نزل الشعب اللبناني إلى الشارع وهو يحمل كل أوجاع الشعوب التي سبقته،
نزل وفي ذاكرته القريبة كل العوامل التي أعطت حروبا هنا وجنرالات هناك،
نزل وهو يدرك جيدا أن جرعة من الطائفية تبقي النظام الطائفي،
وأن أية محاصصة تعني إلغاء الوطن الواحد والمواطنة المتساوية،
نزل ليقول بأن أمراء الحروب والطوائف قد سرقوا أكثر مما هدمت الحروب في سوريا، وحولوا لبنان إلى أنموذج للفساد، طارد لكوادر البلد ومحطم لمن يبقى محبة ببلده.
الإنتفاضة المدنية السلمية في لبنان تحدثت باسم كل شعوب المنطقة.
أحيت صرخات الشباب الجزائري لإزاحة اللوبي الذي حكم الجزائر وراء كرسي مومياء “مدى الحياة”… الحرامي لا يراقب الحرامي وما يصدر عن مصدر غير موثوق لا يبني وطن.
“اللي باع ما بين الركبة والسرة لا يبني وطن” صرخت إحدى المتظاهرات الشابات في ساحة رياض الصلح وهي تحمل العلم اللبناني.
“خمسمئة حرامي سرقوا خمس ملايين لبناني” صرخ لبناني آخر.
لبنان يقول لكم بدون دولة مواطنة لا أمل لكم بمستقبل، بدون كرامة لا سيادة لوطن، بدون إزاحة نظام المحاصصات ومنظومة الفساد مصيركم أسوأ من مصيرنا..
التغيير في سوريا هو الطريق الوحيد للخروج من مستنقع الموت ولا حل إلا إذا كان من السوريين من أجل سوريا والسوريين
تعلموا يا أبناء سوريا في البلاد والمخيمات ومواطن اللجوء، صحيح أن قطاعات منكم سقطت في وحل العمالة للخارجي.. صحيح أن قطاعات منكم سقطت في الوحل المذهبي. صحيح أن بعضكم تلقى المال من السلفي الطرابلسي والنائب المستقبلي وعنتر القطري وبندر السعودي والآن يقاتل بمئة وخمسين دولارا مع الجيش العثماني الجديد. صحيح أن هناك من تاجر بكم وبدمكم. صحيح أن دول العالم عرفت احتلالا ولدينا اليوم احتلالات. صحيح أن مشروع تدمير سوريا وتحويل شعبها إلى متسولين للمساعدات الدولية المشروطة. صحيح أن أمراء الحرب في الأستانة قد أرضخوا الأمم المتحدة لتحويلهم إلى كتبة دستور للبلاد والعباد، ولكن صحيح أيضا أن الإدارة الترقيعية للفساد والاستبداد قصيرة العمر قصيرة الأجل، ولا يمكن لشعب سوريا الذي حمل مع اللبنانيين مشعل النهضة، أن يقدم تضحياته لأمراء الحرب في دمشق واسطنبول على طبق من ذهب.
قال لي دبلوماسي زار دمشق مؤخرا: “الأمن مستتب وكل شي موجود في السوبر ماركت”، فسألته: كم من الناس يستطيع شراء ما حضرة السوبر ماركت؟
في 8 آذار/مارس 2011 أطلقنا “بيان من أجل التغيير” وبعده بعشرة أيام أطلق الشبيبة في درعا أكبر حراك مدني سلمي في تاريخ سوريا… تآمر الجميع على الحراك الشعبي لإجهاضه، نصّبت حثالات ممثلة وحيدة له، تحرّك تجار السلاح من كل حدب وصوب لحرقه بالرصاص.
اليوم وقد تعرت القوى الإخوانية والجهادية التي شاركت النظام في حرق البلاد والعباد، وقد وجه ترامب صفعته لمن راهن عليه من قيادات قنديل، وفي يوم لا يعرف حزب الله كيف يتعامل مع الحراك الشعبي في لبنان ويخوض الحرس الثوري معركة البقاء في الخليج وطهران، ويحاول الروسي والتركي حصاد الممكن في الميدان، هل يتعظ الغريب والقريب بأن الترقيع أسوأ من البغاء وأن التغيير في سوريا هو الطريق الوحيد للخروج من مستنقع الموت ولا حل إلا إذا كان من السوريين من أجل سوريا والسوريين؟