لم تستجب الحكومة اللبنانية للدعوات التي أطلقتها قيادات سياسية لبنانية لإعلان حالة الطوارىء الشاملة، لكنها قررت اليوم (الخميس) تمديد حالة التعبئة العامة، حتى الثاني عشر من نيسان/أبريل المقبل، مع تشديد بعض الإجراءات ولا سيما حظر التجول الليلي من الساعة السابعة مساء كل يوم وحتى الخامسة صباحا مع بعض الاستثناءات الضرورية مثل الوزراء والنواب والأطباء والممرضين والصيدليات والأفران والمؤسسات الإعلامية، فضلا عن العاملين في قطاع جمع النفايات.
وكان اللافت للإنتباه أن الحكومة اللبنانية كلفت وزير المالية د.غازي وزني، “اتخاذ ما يلزم من إجراءات مع مصرف لبنان ومع الجهات ذات الصلة، بهدف القيام بعملية تدقيق محاسبية مركزة، من شأنها ان تبين الأسباب الفعلية التي آلت بالوضعين المالي والنقدي إلى الحالة الراهنة، إضافة إلى تبيان الأرقام الدقيقة لميزانية المصرف المركزي وحساب الربح والخسارة ومستوى الاحتياطي المتوفر بالعملات الأجنبية”.
وجاءت هذه الخطوة في ضوء العرض الإقتصادي الذي قدمه وزير المالية، وقال أحد الوزراء رافضاً ذكر إسمه إن المعطيات التي يملكها مجلس الوزراء “تشي بأننا أمام مشكلة كبيرة في الحسابات المالية لمصرف لبنان”. ولم يستبعد فتح تحقيق مالي بهذا الخصوص.
وأبلغ وزني مجلس الوزراء أن وزارة المالية، ستطلع غداً (الجمعة) حاملي سندات “اليوروبوند” على “آخر التطورات الماكرو إقتصادية وتقدّم لهم لمحة عامة عن الخطة الإصلاحية التي تضعها الحكومة، بالاضافة الى المبادئ التوجيهية الخاصة بإعادة هيكلة الدين العام، وذلك عبر تقنية البث المباشر على شبكة الانترنت (webcast)”.
كما أبلغ وزني مجلس الوزراء أنه سيتم التواصل مع المستشارين المالي (شركة لازارد) والقانوني (مكتب كليري غوثليب) حول أبرز نقاط الخطة الإقتصادية والمالية الإصلاحية. ومن المقرر أن تمهد إعادة هيكلة الدين العام إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي اللبناني وإعادة هيكلة موجودات مصرف لبنان. وتطرق الرئيس اللبناني إلى البيان المشترك الصادر عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بخصوص الدول التي تعاني من أوضاع مالية صعبة وطلب من وزير المالية إجراء الاتصالات اللازمة مع البنك الدولي والصندوق لهذه الغاية.
وناقشت الحكومة قضية الجاليات اللبنانية التي تقدر بعشرات آلاف المواطنين العالقين في دول عديدة في أوروبا وأفريقيا والأميركيتين والاجراءات المتخذة مع السفارات اللبنانية في الخارج، حيث تقرر تشكيل لجنة حكومية خاصة للبحث بالاجراءات والاليات التي ستعتمد لاعادة اللبنانيين الموجودين في الخارج والراغبين بالعودة إلى بلدهم، ومن المتوقع أن تشرك اللجنة رئيس مجلس إدارة شركة الميدل إيست محمد الحوت في مناقشة الإقتراحات، بعد نيل الضوء الأخضر السياسي من الحكومة.
عون يحذر من أن البعض “يمعن في الاساءة الى وحدة المؤسسات الدستورية والتنفيذية والعسكرية لا سيما مؤسسة الجيش”
محضر مجلس الدفاع الأعلى
وقبيل إنعقاد مجلس الوزراء، ترأس الرئيس اللبناني جلسة للمجلس الاعلى للدفاع، أوصت بتمديد اعلان حالة التعبئة العامة لاسبوعين اضافيين، وتطرقت إلى الدعوات لإعلان حالة الطوارىء، حيث دعا رئيس الجمهورية ميشال عون إلى التمييز بين اعلان التعبئة العامة واعلان حالة الطوارئ التي تستند الى النصوص القانونية والانظمة المرعية الاجراء، محذرا من أن البعض “يمعن في الاساءة الى وحدة المؤسسات الدستورية والتنفيذية والعسكرية لا سيما مؤسسة الجيش، عبر مقاربة مسألة اعلان حالة الطوارئ من زاوية سياسية، ولجوء البعض الى الادعاء بأن رئيس الجمهورية يعارض اعلان حالة الطوارئ لاسباب سياسية، وذلك في اطار الدس الرخيص الذي دأبت على اعتماده جهات لاسباب لم تعد على تخفى على احد”، وذلك كما نقل عنه أحد المشاركين.
