ايران ضربت السعودية، هل من رد؟

 تبنّت حركة أنصار الله الحوثية في اليمن الهجوم على المنشآت النفطية السعودية، ثم ها هي السعودية وأميركا تؤكدان ان إيران تقف خلف هذا الهجوم الذي زلزل شركة أرامكو وأسواق النفط العالمية. لكن حتى الآن، تصر طهران على النفي فيما يطلب حليفاها الروسي والصيني أدلة دامغة ولذلك، سيعطّلان على الأرجح أي مسعى دولي في مجلس الأمن لتشريع عمل عسكري ضد إيران... فما هو  المتوقع؟

بغض النظر عمّا إذا كانت الطائرات المسيّرة قد انطلقت من قلب ايران، (وهذا مستبعد)، أو من مناطق حدودية مع السعودية، فإن طهران هي فعلا المسؤولة عن الهجوم على السعودية وذلك للأسباب التالية:

– إيران هي وفق آخر خطاب للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله: “قلب المحور وداعمه الأساسي وهي حقيقته وجوهره”، وطالما أن الحوثيين وحزب الله والحشد الشعبي وسوريا وغيرهم يتحركون ضمن هذا المحور، فإيران عملياً هي المسؤولة، والا فما هو مبرر قيام المحور؟

– لنقرأ بدقة ما قاله الرئيس الايراني حسن روحاني في أنقرة قبل يومين. قال بصراحة: “اليمن يتعرض للقصف يومياً ويُقتل الأبرياء في هذا البلد،  ولذلك إضطر الشعب اليمني للرد”، بمعنى أن إيران تؤيد تماماً ما حصل. وقال أيضاً: “يمكن لدول المنطقة أن تحاول إعادة السلام والاستقرار إلى اليمن. وعندما يعود الأمن إلى اليمن، سيكون إنتاج النفط في المنطقة آمن”، بمعنى أنه طالما لا يوجد حل لليمن، فان المنشآت والمعابر النفطية ستبقى عرضة للحرب. هذا تحذير واضح، ولكنه أيضاً تمهيد لما وصفه بـ”الحل السياسي والدبلوماسي”، وتمهيد أيضاً لإقامة منظومة أمن إقليمية من دون تدخل دولي.

– إيران إختنقت بالحصار الاقتصادي والعقوبات المالية والنفطية، وقالت مراراً إنها لن تسمح بأن تُخنق بينما ينعم غيرها بالنفط وأمواله. لذلك أسقطت طائرة إستطلاع أميركية، ثم إحتجزت ناقلتي نفط، فيما كان حلفاؤها في المنطقة يتصارعون إما مع إسرائيل أو مع جوارهم. فحزب الله رد العين بالعين لإسرائيل، والحشد الشعبي حمّل أميركا مسؤولية العدوان الإسرائيلي المتكرر على العراق، والحوثيون ضربوا السعودية، وهم يهددون الآن الإمارات. طهران لم ولن تقبل الحصار النفطي وسوف تحاربه بقوة.

– قالت إيران ودعمتها روسيا إن لا حل لأمن المعابر والبحار، سوى بتعاون إقليمي، فيما تجاهد إدارة ترامب لإقامة شرطة بحرية دولية في مناطق تعتبرها إيران جزءاً أساسياً من أمنها الإقليمي والنفطي والاقتصادي. هذا لن يمر من دون موافقة طهران.

– لا شك أن اليمني يتميز بشكل عام بجدارة قتالية عالية وشجاعة إستثنائية هزمت كل الجيوش الغازية عبر التاريخ، لكن الحقيقة تفترض القول إن كل السلاح الحديث أو الطائرات المسيّرة التي يستخدمها الحوثيون، وكل مهاراتهم القتالية حصلوا عليها من إيران وحزب الله. لكن هل هذا يفترض أن إيران والحزب مسؤولان؟ لو تم تطبيق هذه القاعدة على الأميركي أو البريطاني أو الفرنسي أو الروسي أو غيرهم، لكانت كل حرب في المنطقة بسلاحهم وتدريبهم يتحملون هم مسؤوليتها.

لكن مصيبة الصقر بومبيو تماماً كالصقر جون بولتون، ذلك أن دونالد ترامب يسارع إلى صفع مستشاريه، فيقول:”إن الحرب هي الخيار الأخير مع إيران”

الآن، يقف العالم أمام سؤال مركزي. ماذا ستفعل السعودية بعد أن حمّلت إيران مباشرة المسؤولية رغم النفي الايراني؟

لو دققنا بما قاله وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو، يبدو كأنه أحد المشجعين المتحمسين لرياضة الملاكمة. فهو يقول إن للسعودية الحق في الرد والدفاع عن نفسها، بمعنى أن على الرياض ألا تخشى القيام برد، ثم يضيف أن الهجوم يعرّض أيضاً أمن الأميركيين في المنطقة للخطر، ويوحي بإجراءات دولية، بينما قررت وزارة الخزانة الأميركية تكثيف العقوبات. لكن مصيبة الصقر بومبيو، تماماً كالصقر المُقال جون بولتون، ذلك أن دونالد ترامب يسارع إلى صفع مستشاريه، فيقول:”إن الحرب هي الخيار الأخير مع إيران” وإنه لا بد من خيارات قبل ذلك. يقول ذلك فيما مساعي التقارب الأميركي الإيراني مستمرة من قبل أكثر من جهة. ولعل بومبيو كلما غادر البلاد يخشى أن تصله تغريده تقيله.

المُنتظر والمأمول أميركياً إذا، هو أن تبادر السعودية إلى ضربة عسكرية محدودة، إضافة إلى الضربات القاسية داخل اليمن. إذا فعلت ذلك بناء على نصائح بومبيو وتشجيعه، فهي قد تتعرض لهجمات أخرى قريباً. وإن لم تفعل، فهذا يعني التسبب بإحراج كبير لها بعدما أكدت غير مرة أن إيران هي المسؤولة.

الواقع أن وضع السعودية حرج ولا تُحسد عليه. فالدولة التي بدلا من سحقها الحوثيين تتعرض اليوم لطائراتهم المسيّرة، لا تستطيع وحدها مواجهة إيران، والواضح أن حليفها الأميركي يتركها وحيدة على قارعة الطريق. لا بد من التفكير إذا بشيء آخر. لكن ما هو؟ الله أعلم، فالطرف الآخر قادر على وقف كل النفط لو ذهب الى أقصى التحدي.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  وثائق سرّية تنسف ثوابت التأريخ الإسرائيلي لحرب 1967
سامي كليب

صحافي وكاتب لبناني

Download WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  الحريري بين إغتيالين أو.. أكثر!