الصحافة الإسرائيلية وسليماني: شراكة نتنياهو.. والتحسب للرد

Avatar18013/01/2020
منذ عشرة أيام، تضج الصحافة الإسرائيلية بمقالات لمحللين أو معاهد دراسات تتناول حدث إغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني بصواريخ أميركية إستهدفت موكبه وبرفقته نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس، قرب مطار بغداد، فجر الثالث من كانون الثاني/يناير 2020.

كتب المحلل العسكري في “هآرتس” عاموس هرئيل تحليلا تناول فيه قضية إغتيال سليماني من زاوية إضاءة وسائل الإعلام الأميركية، الأحد الماضي على دور إسرائيل في عملية الاغتيال. وبحسب تقرير لـ”إن. بي. سي” التلفزيونية، فإن الاستخبارات الإسرائيلية “زودت الأميركيين بمعلومات شاملة عن الجدول الزمني لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري، منذ إقلاع طائرته من دمشق وحتى وصولها إلى مطار بغداد”.

وأضاء على مقال آخر، نشرته “نيويورك تايمز” وفيه توصيف دقيق لتسلسل الأحداث في الأسبوع الذي حدث فيه الاغتيال، وجاء فيه أن بنيامين نتنياهو “كان الزعيم الأجنبي الوحيد الذي علم مسبقاً من رئيس الإدارة الأميركية بنيتّه قتل سليماني”. وتتطابق هذه المعلومات مع تقديرات سُمعت في وسائل الإعلام الإسرائيلية بعد الاغتيال. يتضح لاحقاً أيضاً، أن كلام نتنياهو، قبل يوم من الاغتيال في أثناء ذهابه في زيارة إلى اليونان، بشأن “المتابعة اليقظة التي تقوم بها إسرائيل لما يحدث من خلال علاقة وثيقة مع صديقتها الكبيرة الولايات المتحدة”، يمكن أن يدل على معرفته بشيء ما.

وتوقف هرئيل عند المظاهرات التي تشهدها طهران ومناطق أخرى إحتجاجاً على إسقاط طائرة أوكرانية بصاورخ إيراني ما أدى إلى مقتل 176 راكباً وأفراد طاقم الطائرة، وقال “هذا بمثابة غرزة دبوس في صورة الوحدة التي حاولت طهران أن ترسخها من خلال التشييع الشعبي الهائل والطويل للجنرال (سليماني) في الأسبوع الماضي”.

هرئيل: الأزمة في الخليج لن تنتهي في وقت قريب. وتداعياتها سيُشعر بها وتُدرس في شتى أنحاء المنطقة في الأشهر القادمة

وأضاف:”يبدو أن المرشد الأعلى للثورة في إيران علي خامنئي، واقع تحت وطأة ضغوط متناقضة. من جهة، لم تنجح إيران في إقناع الولايات المتحدة برفع العقوبات ولا انتقمت بصورة مقنعة لدماء سليماني الذي كان مقرباً جداً من المرشد. من جهة ثانية، المسّ علناً مرة أُخرى بأهداف وحياة أميركيين يمكن أن يؤدي إلى رد قاس من ترامب الذي أكد أنه لن يتردد في استخدام القوة بطريقة يخرج فيها عن سياسات الذين سبقوه. من جهة ثالثة، للميليشيات الشيعية في العراق حساب مفتوح خاص بها على موت سليماني وعناصر الميليشيات في الاغتيال – وليس واضحاً إلى أي حدّ سيطيعون تعليمات طهران. من جهة رابعة، تواصل طهران توسيع خروقاتها للاتفاق النووي، وهذا التوجه سيزيد فقط من التوتر مع واشنطن”.

وختم:”بغض النظر عن مديح ترامب لنفسه، يعبّر اغتيال سليماني عن حدث دراماتيكي، وربما تاريخي أيضاً. الأزمة في الخليج لن تنتهي في وقت قريب. وتداعياتها سيُشعر بها وتُدرس في شتى أنحاء المنطقة في الأشهر القادمة”.

مركز بيغن: الرد الإيراني قادم

وفي مقالة نشرها في “مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية”، كتب شاي عطياس أنه في عام 2001، أطلق الرئيس جورج بوش عقيدة الحرب العالمية على الإرهاب، التي تم التعبير عنها في خطاب  “التغلب على الظلام بنور الأمل” في الأمم المتحدة. اتبع خليفته، باراك أوباما، مقاربة مختلفة لمحاربة الإرهاب العالمي، كما تميز بخطابه التوفيقي “البداية الجديدة” في القاهرة عام 2009. اليوم، تتكشف مقاربة ثالثة للحرب على الإرهاب. من خلال إصدار أمر بقتل قاسم سليماني، فقد أعلن ترامب بشكل أساسي أنه لا يوجد فرد أو دولة مسؤولة عن انتشار الإرهاب العالمي محصنة من العمل الأميركي. ويمثل القتل تغييرًا في لعبة السياسة الخارجية الأمريكية لأن أيا من أسلاف ترامب كان سينظر في قتل فرد قريب إلى الدائرة الداخلية للنظام، كما كان سليماني.

