بوتين يحدد مهمات 2020 العسكرية: الخطر يقترب!

الشرق الأوسط وأفغانستان وشبه الجزيرة الكورية، ثلاثة ميادين حددها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال الاجتماع السنوي لوزارة الدفاع، كنقاط جغرافية متصلة بالتحديات التي يواجهها الأمن القومي الروسي، مضيفاً إليها، كما بات معروفاً منذ سنوات، توسع البنية العسكرية لحلف شمال الأطلسي بالقرب من حدود روسيا.

ولكن على أهمية ما سبق، فإن ثمة متغيراً جديداً وأكثر خطورة بات يحتل صدارة التحديات العسكرية التي تواجهها روسيا، وارتقى، بحسب توصيف فلاديمير بوتين، الى “مصدر قلق رئيسي”، وهو “تدهور نظام الحد من الأسلحة” ليس فقط على خلفية  إلغاء الولايات المتحدة معاهدة القضاء على القذائف المتوسطة والقصيرة المدى “تحت ذريعة مفتعلة تماماً وغير معقولة على الإطلاق”، وانما في “حالة عدم اليقين” التي خلقتها واشنطن منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بشأن استمرار مشاركتها في معاهدة الأجواء المفتوحة، في وقت “لا تزال احتمالات تمديد معاهدة تخفيض الأسلحة الاستراتيجية غير واضحة”.

التحديات التي اوجزها بوتين تحدث عنها بإسهاب وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو خلال الاجتماع العسكري الموسع، إذ أشار الى أن “الميزانية العسكرية الاميركية ستصل للمرة الاولى خلال العام 2020 إلى حوالي 750 مليار دولار، لتوازي بذلك إجمالي الميزانيات العسكرية السنوية لجميع دول العالم، وتتجاوز الميزانية العسكرية الروسية بمقدار 16 مرة”.

ولفت شويغو الى أن “حلف شمال الأطلسي يمضي قدماً في تنفيذ مبادرة الثلاثينات الأميركية الرباعية المعادية لروسيا: 30 يوماً للجهوزية العسكرية التامة، باستخدام 30 كتيبة ميكانيكية، 30 سرباً جوياً، و30 سفينة حربية”.

الميزانية العسكرية الاميركية ستصل إلى 750 مليار دولار، لتوازي بذلك إجمالي الميزانيات العسكرية السنوية لجميع دول العالم، وتتجاوز الميزانية العسكرية الروسية بمقدار 16 مرة

وأشار شويغو الى أنه “اعتباراً من 1 كانون الأول/ديسمبر،  تم انجاز المكوّن الأرضي لهذه الخطة بالكامل، و76 في المئة من المكوّن الجوي، و 93 في المئة من المكوّن البحري”، موضحاً أنه “حسب تقييمنا، فإن التنفيذ الكامل لمفهوم الثلاثينات الأربعة سيكون ممكناً بحلول عام 2022”.

وبحسب وزير الدفاع الروسي، فإنه “من المخطط تقليص استعداد الطائرات الحاملة لاستخدام الأسلحة النووية من 10 أيام إلى 24 ساعة”.

وعلاوة على ذلك، تحدث شويغو عن تهديدات موازية، لجهة نشر منظومة رادار الدفاع الجوي الأميركي للكشف عن الأهداف الجوية في دول البلطيق، والتي تسمح بمراقبة المجال الجوي الروسي على عمق 450 كيلومتراً.

وأشار شويغو الى سبق تنفيذ 40 مناورة عسكرية سنوياً لحلف شمال الأطلسي في أوروبا فيها تركيز واضح على روسيا، مشيراً الى أنه “مقارنة بالعام الماضي، زادت كثافة الاستطلاع الجوي بالقرب من الحدود الروسية بنسبة 33 في المئة، والاستطلاع البحري بنسبة 24 في المئة”.

