تعقد القمة الخليجية الـ 40 في الرياض، الثلثاء المقبل، ويرى متفائلون ان هذه القمة مرشحة لأن تكون قمة تحقيق المصالحة الخليجية التي استعصت على الحل منذ اكثر من عامين ونصف.
وما يتم تداوله من حلول لتحقيق المصالحة الخليجية، يجري طبخه في هذه الأيام من خلال محادثات قطرية – سعودية مكثفة تجري خلف الابواب، وهذا ما أكده وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في حديثه يوم الجمعة الماضي، والذي بدا فيه متفائلا بان تثمر “نتائج ايجابية”.
وفي المعلومات، أن السعوديين هم الذين سربوا إلى صحيفة “وول ستريت جورنال” الاميركية خبر زيارة وزير الخارجية القطري الى الرياض في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي والذي تضمن تعهداً مفاده ان قطر “مستعدة لقطع علاقتها بجماعة الإخوان المسلمين”.
وبرغم ذلك، يبدي السعوديون حذرا تجاه المصالحة، وهذا ما بدا من تصريح وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، والذي اعرب فيه “عن تفاؤله بأن تكون الأزمة الخليجية على المسار الصحيح لانتهائها”، مشيرا إلى أن بلاده رأت بعض التغييرات في القوانين القطرية الخاصة بتمويل الإرهاب.
اذا تحققت المصالحة، فستكون سعودية – قطرية بعيدا عن الامارات ومصر
واللافت للإنتباه في ما قاله وزير الخارجية القطري، في مداخلته أمام منتدى حورات البحر المتوسط في روما، ان محادثات المصالحة مع السعودية “لم يتم خلالها التطرق الى موضوع المطالب التعجيزية الـ 13 التي كانت دول مقاطعة قطر الثلاث (السعودية والامارات والبحرين)، بالإضافة إلى مصر، تشترط قبول الدوحة بها قبل فك الحصار عنها واعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ مطلع صيف العام 2017، تاريخ بدء الحصار الخليجي للدوحة.
وثمة احداث ومواعيد هامة تنتظر دول الخليج في السنتين المقبلتين، تفرض أن يكون الجميع أصحاب مصلحة في تحقيق انفراجات وطي صفحة التوترات في العلاقات الخليجية (بين دول مجلس التعاون على الاقل)، وهذه الأحداث هي الآتية:
1 – ترؤس السعودية مجموعة الدول الاقتصادية العشرين في العام 2020، واستضافة اجتماعها المقبل في الرياض للمرة الأولى.
2- استضافة دبي معرض “اكسبو 2020 ” العام المقبل.
3- استضافة قطر كأس العالم بكرة القدم في العام 2022.
ويضيف ديبلوماسي غربي مقيم في إحدى عواصم الخليج “سبباً سعودياً” رابعا، يتمثل في رغبة الرياض بأن تشارك قطر بالاستثمار في السعودية لا سيما المشاركة في شراء اسهم شركة “ارامكو”.
الامارات ارسلت منتخبها الكروي الى الدوحة عن طريق الكويت ومنعت مواطنيها من السفر الى قطر لتشجيع منتخبهم
وإذا نجحت القمة الخليجية بعد غد الثلاثاء في توفير الفرصة لعقد لقاء عمل “وليس مجاملة”، بين امير قطر الشيخ تميم والعاهل السعودي الملك سلمان وولي عهده الامير محمد بن سلمان في الرياض، فان ذلك يعني بدء العد العكسي لتحقيق مصالحة سعودية قطرية فقط، على حد تعبير الديبلوماسي الغربي، مستبعدا تحقيق مصالحة قطر مع دولة الامارات وكذلك مع مصر، أقله في المرحلة الراهنة.
ويستشهد الديبلوماسي بالمشاركة الإضطرارية لفريق منتخب الامارات الكروي في دورة كاس الخليج لكرة القدم في الدوحة، إذ أن الفريق سافر الى هناك عن طريق الكويت، وليس مباشرة، كما فعل المنتخبان السعودي والبحريني، وكذلك لم تسمح السلطات الاماراتية لأي مواطنيها بالسفر الى قطر لتشجيع المنتخب الاماراتي في مبارياته، “في حين شاهدنا الالاف من المشجعين السعوديين والبحرانيين في الدوحة لتشجيع منتخبيهما، وسط ترحيب خاص من القطريين”.
ويبدو ايضا ان مصر لا تؤيد هذه المصالحة مع قطر، وهذا ما ظهر جليا في تعليقات سائل الاعلام المصرية التي استمرت بالتشكيك بنوايا قطر واهدافها من السعي للمصالحة، واستمرت في الهجوم على القيادة القطرية واتهامها برعاية “الاخوان المسلمين” و”دعم الارهاب والارهابيين” لا سيما في سيناء.
وثمة إعتقاد انه من غير الممكن ان تنجح قمة الرياض الخليجية في توحيد الموقف الخليجي في مواجهة المخاطر الامنية والتهديدات التي تتعرض لها المنطقة ما لم تتحقق المصالحة السعودية مع قطر، وبالتالي، سيبقى مجلس التعاون الخليجي لا حول ولا قوة له وقد ينفرط عقده اذا لم تتحقق المصالحة”.
وفي المقابل، تبدو قطر مهتمة بالمصالحة فقط مع السعودية، وتدير ظهرها للمصالحة مع دولة الامارات، “فالدور الذي تلعبه الامارات في محاربة الاسلام السياسي وحركاته في المنطقة يتناقض تماما مع الدور القطري القاضي بمشروع احتواء حركات الاسلام السياسي”، ويضيف أحد العارفين “أن مشروع الاحتواء كانت تريده واشنطن في عهد الرئيس السابق باراك اوباما، أما مشروع ضرب الاسلام السياسي وحركاته، فقد اصبح مشروع ادارة الرئيس دونالد ترامب الحليف الحالي الاول لكل من ولي عهد السعودية وولي عهد ابوظبي”.
بكل الأحوال، غدا (الاثنين)، ستظهر اولى مؤشرات قمة الرياض الخليجية: هل تكون قمة المصالحة ام مجرد قمة بروتوكولية حيث من المقرر ان يعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعهم لتحضير اوراق عمل قمة قادتهم الستة. وعلى ضوء هذا الاجتماع، سيتقرر ما اذا كان امير قطر سيحضر شخصيا القمة ام لا؟
(*) صحافي متخصص بالشؤون الخليجية