يقف مرشح إصلاحي في مواجهة عدة مرشحين محافظين. ولكن هذه المرة، تقف شخصية إصلاحية في مواجهة خمسة محافظين بينهم رموز من المخضرمين، ما قد يجعل هذه الانتخابات نموذجًا للتغيير في النظام السياسي الإسلامي في إيران، وهو الأمر الذي يُمكن أن يحشد الأصوات الصامتة إلى صناديق الاقتراع.
أما في جبهة المحافظين، فمن المؤكد أن هناك منافسة شديدة بين محمد باقر قاليباف وسعيد جليلي، وإذا شهدنا هذا السيناريو في الأيام المقبلة، سيكون الفائز في هذا الصراع هو مسعود بزشكيان. ولهذا السبب، يتوقع الكثيرون في إيران أن تصل الانتخابات الرئاسية إلى الجولة الثانية (5 تموز/يوليو)، حيث سيكون أحد المنافسين الرئيسيين هو مرشح الإصلاحيين بزشكيان.
وثمة اعتقاد أنه إذا قدم بزشكيان أداءً جيدًا في المناظرات التلفزيونية، قد يتمكن من حسم الانتخابات لمصلحته منذ الجولة الأولى. هذا في حال تمكن المرشح الإصلاحي من جذب ما بين 62 إلى 67 في المائة من الناخبين المؤهلين، أي حوالي 37 مليون من إجمالي 61 مليون مؤهل للتصويت.