وتأكيداً لتحذير بوتين من المخاطر المتصلة بتوجهات الولايات المتحدة المتصلة بمعاهدات الحد من التسلح، لفت شويغو الإنتباه الى أن “اختبارات البنتاغون التي أجريت في آب/أغسطس وكانون الأول/ديسمبر 2019 للصواريخ المتوسطة المدى تظهر حقيقة أن الولايات المتحدة طورت أنظمة صواريخ محظورة بموجب معاهدة الوقود النووي المشع”، محذراً من أن “الخطوة التالية هي نشر مثل هذه الصواريخ في أوروبا والشرق، في وقت لا يوجد يقين من جانب الولايات المتحدة بشأن مصير معاهدة ستارت ومعاهدة الأجواء المفتوحة”.

وشدد شويغو على أنه “من دون الانخراط في سباق التسلح، ولكن مع الأخذ في الاعتبار التهديدات القائمة، تواصل وزارة الدفاع والصناعة الدفاعية الروسية تنفيذ الخطط التي وافق عليها القائد الأعلى للقوات المسلحة لإعادة تجهيز القوات المسلحة وتحسين ظروف جودتها”.

بوتين: تطوير الخطة الدفاعية لروسيا للفترة الممتدة بين 2021-2025، اخذاً في الاعتبار المتغيرات في الوضع العسكري – السياسي في العالم وآفاق تطورها، وإجراء تحليل شامل للتهديدات العسكرية المحتملة

هذه الإجراءات التي تحدث عنها وزير الدفاع الروسي بشكل تفصيلي، حدد بوتين عناوينها العريضة، في كلمته أمام المشاركين في الاجتماع العسكري، وهي “الاستمرار في تعزيز وتطوير القوات المسلحة والبحرية الروسية خلال عام 2020″، في اربعة جوانب رئيسية:

أولاً، في نهاية العام 2020، يجب أن يكون مستوى تزويد الجيش والبحرية بالأسلحة والمعدات الحديثة 70 في المئة على الأقل.

ليس المقصود بذلك، حسبما أوضح الرئيس الروسي، “إعادة تسليح الجيش والبحرية مرة واحدة ونسيانها لعقود”، بل أن “تكون هذه القوات مجهزة دائماً بأحدث التقنيات” التي تمتلك روسيا نماذج منها “ليست أقل من أفضل النماذج العالمية”.

ينطلق بوتين في ذلك من حقيقة فرضتها المتغيرات العسكرية المعاصرة: “إذا أردنا الفوز، يجب أن تكون التكنولوجيا لدينا أفضل من المعايير العالمية”، وهذه “ليست لعبة شطرنج، حيث قد تلائمنا السحوبات في بعض الأحيان، بل منظومة عسكرية للدولة الروسية”.

ثانياً، العمل على تطوير الخطة الدفاعية لروسيا للفترة الممتدة بين 2021-2025، اخذاً في الاعتبار المتغيرات في الوضع العسكري – السياسي في العالم وآفاق تطورها، وإجراء تحليل شامل للتهديدات العسكرية المحتملة وتحديد التدابير اللازمة لزيادة تحسين القوات المسلحة.

ثالثًا، تعزيز القوة النووية الروسية رداً على ما قامت به الولايات المتحدة خلال العام المنصرم من تدمير فعلي لمعاهدة منع انتشار القذائف المتوسطة والقصيرة المدى.

إقرأ على موقع 180  إيران النووية في فيينا.. حصانة براغماتية!

هذا الرد يتطلب، وفق بوتين، “مراقبة إمكانيات نشر صواريخ أميركية من هذه الفئة في أنحاء مختلفة من العالم”، ولا سيما في أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ من جهة، وتسليح قوات الصواريخ الاستراتيجية بأنظمة “أفانغارد” و”يارس”، والقوات النووية البحرية بغواصات “بوريّ-أ”، من جهة ثانية.

وبرغم تركه الباب مفتوحاً أمام التفاوض على اتفاقات جديدة في مجال الحد من الاسلحة، الا أن بوتين اكد على استمرار العمل بخطة تطوير أنظمة صاروخية واعدة جديدة قادرة على ضمان ردع العدوان ضد روسيا وحلفائها.