ويتوقع عطياس أن يثير مقتل سليماني “توترات عالية بالفعل ويزيد من احتمال نشوب مزيد من الصراع العسكري في المنطقة. لقد أظهرت الولايات المتحدة أنها مستعدة لاستخدام مواردها الهائلة من القوة الصلبة ضد خصومها بمجرد فشل الدبلوماسية وغيرها من أدوات القوة الناعمة، مثل الصفقة النووية الإيرانية لعام 2015. لقد تم إنهاء إرث أوباما إلى جانب سليماني في 3 كانون الثاني/يناير. كما أعطى القتل كذبة الافتراض الخاطئ بأن الولايات المتحدة تحت حكم ترامب لن تجرؤ على شن هجوم عسكري ضد إيران”. وختم بالقول إن التحدي الأكثر إلحاحا للأميركيين وإسرائيل “هو الاستعداد للرد الإيراني القادم”.

الخليج.. و”صندوق باندورا”

وفي مقالة ثانية في “مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية”، كتب الباحث جيمس دورسي أن مقتل سليماني “أدى إلى توسيع المجال أمام إعادة الهيكلة المحتملة للهندسة الأمنية في الخليج”، وقال “في حين أن دول الخليج ربما احتفلت سراً بوفاة سليماني، وهو مهندس لاستخدام إيران المدمر والمكبر للذات عبر الشرق الأوسط، فقد يخشى قادتها أن يكون قتله قد فتح صندوق باندورا يمكن أن يقود المنطقة إلى الحرب”. ويشير إلى أن من المفارقات “أن مقتل سليماني – وبدلاً من إرضاء قادة الخليج إستراتيجياً – قد عزز مخاوفهم من أنهم لم يعد بإمكانهم الاعتماد بشكل كامل على الولايات المتحدة كضامن وحيد لأمنهم”.

إقرأ على موقع 180  في المسألة اللبنانية: ركائز للحل.. وبديلها إنفجارات متلاحقة

التهديد من داخل سوريا

من جهته، قال الضابط الإسرائيلي عومير دنك، وهو ضابط سابق في سلاح الجو وخدم في دائرة تخطيط المعارك والدائرة الإستراتيجية في شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي، أن تهديد حزب الله الصاروخي “بات أخطر من أي وقت مضى”، وفي معرض تقييمه ردود الفعل المحتملة على إغتيال سليماني، شدد دنك على أنه “ليس باستطاعة إسرائيل إخراج الإيرانيين من سوريا. وحتى أنها ليست قادرة على تقييد وجودهم هناك”، معتبراً أن “البديل الإستراتيجي الذي سارت فيه إسرائيل، وصل اليوم إلى طريق مسدود، وتوجد أمام إسرائيل بدائل لإخراج الإيرانيين من سوريا: محاربة الإيرانيين إلى ما لا نهاية، جباية ثمن من الإيرانيين يجعلهم يرغبون بالمغادرة، أو أن تفرض على الروس أو على بشار الأسد نفسه إخراجهم”.

واعتبر دنك أن وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينيت، “يحلل الوضع بشكل صريح”، بأن سياسة “المعركة بين حربين”، التي تتبعها إسرائيل من خلال شن غارات ضد أهداف إيرانية أو لحزب الله في سوريا بادعاء إبعاد حرب مباشرة، لن تقود إلى إخراج الإيرانيين من سوريا، لكنه قال إنه يختلف مع بينيت، لأن الأخير “يفترض أن ما لا ينجح بالقوة، سينجح باستخدام قوة أكبر، لكن لا يوجد سبب لدى الإيرانيين يجعلهم يتنازلون عن تموضعهم في سوريا”. وأضاف أنه “إذا نظرنا إلى حقيقة أن الإيرانيين يريدون إعادة إعمار سوريا، فإن صنع تهديد عسكري إيراني من داخل سوريا هو تهديد لهذا المشروع الكبير. وهذا ليس المسار المركزي لو أراد الإيرانيون تهديد إسرائيل”.

لا يمكن التنكر لحقيقة أن الاستثمار الإسرائيلي في المعركة بين حربين جاء على حساب الجهوزية للحرب. وفي نهاية الأمر، عندما نصل لحرب مع حزب الله، سيكون ذلك عندما تكون بحوزة حزب الله صواريخ دقيقة

وأردف أن “الحرب الأهلية في سوريا نشبت عام 2011، وإيهود باراك (رئيس الحكومة ووزير الأمن ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق) قدّر أن بشار الأسد على وشك السقوط، وقررت دولة إسرائيل الجلوس على الجدار(الحدود) انطلاقا من تقديرات أن الحرب الأهلية ستستمر لسنوات وتهديد الجبهة الشمالية سيتفكك. وفي العام 2013، أدركت إسرائيل أنه تجري عملية تطوير صواريخ دقيقة في إيران وقد تصل إلى حزب الله، وقررت شن المعركة بين حربين، من أجل منع الصواريخ الدقيقة عن حزب الله”.

وأشار إلى أن “إسرائيل افترضت حينذاك أنه لن تنشب الحرب في الأفق، فالأسد يصارع على حياته واحتمال تصاعد الوضع ضئيل جدا. وحزب الله خاض حربا وجودية من أجل الدفاع عن الأسد، تحسبا من أن داعش سيحتل لبنان” وختم دنك بالقول “لا يمكن التنكر لحقيقة أن الاستثمار الإسرائيلي في المعركة بين حربين جاء على حساب الجهوزية للحرب. وفي نهاية الأمر، عندما نصل لحرب مع حزب الله، سيكون ذلك عندما تكون بحوزة حزب الله صواريخ دقيقة”(المصادر: مركز الناطور، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 180).

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  رون بن يشاي: إسرائيل لن تتردد في مهاجمة مطار بيروت!