فى ٢٥ يوليو/تموز ٢٠٢١ بدأت مقالات السلسلة الثالثة فى جريدة "الشروق" عن رصد تطور السياسة الدولية منذ القرن العشرين، وذلك بعد أن أنهيت قبل ذلك سلسلتى «الإسلام السياسى»، و«تاريخ مصر الحديث».
فى ٢٥ يوليو/تموز ٢٠٢١ بدأت مقالات السلسلة الثالثة فى جريدة "الشروق" عن رصد تطور السياسة الدولية منذ القرن العشرين، وذلك بعد أن أنهيت قبل ذلك سلسلتى «الإسلام السياسى»، و«تاريخ مصر الحديث».
تحل اليوم الذكرى الحادية والعشرون لأحداث الحادى عشر من أيلول/سبتمبر التى غيّرت من السياسة الدولية المعاصرة كثيرا ووصفها محللون بأنها لا تقل أهمية عن سقوط الاتحاد السوفيتى قبل ذلك بعقد من الزمان من حيث التأثير على السياسات الأمنية والخارجية للدول الكبرى، وكذلك من حيث تأثيرها على قضايا الحريات والديموقراطية!
فى مصطلحات العلاقات الدولية والعلوم السياسية إذا ما تمكنت عدة دول أو فاعلون سياسيون من السيطرة على المسرح الدولى من حيث امتلاك القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية وما يستتبعه ذلك من التأثير الثقافى والإعلامى على الشعوب وفرض الأولويات الاقتصادية والسياسية على أجندة المؤسسات الدولية فإن النظام الدولى يطلق عليه نظام «متعدد الأقطاب»، أما إذا كان المسيطر دولتين فقط فيطلق على النظام الدولى «ثنائى القطبية»، وأخيرا فإنه وفى حالة وجود دولة واحدة عظمى مسيطرة فإن النظام يطلق عليه نظام «أحادى القطبية».
مع السنوات الأخيرة من الحرب الباردة، كانت منطقة الشرق الأوسط تشتعل مجددا وهذه المرة من الأراضى الفلسطينية المحتلة حينما قامت الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987) ضد الاحتلال الإسرائيلى بعد سنوات من يأس الشعب الفلسطينى من أى ضغوط دولية حقيقية لإيقاف العنف الإسرائيلى والتوسع الاستيطانى وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى.
بينما كانت الحرب الباردة تشهد نهايتها بانفصال العديد من الجمهوريات السوفيتية عن الاتحاد الشيوعى وابتعاد دول الكتلة الشرقية عن سطوة موسكو، قام صدام حسين ــ الرئيس العراقى آنذاك ــ باجتياح دولة الكويت العربية، ليكون ذلك بمثابة أول احتلال شامل من قبل دولة عربية لجارتها العربية منذ إنشاء جامعة الدول العربية فى عام ١٩٤٥.
كما شرحت فى المقالة السابقة، فقد كان وصول ميخائيل جورباتشوف إلى سدة الحكم فى منتصف الثمانينيات الماضية فى الاتحاد السوفيتى السابق، هو بداية العد التنازلى لنهاية الحرب الباردة وبداية حقبة جديدة فى السياسة الدولية، عرفت بحقبة «الأحادية القطبية»، أى عصر هيمنة قوة واحدة على السياسات الدولية، ألا وهى الولايات المتحدة الأمريكية.
كان عقد الثمانينيات هو الفصل الأخير فى الحرب الباردة بين المعسكر الغربى بقيادة الولايات المتحدة والمعسكر الشرقى بقيادة الاتحاد السوفيتى بعد مواجهات استمرت نحو نصف قرن من الزمان!
كان آخر الأحداث الهامة والمؤثرة على السياسة الدولية عام ١٩٧٩ بعد أن تناولنا الغزو السوفيتى لأفغانستان، والثورة الإسلامية فى إيران، هو توقيع مصر وإسرائيل فى آذار/مارس من عام ١٩٧٩ اتفاقية السلام والتى كانت الأولى بين الدولة العبرية وأى دولة عربية منذ حرب ١٩٤٨.
بعد أزمة البترول الأولى على خلفية حرب أكتوبر ١٩٧٣، وبعد أن ظهر للعالم كله الدور الذى تستطيع أن تلعبه السعودية فى التحكم فى أسعار البترول ومن ثم التأثير على الإنتاج العالمى إقليميا ودوليا، جاءت الثورة الإيرانية التى أطاحت بشاه إيران لتشكل صدمة جديدة لسوق البترول بعد أن قام أكثر من ٣٧ ألف عامل بالإضراب عن العمل فى حقول البترول فى إيران نوفمبر/تشرين الثاني ١٩٧٨، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج من ٦ ملايين برميل يوميا إلى أقل من ١ ونصف مليون برميل يوميا.
مع نهاية عام ١٩٧٧ كان الشاه الإيرانى محمد رضا بهلوي يفقد قوته تدريجيا، وكلما فقد تلك القوة، كلما حاول الالتحاف بالغرب، ولكن بلا طائل.