رابعاً، إيجاد طرق جديدة وأكثر فاعلية لتشغيل القوات والوحدات الفرعية، وتطوير برامج التدريب القتالية، وهو ما يفترض أن ينجز من خلال تدريبات “القوقاز 2020” المقبلة، التي اكد الرئيس الروسي أنه ينبغي فيها إيلاء اهتمام خاص بتطوير قدرات المقر العام لقيادة القوات، وتدريب العسكريين على العمل في ظروف جغرافية ومناخية صعبة.

بوتين: أظهرت القوى النووية بشكل مقنع قدراتها المتزايدة في تمرين “غروم (الرعد) – 2019″،  فيما حقق الأسطول والطيران البعيد المدى المهمات الكاملة في إطار مناورات “اوكيانسكي شيت” (“درع المحيط)، وفي مناورات “تسنتر (الوسط)- 2019)، والتي تم اختبارها للمرة الأولى

هذه المهمات للعام الجديد، بناها الرئيس الروسي على “التغيرات النوعية” في تطور القوات المسلحة الروسية خلال العام 2019.

أول التغيرات يتمثل في زيادة حصة الأسلحة الحديثة في “الثالوث النووي” (قاذفات القنابل الاستراتيجية، الصواريخ البالستية العابرة للقارات، الصواريخ الباليستية التي يتم إطلاقها من الغواصات) إلى 82 في المئة.

وفي هذا الإطار، اشار بوتين إلى أن قوات الصواريخ الاستراتيجية حصلت على أحدث نظام صاروخي استراتيجي واسع المدى من خلال وحدة “أفانغارد” للتخطيط.

ثاني التغيرات، يتمثل في “اتخاذ خطوات مهمة لتحسين أنظمة التحكم والاتصالات والاستخبارات والحرب الإلكترونية”، وفق ما قال بوتين، وذلك من خلال “إدخال أحدث التقنيات في جمع ونقل ومعالجة المعلومات”

ثالث التغيرات، هو “استبدال النماذج السابقة من الأسلحة والمعدات في القوات الفضائية الجوية والقوات البحرية بنماذج حديثة، بما في ذلك تلك القائمة على التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي”، فيما يجري العمل “بنشاط” على “إدخال الأنظمة الآلية والمركبات الجوية من دون طيار وضمان فعاليتها في التدريب القتالي، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في بعض الأحيان في زيادة قدرات الوحدات والوحدات الفرعية”.

وفي السياق، أكد بوتين ان “القوات التي تستخدم معدات جديدة تنفذ مهمات صعبة غير تكتيكية بانتظام أثناء التدريبات والمناورات وفحوصات الاستعداد القتالي المفاجئ. وهكذا، أظهرت القوى النووية بشكل مقنع قدراتها المتزايدة في تمرين “غروم (الرعد) – 2019″،  فيما حقق الأسطول والطيران البعيد المدى المهمات الكاملة في إطار مناورات “اوكيانسكي شيت” (“درع المحيط)، وفي مناورات “تسنتر (الوسط)- 2019)، والتي تم اختبارها للمرة الأولى، فيما تم تنفيذ العمليات المشتركة للوحدات العسكرية في الدول الأعضاء في منظمة الأمن الجماعي في مهمات مكافحة الإرهاب بنجاح”.

وأشار بوتين أيضاً إلى أن “الجيش الروسي يواصل لعب دور رئيسي في تحقيق السلام في سوريا، حيث تعتبر المجموعة الجوية والسفن والغواصات التابعة للبحرية، بما في ذلك تلك الموجودة في قاعدة حميميم الجوية والقاعدة البحرية في ميناء طرطوس ضمانة للسلام والاستقرار في هذا البلد”.

Print Friendly, PDF & Email
وسام متى

صحافي لبناني متخصص في الشؤون الدولية

Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
free online course
إقرأ على موقع 180  مناورات في العراق وحوله.. ماذا يريد الأميركيون؟