صواريخ قطر.. فرض مفاوض جديد ورسالة للعالم أجمع!

شنّت إسرائيل يوم الثلاثاء الماضي هجوماً صاروخياً، استهدف مقر الوفد التفاوضي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في العاصمة القطرية-الدوحة. الحدث خطير وغير مسبوق، مع العلم أن أمر استهداف قادة حماس في الخارج- وفي قطر على وجه التحديد- كان موضع نقاش على طاولة الكابينت الإسرائيلي وفي أروقة أجهزة الأمن منذ "طوفان الأقصى". كيف تعاملت الصحافة العبرية مع هذا الحدث؟

في مقالة نشرها على موقع “قناة N12″، يقول تامير هايمان إن “الدولة (قطر) التي حرصت على لعب دور الوسيط الرئيسي في صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، تلقت ضربة قاسية؛ وتبيَّن أن حتى المظلّة الدفاعية الأميركية التي تمتلكها لم ترد العدوان عنها. ويبدو أن واشنطن كانت على عِلْمٍ مُسبَق بالعدوان الذي حصل الثلاثاء، وهذا يعني أن عنصراً مهماً في عقيدة قطر الأمنية قد اهتز. لذلك هي قد تتراجع عن جهود الوساطة المُضنية التي تقودها، وقد تزيد من مساعيها للتحريض ضدَّ إسرائيل كردة فعل على ما تعرضت له. هذا على المدى القصير. أما على المدى البعيد، ومع استحالة استضافة قادة حماس على أراضيها، فإنها ستخسر تفوُقها النسبي كوسيط. وهنا ستنتقل الكُرة إلى مصر- الوجهة التي سيلجأ إليها قادة حماس”.

وبرغم فظاعة الحدث (إنتهاك إسرائيل للسيادة القطرية)، يأمل هايمان في أن تكون الغارة قد قضت على قادة حماس الذين كانوا مجتمعين في تلك اللحظة، لا سيما خليل الحيَّة وزاهر جبارين، اللذين يعتبرهما “الأكثر تزمتاً وتصلباً لجهة رفض تقديم تنازلات”. ويرجّح هايمان أن يتولى “المحور المصري–الأميركي” زمام المبادرة في ما يخصّ المفاوضات في المستقبل، وليس قطر. ويخلص إلى أن “الغارة الإسرائيلية يوم الثلاثاء يمكن أن تتسب في تعطيل المفاوضات بشكل مؤقت، لكنها ستضيف طاقة جديدة يمكن أن تُستغل بصورة صحيحة لتقود إلى صورة نصر إسرائيلي، وتحقيق أهداف الحرب”.

اختلاف في التقدير

بدوره، يرى الكاتب في صحيفة “يديعوت أحرنوت” آفي كالو، أنه “حتى بعد اغتيال معظم القيادة السياسية، فإن مواقف حماس الأساسية بشأن تحرير الأسرى لن تتغير، بل يمكن أن تزداد تصلباً وتشرطاً”.

من جهته، يُميّز محلل الشؤون العربية في صحيفة “هآرتس”، تسفي برئيل، بين إغتيال قيادة حماس في الخارج واغتيال الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله. ويقول: “لقد تمكنت اسرائيل من انهاء الحرب في لبنان لأنها وجدت شركاء هناك (في لبنان) يشاركونها الرأي في ضرورة تجريد حزب الله من سلاحه، تمهيداً لعقد تفاهمات سياسية حول ترسيم الحدود. ومع أن حزب الله ما زال يتمتع بقوة سياسية وعسكرية، إلا أنه فقد قيادته وقدراته العسكرية والإمداد اللوجستي. لذلك كان إضعافه خطوة مفيدة لتغيير الوقائع على الأرض”.

أما عاموس هرئيل، الكاتب في صحيفة “هآرتس”، فيُقلّل من أهمية استهداف قادة حماس في الدوحة، ويعتبر أن “توجيه ضربة لقيادة حماس في الخارج قد يغير قليلاً من موازين القوى داخل الحركة لصالح القيادة داخل التي يرأسها عزّ الدين حدّاد. لكن القيادة في الخارج ليست بالضرورة أكثر تطرفاً من حدّاد، الذي يختبئ في الانفاق ويصرُّ على مواصلة إدارة الحرب. في حماس تُتخذ القرارات بشكل مشترك، مع الأخذ بالاعتبار عوامل قوة أخرى مثل القيادة في الضفة الغربية وقادة السجناء المعتقلين في السجون الإسرائيلية. وربما تحظى القيادة العُليا في الضفة، التي قلّلت إسرائيل من استهدافها في الحرب بنفوذ أكبر”.

قطر صديقة أم عدوة؟

يفضّل يوآف ليمور، من صحيفة “يسرائيل هيوم”، أن تكون المفاوضات مع قادة حماس داخل غزة. ويعطي أهمية كبيرة للهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مقر الوفد الفلسطيني المفاوض في الدوحة. ويرى أنه “بمجرد اتخاذ قرار بتنفيذ هجوم في مكانٍ يُعتبر- حتى الآن- حصيناً بحكم مكانة قطر الدولية وأهميتها كوسيط، فهذا بلا أدنى شكّ يعزّز الردع”. ويشير في هذا الخصوص إلى ملاحظتين على الهامش: “الأولى؛ التنفيذ يضيف نقطة مهمة للاستخبارات الإسرائيلية (الشاباك)، وكذلك لسلاح الجوّ الذي أضاف دولةً أخرى إلى قائمة أهدافه. والثانية؛ يبدو أن الجدلَ قد انتهى حول ما إذا كانت قطرُ دولةَ صديقة أم مُعادية”.

