جنبلاط يطوي قضية.. فتنفتح قضايا أكبر!

تكتسب الذكرى الـ 48 لاغتيال الزعيم الوطني اللبناني كمال جنبلاط استثنائيتها سورياً ولبنانياً وعربياً ودرزياً. ثمة مناخات وظروف تواجه منطقتنا وبلدنا لعل أخطرها مشروع التفتيت الذي يُطل برأسه من سوريا ويشق طريقه إلى كل دول المنطقة وبالتالي أصبحت فرضية نهاية سايكس ـ بيكو واقعية أكثر من ذي قبل.

سوريا هي المفتاح الأساس، في ظل التطورات الخطيرة التي شهدتها منطقتنا في السنتين الأخيرتين ولا سيما في فلسطين ولبنان. فقد كنا شهوداً على انهيار دراماتيكي لكل ما زرعه النظام البعثي في الحقل المجتمعي السوري وفي النظام السياسي وفي الدولة ذاتها وباتت سوريا اليوم أسيرة لعبة الأمم والدم والتفتيت والمشاريع التي تتقاذفها من كل حدب وصوب.

ومن المفتاح السوري تحضر هواجس الأقليات وقضاياها. وعدا الأكراد والحمايات الدولية التي يُمكن أن ترتد عليهم فجأة بفعل أي صفقة محتملة، ها هم الدروز في المثلث الفلسطيني السوري اللبناني يواجهون أسئلة الجغرافية والديموغرافيا والسياسة؛ هي فعلياً أسئلة الخوف والقلق الوجودي وزاد من وطأتها تلك المجازر التي ارتكبت بحق الاقليات الاخرى وتحديداً أبناء الطائفتين العلوية والمسيحية في الساحل السوري على يد جماعات متطرفة تعيش في فضاء النفوذ التركي.. وما أدراك ما تركيا على صعيد المجازر التي ارتكبتها في منطقتنا منذ مئات السنوات.

في لبنان، استطاع ضابط الايقاع وليد جنبلاط، وتحديداً منذ اغتيال والده حتى يومنا هذا، أن يضع سقفاً سياسياً لأبناء المذهب الدرزي التوحيدي لم يحد كثيرون عنه ولو أنهم يختلفون في التفاصيل المحلية مع زعامة المختارة.

أما في سوريا، حيث الكتلة الأكبر من أبناء طائفة الموحدين، فقد حاول جنبلاط أن يجعل خطابه مكملاُ لسقف أبناء جبل العرب، وفي طليعتهم سلطان باشا الأطرش، وبالرغم من الطلعات والنزلات التي شابت علاقة زعيم المختارة بالنظام السوري، في زمني الوالد والولد، إلا أن جنبلاط حافظ على توازن ما في أطروحاته ولا سيما لجهة لجم أي محاولة لأخذ بني معروف نحو الحضن الإسرائيلي. ويُسجل له أيضاً أنه تماهى مع الخطاب العربي لأبناء الجولان السوري ممن رفضوا تكريس الأمر الواقع وظلوا محافظين على هويتهم السورية العربية.

أما دروز فلسطين “المتأسرلين”، بحكم الأمر الواقع المفروض عليهم، فإن جنبلاط لطالما حذّرهم من خطورة الإرتماء في حضن إسرائيل ودعاهم الى رفض التجنيد والاحتلال، لكنه نجح في بعض الأحيان وأخفق في أحيان كثيرة.

أما اليوم، ولمناسبة ١٦ آذار/مارس، ذكرى استشهاد المناضل كمال جنبلاط على يد نظام البعث السوري، فإن العين مشدودة إلى المختارة يوم غدٍ الأحد حيث سيكون الحشد كبيراً للتوكيد على ثلاث قضايا رئيسية:

الأولى؛ تثبيت زعامة وليد جنبلاط (ونجله تيمور) لطائفة الموحدين الدروز.

الثانية؛ إقفال جريمة اغتيال كمال جنبلاط مع سقوط النظام السوري الذي يتحمل سياسياً مسؤولية هذه القضية وغيرها من القضايا التي وقعت أثناء وصايته على لبنان؛ ولعل القاء القبض على اللواء السوري المتقاعد إبراهيم الحويجة يصب في هذه الخانة أيضاً.

الثالثة؛ التأكيد على عروبة الانتماء ورفض أي محاولة من العدو للعب على الوتر الطائفي والمذهبي وفتح دفرسوار في المنطقة من خلال طرح اسرائيل نفسها حامية للاقليات، ولتأمين ارضية تقسيم مذهبي في المنطقة تمنح العدو قاعدة بناء دولته على أساس ديني، لتأمين يهودية الكيان الصهيوني؛

فالدفرسوار إذا ما وجد سبيله في السويداء وسائر المنطقة الجنوبية في سوريا، فإن هذا الطريق سيكون اللبنة الأولى نحو تقسيم سوريا وفتح “ممر داوود” من شمال فلسطين إلى أربيل مروراً بجنوب سوريا ومنطقة التنف وشرق سوريا (مناطق نفوذ “قسد” والأكراد) وصولاً إلى العراق، وهكذا يتحقق الحلم الصهيوني بإسرائيل كبرى من النيل إلى الفرات وإن بطرق مختلقة.

غداً سيكون الكلام الحكيم القوي هو الفيصل؛

غداً يقف وليد جنبلاط أمام ضريح كمال جنبلاط ليستلهم من والده القوة في زمن المخاطر الوطنية والقومية وحتى الشخصية؛

هل مَنْ يُلاقي زعيم المختارة في منتصف الطريق في هذا الزمن العربي القاسي جداً؟

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  مقاربة أردنية لعودة إخوان سوريا.. أحلام قديمة ـ جديدة!
Avatar

صحافي لبناني

Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes Free
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  مقتلة غزة.. صناعة الرجل الأبيض (2/2)