كان عقد الثمانينيات هو الفصل الأخير فى الحرب الباردة بين المعسكر الغربى بقيادة الولايات المتحدة والمعسكر الشرقى بقيادة الاتحاد السوفيتى بعد مواجهات استمرت نحو نصف قرن من الزمان!
كان عقد الثمانينيات هو الفصل الأخير فى الحرب الباردة بين المعسكر الغربى بقيادة الولايات المتحدة والمعسكر الشرقى بقيادة الاتحاد السوفيتى بعد مواجهات استمرت نحو نصف قرن من الزمان!
كان آخر الأحداث الهامة والمؤثرة على السياسة الدولية عام ١٩٧٩ بعد أن تناولنا الغزو السوفيتى لأفغانستان، والثورة الإسلامية فى إيران، هو توقيع مصر وإسرائيل فى آذار/مارس من عام ١٩٧٩ اتفاقية السلام والتى كانت الأولى بين الدولة العبرية وأى دولة عربية منذ حرب ١٩٤٨.
بعد أزمة البترول الأولى على خلفية حرب أكتوبر ١٩٧٣، وبعد أن ظهر للعالم كله الدور الذى تستطيع أن تلعبه السعودية فى التحكم فى أسعار البترول ومن ثم التأثير على الإنتاج العالمى إقليميا ودوليا، جاءت الثورة الإيرانية التى أطاحت بشاه إيران لتشكل صدمة جديدة لسوق البترول بعد أن قام أكثر من ٣٧ ألف عامل بالإضراب عن العمل فى حقول البترول فى إيران نوفمبر/تشرين الثاني ١٩٧٨، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج من ٦ ملايين برميل يوميا إلى أقل من ١ ونصف مليون برميل يوميا.
مع نهاية عام ١٩٧٧ كان الشاه الإيرانى محمد رضا بهلوي يفقد قوته تدريجيا، وكلما فقد تلك القوة، كلما حاول الالتحاف بالغرب، ولكن بلا طائل.
لم يكن عام ١٩٧٩ نقطة تحول فى العلاقات الدولية فقط بسبب الغزو السوفيتى لأفغانستان وعودة التوتر مرة أخرى للعلاقات السوفيتية الأمريكية وخصوصا بعد دعم الأمريكان للمجاهدين الأفغان والعرب، كما شرحنا مسبقا، بل كان هذا العام شاهدا على حدث آخر ساهم فى تصاعد تيارات الصحوة الإسلامية؛ ألا وهو اندلاع الثورة الإسلامية فى إيران.
بعد أن شرحت فى مقالة الأسبوع الماضى التقسيمات العديدة لأفكار الصحوة الإسلامية، وبعد أن أوضحنا كيف أن التيار السلفى الوهابى أصبح هو العنوان الأكبر للوعى الإسلامى الشعبى والسياسى فى سبعينيات القرن الماضى متوازيا مع الصعود الإقليمى للسعودية، نشرح فى هذه المقالة واحدة من أهم بؤر الصراع التى خاضها أحد تيارات الإسلام السياسى الذى أصبح لاحقاً العنوان الأبرز فى العلاقات الدولية حتى اللحظة.
فى آخر مقالة ضمن سلسلة «تاريخ السياسة الدولية منذ القرن العشرين»، كنت قد أوضحت الكيفية التى أثرت بها أزمة البترول العالمية على علاقة الدول الكبرى وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية بالسعودية وكيف أن الأخيرة قد اكتسبت المزيد من الأهمية الإقليمية والعالمية.
بينما كانت الولايات المتحدة ومسئولوها فى مجلس الأمن القومى وفى وزارة الخارجية مشغولين بإعادة ترتيب مشهد الحرب الباردة بالانسحاب من فيتنام والتقارب الدبلوماسى مع الصين والمفاوضات العسكرية المثمرة مع الاتحاد السوفيتى، جاءت مفاجأة الرئيس الراحل أنور السادات بالهجوم الناجح على القوات الإسرائيلية المحتلة لشبه جزيرة سيناء وتحطيم خط بارليف، بالإضافة إلى التقدم السورى على جبهة الجولان فى أكتوبر من ١٩٧٣ ليربك أروقة مؤسسات صنع القرار الأمريكى!
بينما كان الاتحاد السوفيتى يبحث عن السيطرة على الخلاف مع الصين وعلى طرق لوأد الثورات الشعبية فى بعض دول أوروبا الشرقية ضده، وبينما كان الاتحاد السوفيتى يقمع تمرد تشيكوسلوفاكيا فى ١٩٦٨، كان الأمريكيون يواجهون ورطة كبيرة فى إحدى مناطق النزاع التى شكلتها الحرب الباردة، ألا وهى فيتنام!
فى آب/أغسطس من عام ١٩٦٨ نفذت القوات السوفيتية واحدة من أكبر عملياتها العسكرية بعد الحرب العالمية الثانية حينما قامت قوات من حلف وارسو بقيادة سوفيتية باجتياح حدود دولة تشيكوسلوفاكيا والقبض على عدد من قيادات الحزب الشيوعى فى البلاد وخطف آخرين وإجبارهم على توقيع اتفاقيات تضمن السيادة السوفيتية على قيادات الحزب.