وأضاف المصدر الذي كان يتحدث إلى موقع 180 بوست أن عون إعتبر أن أي كلام عن اعتراض على دور أي من مؤسسات الدولة الامنية “هو محض اختلاق وادعاءات زائفة تعاقب عليها القوانين والانظمة المرعية الاجراء، وان مطلقيها هدفهم زرع الشقاق بين رئيس الجمهورية الذي هو رأس الدولة ورئيس كل المؤسسات والقائد الاعلى للقوات المسلحة والذي اقسم يمين الحفاظ على الدستور، وبين هذه المؤسسة او تلك، وهو الأمر الذي لن يحصل لان القوانين ترعى العلاقة بين رئيس الجمهورية وسائر مؤسسات الدولة، ولا سيما منها العسكرية والأمنية”.
وتحدث خلال إجتماع المجلس الأعلى للدفاع رئيس الحكومة حسان دياب الذي تبنى مضمون مداخلة عون، شارحا الاسباب الموجبة لتمديد فترة اعلان حالة التعبئة العامة التي يجب ان تترافق مع التشدد في الاجراءات وفق قرارات يتم التدرج في اتخاذها، ومنها منع التنقل والانتقال من السابعة مساء وحتى الخامسة فجرا وفق قرار يحدد الاستثناءات.
الأمن والسجون والنازحون
وتولى مستشار وزارة الدفاع الوطني الوزير السابق ناجي البستاني شرح متون النصوص القانونية حول اعلان التعبئة العامة واعلان حالة الطوارئ وما هي الموانع في الظرف الراهن، بعدما وزّعت هذه النصوص على المشاركين في إجتماع المجلس الأعلى.
ثم قدم قائد الجيش العماد جوزف عون عرضا مفصلا عن الترتيبات والاجراءات والتدابير المعلنة وغير المعلنة التي يقوم بها الجيش اللبناني استنادا الى مندرجات قرار اعلان حالة التعبئة العامة.
أبلغ اللواء إبراهيم الحاضرين أنه لم يتبين وجود اصابات بالكورونا في صفوف النازحين السوريين حتى الآن
وعرض وزير الصحة العامة حمد حسن لأوضاع المؤسسات الصحية والاستشفائية، طالبا من الاجهزة العسكرية والامنية عدم التهاون مع اي كان في مسألة الحظر المنزلي، “لان التشدد بالاجراءات (الإنتقال والتنقل تحديدا) يمنع الذهاب الى المرحلة الرابعة من انتشار الوباء وهو الانزلاق الى حد فقدان السيطرة عليه”.
وأبلغ المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان الحاضرين انه تم تسطير 541 محضرا بالمؤسسات المخالفة و809 محاضر بالاشخاص المخالفين، شارحا التنسيق بين قوى الامن الداخلي والبلديات في جميع المناطق اللبنانية، كما عرض مدير عام امن الدولة اللواء طوني صليبا للاجراءات المتخذة والخطوات اللاحقة لا سيما ما يتصل بالامن المعيشي.
وكانت مداخلة مطولة للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي قدم عرضا مفصلا عن الوضع على الحدود البرية والبحرية والجوية، مؤكدا انها مضبوطة، شارحا عملية تعقيم مخيمات النازحين السوريين والتي شملت تعقيم 495 مخيما، كما أبلغ إبراهيم الحاضرين أنه لم يتبين وجود اصابات بالكورونا في صفوف النازحين السوريين حتى الآن.
وأثارت وزيرة العدل ماري كلود نجم اوضاع السجون، وقدمت سلسلة من الاقتراحات لتفادي اصابة اي من المساجين بفيروس كورونا “لان ذلك من شأنه جعل الأمور مأساوية للغاية في ظل حالة الاكتظاظ في السجون، وركزت على نقطة اساسية تتصل بالمقابلات بين المساجين وزوارهم من اقربائهم واهلهم، لان الخشية هي من نقل العدوى جراء الاختلاط مع الزائرين، كما جددت حسم قضية المسجونين المنتهية محكوميتهم او الذين تأخرت محاكمتهم وقالت إن عدداً لا بأس منهم فاق سجنهم المدة التي سيحكمون بها اذا جرت المحاكمات، واتفق على بحث سريع في التفاصيل في اجتماعات اللجنة الوزارية المختصة المعنية بهذا الملف.
بعدها جرى نقاش حول تمديد حالة التعبئة العامة، وحالة الطوارىء وتم الإتفاق على انه مع تعذر اعلان حالة الطوارئ لاسباب قانونية ودستورية يتم الاستعاضة عنها بالتشدد في الاجراءات، اي الاقتراب اكثر الى حالة الطوارئ، وفي موازاة ذلك، بدء وضع القرارات المتصلة بتقديم المساعدات العينية للاسر الفقيرة موضع التنفيذ، لا سيما بعد أن انضمت اليها عائلات جديدة مع تفشي فيروس كورونا وإعلان التعبئة العامة.
الجدير بالذكر انه اضيف الى خانة “مسموح التجول” كل من الوزراء والنواب والجسم الطبي والاعلاميين وآليات وعمال شركات النفايات