كنتُ قد نشرتُ في جريدة “الأخبار” اللبنانية، يوم الثلاثاء 13 شباط/فبراير 2024، في زاوية “رأي”، مقالة بعنوان “استنتاجات من حدث طوفان الأقصى“؛ وأراني اليوم، يعتمل في نفسي، بعض الأفكار، متمّمةً تلك المنشورة سابقاً:
-ما من شكّ أنّ المقاومة متجذّرة في وجدان بلاد الشام، وأنّ تحدّي الاحتلال لدى بيئة المقاومة هو الطريق الوحيد للتحرّر منه، مهما تعاظمت الأثمان.
-ما من شكّ أنّ السياسة الغربية هي سياسة عنصرية وهمجية ومنافقة، ولا علاقة لها بكل ما درسناه من أفكار عصر النهضة وعصر التنوير، التي قادت إلى إعلان حقوق الإنسان؛ فكل ذلك وهم ونفاق وحبر على ورق حين حقّت الحقيقة.
-ما من شكّ أنّ غالبية شعوب العالم الحرّ، غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً، لم تفقد إنسانيتها، بل ما يزال شعورها الإنساني متيقّظاً في مواجهة الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو ضدّ أهلنا في قطاع غزة وفي لبنان، وأنها خلّاقة في التعبير عن إنسانيتها، برغم دفعها الأثمان الغالية مقابل ذلك.
-ما من شكّ، بالمقابل، أنّ الشعب في بلادنا العربية، وبخاصة في البلاد الملاصقة لقطاع غزة والضفة الغربية، هو شعب، في غالبيته، مقموع ومدَجَّن، ولا سيما من يسمّون أنفسهم “النخبة”، فهذه الفئة تدعو الناس إلى التحرّك لنصرة غزة، لكنها لا تتولّى القيادة وليست مستعدّة، ولا مؤهّلة أصلاً، لا للقيادة ولا لدفع ثمن التحرّك، إلا من رحم ربي من الندرة القليلة. كما أنّ تلك النخب العربية ليست على مستوى الحدث الفظيع الذي يعيشه أهلنا في غزة من تقتيل ومجازر، لدرجة أنّ ناشطة أميركية تساءلت علناً: “هل المصريون بخير”؟، إذ إنهم، كما تقول، “قد شاهدوا بأم العين الجسر البحري الذي يغذّي كيان العدو بكل مقوّمات الحياة، بينما أهلنا في غزة يتضوّرون جوعاً، وهم في مصر لا يرتكسون”! لذلك أخذت تذكّرهم بما فعله الشعب الأميركي، طلاباً وشباباً وناشطين من كل الفئات، احتجاجاً على الفظائع المرتَكَبة في غزة، وفي رأيها، “من المفتَرَض بالمصريين فعل الشيء ذاته”، ولكنْ، لا حياةَ لمن تنادي.
-ما من شكّ، اليوم، أنّ تخريب العراق (2003) وسوريا (2011) وما بعدها من سنوات عجاف، كانت مقدمة لهذه الهجمة الهمجية للعدو، هولاكو هذا العصر، بمساندة سياسيي الغرب في أوروبا وفي “الويلات” المتحدة الأميركية!
-ما من شكّ أنّ النظام الرسمي العربي، في معظمه، متواطئ ومشارك في هذه الإبادة، ضد أهلنا في غزة وفي لبنان، وعلى القانونيين العرب والدوليين من أحرار العالم رفع دعاوى في المحاكم الدولية ضده بتهمة المشاركة في هذه الإبادة، كي يرافق قادة هذا النظام المتواطئ صديقهم “النتن” إلى المحكمة الجنائية الدولية، ليدفعوا جميعاً ثمن ما اقترفت أياديهم!
صوتُ “السيد” لا يزال رجع صداه حيّاً في وجدان الأحرار، وضربة السنوار بالعصا لـ”الدرون” ما تزال تلهمهم، فيقاتل المقاومون، واحدهم بمئة رجل، ليستشهدوا، فنراهم بالبثّ المباشر، أو نسمع عن مآثرهم من الشهود، كما كان حال الشهيدين إبراهيم حيدر وعلي عودة
-ما من شكّ أنّ أهل قطاع غزة، الصامدين في أرضهم المحروقة، والرافضين للجوء إلى أي بقعة من الأرض العربية، دليل على يأسهم تماماً من أنظمتها ومن نخبها المشهورة ببياناتها المطوّلة، المستنكِرة للإبادة، والتي ضررها أكثر من نفعها! ولسان حالهم في غزة يقول: “ما حكّ جلدك مثل ظفرك”.
-ما من شكّ أنّ المقاومة، في لبنان وفي فلسطين، تقاتل بروح الشهيدين، السيد حسن نصرالله والقائد يحيى السنوار، وقد تربّعا على عرش قلب الشعب العربي وأحرار العالم، إذ كانا ثابتين حتى النَفَس الأخير، فصوت “السيد” وفكره لا يزال رجع صداه حيّاً في وجدان الأحرار، وضربة السنوار بالعصا لـ”الدرون” ما تزال تلهمهم، فيقاتل المقاومون، واحدهم بمئة رجل، ليستشهدوا، فنراهم بالبثّ المباشر، أو نسمع عن مآثرهم من الشهود، كما كان حال الشهيدين إبراهيم حيدر وعلي عودة وكثر غيرهما.
-ما من شكّ أنّ الشعب العربي يحتاج إلى إعادة النظر في مناهجه التعليمية المَدرسية كي تساهم في رفع مستوى الوعي الوطني والقومي، على حدّ سواء، بإعداد مواد للتربية الوطنية في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، بطريقة تفاعلية فكرية، يصاحبها تطبيقات ملموسة على أرض الواقع.
-ما من شكّ أنّ المعركة التي تخوضها المقاومة، منذ بدء “طوفان الأقصى”، هي معركة إرادات: فإمّا نحن في هذه البلاد وإمّا هم، أعداؤنا.. فأرضنا لا تتسع لنا معاً.
يقيني راسخٌ أنّ “على هذه الأرض ما يستحقّ الحياة”.. وأنّ “هذا البحر لي”.. وأنّ دماء شهدائنا هي غرس الحياة على أرضنا هذه، من الأزل إلى الأبد!