
ذهب الاستقطاب ضمن المجتمع السوري، بعد الأحداث الأخيرة، إلى مستويات غير مسبوقة. وحلّت المخاوف والتجاذبات الحادّة مكان مناخ التفاؤل العام الذي ساد المجتمع إبان سقوط حكم بشار الأسد بسرعةٍ فائقة ودون إراقة ملحوظة للدماء.
ذهب الاستقطاب ضمن المجتمع السوري، بعد الأحداث الأخيرة، إلى مستويات غير مسبوقة. وحلّت المخاوف والتجاذبات الحادّة مكان مناخ التفاؤل العام الذي ساد المجتمع إبان سقوط حكم بشار الأسد بسرعةٍ فائقة ودون إراقة ملحوظة للدماء.
على مرّ التاريخ، ظنّ الطُغاة أن الحصار هو الطريق الأقصر لإخضاع الشعوب، وأن التجويع وسيلة لكسر الإرادة. لكن الوقائع التي وثَّقها التاريخ، من لينينغراد إلى سراييفو، ومن بلغراد إلى مدن سوريا المحاصرة، تقول شيئاً مختلفاً تماماً: الحصار لا يُطفئ ثورة.. بل يُشعلها.. والجوع لا يُنتج خضوعاً.. بل يولّد الغضب والانفجار.
يعيش لبنان مجموعة تحولات بنيوية، إن لجهة إعادة تكوين السلطة فيه، أم لجهة التطورات المتسارعة في الإقليم، والتي سيكون لها تداعيات في المرحلة المقبلة، وستؤثر من دون أدنى شك على الوضع الداخلي وكيفية إدارة البلد وتحديد مراكز القوى فيه، أو شكل العلاقة بين مكوناته من جهة وبنية النظام ربطاً بوظيفة لبنان المقبلة من جهة أخرى.
ما يحصل اليوم في السويداء (جنوب سوريا) أمرٌ يتجاوز حدود المنطق. فالسويداء ليست مجرد مدينة سورية تشهد عنفاً متفلتاً من عقاله فحسب، بل إنها مرتكزٍ لمشروعٍ جيوسياسي أكبر بكثير ممّا يمكن تصوره. والمسألة هنا تتخطّى ما أُصطلح عليه من احترابٍ مذهبي، أو اقتتالٍ طائفي، أو تعصّبٍ ديني، أو تطرّفٍ مجتمعي.
هذه لحظة فارقة فى تاريخ المشرق العربى كله، لا سوريا وحدها. أُفلِت العِيار فى السويداء، وأشباح التقسيم تُخيِّم على المكان. برغم إعلان وقف إطلاق النار، تواصلت الاشتباكات المتقطعة وأعمال العنف المتبادلة بين عشائر بدوية مسلحة قريبة من السلطة فى دمشق وميليشيات تنتسب إلى الطائفة الدرزية، لا تُخفى رهانها على تدخل إسرائيلى.
تطل علينا اليوم مئوية الثورة السورية الكبرى التي حصلت في تموز/يوليو 1925 ضد الاستعمار الغربي (الفرنسي والبريطاني) والتي قادها الزعيم الكبير سلطان باشا الأطرش انطلاقاً من السويداء في جبل العرب في سوريا، وتشارك فيها قادة وطنيون من مختلف أنحاء سوريا ولبنان والأردن وفلسطين رداً على مشروع تقسيم المنطقة (سايكس- بيكو) 1916، ووعد بلفور 1917، وسوريا اليوم تعيش محنة الاحتلال الخارجي والاحتراب الداخلي، لا لشيء إلا لأنها بموقعها الجيوستراتيجي كانت هدفاً دائماً للاستعمار القديم والحديث.
في قلب الجغرافيا السورية، تُرسم خريطة الشرق الأوسط الجديد لا بالحبر، بل بالدم. دمٌ لا يفرّق بين سني وشيعي، علوي ودرزي، مسيحي ومسلم.
تكتسب الذكرى الـ 48 لاغتيال الزعيم الوطني اللبناني كمال جنبلاط استثنائيتها سورياً ولبنانياً وعربياً ودرزياً. ثمة مناخات وظروف تواجه منطقتنا وبلدنا لعل أخطرها مشروع التفتيت الذي يُطل برأسه من سوريا ويشق طريقه إلى كل دول المنطقة وبالتالي أصبحت فرضية نهاية سايكس ـ بيكو واقعية أكثر من ذي قبل.
إلى كلّ من تسلّق السارية لإنزال علم العدو الذي تمّ رفعه خلسةً عليها عند مدخل محافظة السويداء الشمالي في الجمهورية العربية السورية، في ظلمة ليلة البارحة، فأحرقوه وداسوه.
سنح المشهد السوري بأحداثه المتشعبة التي تفاعلت بقوة في الآونة الأخيرة وخصوصاً الاقتتال في دير الزور واحتجاجات السويداء، لأبي محمد الجولاني زعيم "هيئة تحرير الشام" والذي يُفضّل لقب "قائد المحرَّر" بفرصتين ذهبيتين سارع إلى اقتناصهما والإستثمار فيهما.