قطر على علم بالهجوم؟

الحملة الإسرائيلية على قطر بشأن دورها في مساندة غزة ووقف الحرب

من جهته، يُركّز المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، رون بن يشاي، عمّا إذا كانت قطر على علم بالهجوم على عاصمتها أم لا، مذكراً بتنسيق الأخيرة مع الأميركيين بخصوص هجوم إيران على قاعدة “العديد” في حزيران/يونيو الماضي. ويضيف: “لدى القطريين تاريخ من الموافقة على هجمات تُنفَّذ على أراضيهم، آخرها كان عندما هاجمت طائرات أميركية المنشأة النووية في قاعدة فوردو الإيرانية، وافقت قطر على أن يهاجم الإيرانيون أكبر قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط-والتي تقع على أراضيها- وذلك بعد أن أنذرت واشنطن مسبقاً. لقد جرى إخلاء القاعدة من الطائرات والأفراد قبل الهجوم، بحيث لم تقع خسائر، ولم يكن الضرر كبيراً. ومن المرجّح جداً أنّ سيناريو مشابهاً قد وقع هذه المرّة. فرد القطريين جاء على شكل بيان إدانة واتهام بانتهاك القانون الدولي وطالبوا بفتح تحقيق. قد يعمد القطريون إلى تجميد العلاقات مع إسرائيل ويوقفون مشاركتهم في المفاوضات، لكنهم سيتراجعون لاحقاً، ويستأنفون العلاقات ودور الوسيط بشكل تدريجي.. وربما يقودها حينها أشخاصٌ أقل تشدداً من الطرف الفلسطيني– قد يكون عزّ الدين الحداد نفسه من غزة، أو أشخاص من الصفين الثاني والثالث المقيمين بشكل دائم في تركيا”.

إقرأ على موقع 180  المفاهيم تتغير.. الإستعمار والمقاومة نموذجاً

رسالة للعالم بأسره

في المقابل، رأى المراسل العسكري لصحيفة معاريف، آفي أشكنازي، أن إسرائيل قد “أوضحت (الثلاثاء) لكل دول الشرق الأوسط بعض الأمور المهمة، وهي: أولاً، لا يوجد هدف بعيد على سلاح الجو؛ ثانياً، لا أمان لأي عنصر من حماس؛ كل من وقّع فريق (نيلي) في جهاز الشاباك على أنه ابن موت، يجدر به أن يبحث عن شركة تأمين تساعده، كي يكون لخلفه بضع ليرات. وأشكُّ أن يجد شركة تأمين كهذه”.

وأشار أشكنازي إلى ان قادة حماس في غزة يمكنهم أن يعيدوا الآن احتساب المسار، “فقد أثبتت إسرائيل إنها مصممة على ان تنتهي من حماس في غزة، وقطر، ودمشق وفي أي مكان يتواجدون فيه. إضافة إلى ذلك هاجمت إسرائيل قادة حماس في قطر في وضح النهار، مع عشر طائرات قتالية سارت مباشرة من وسط إسرائيل (1800 كم). لم تكن عملية في الظلّ. بل حرصت إسرائيل على أن يفهم العالم أجمع الرسالة”.

الرد القطري.. طويل الأمد

أما حاييم لفنسون، من صحيفة “هآرتس”، فناقش في مقالته نظرة قطر إلى إسرائيل، وما ينتظر الأخيرة من رد- غير عسكري طبعاً.

يقول لفنسون: “في نظر قطر، هي تساعد إسرائيل، لكنها تلقت بصقة في الوجه. لقد تعرضت عاصمتها لهجوم صاروخي، وقتل رجال أمن قطريون كانوا يتولون حماية وفد حماس.. هذا أكثر من أن يُحتمل”.

ويضيف لفنسون: “لا تملك قطر جيشاً، وهي لن ترد بالقوة. لديها المال. هذا اختبار مثير للاهتمام. أيهما هو الأفضل: جيش قوي أم محفظة نقود لا تنضب؟ تمتلك قطر وسائل إعلام قوّية (في الأسبوع الماضي شهدت قناة الجزيرة انقلاباً هادئاً، حين عيّنت عائلة آل ثاني للمرة الأولى ابناً من العشيرة مديراً عاماً وعزّزت سيطرتها على القناة). كما لديها روابط وعلاقات متينة مع الغرب، وتدير امبراطورية رياضية، ومطاراً محورياً، ووزراء أكثر حكمة من نظرائهم في إسرائيل.. إذن ستكون للهجوم الإسرائيلي تداعيات طويلة الأمد” (المصادر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، عرب 48، صحيفة الأيام، 180 بوست).

Print Friendly, PDF & Email
مهدي عقيل

أستاذ جامعي، كاتب لبناني

Download Nulled WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  تجنيس لبنان.. وتدليس أنبياء الطوائف