
يشير مصطلح «النصر البيروسى»، إلى ذلك الإنجاز العسكرى، الذى يتأتى إثر كلفة مادية وبشرية فادحة، تجعله إلى نصر بطعم الهزيمة أقرب. الأمر الذى يفسد على المنتصر غبطة النجاح، ويقوض قدرته على تحقيق مزيد من الانتصارات فى مقبل أيامه.
يشير مصطلح «النصر البيروسى»، إلى ذلك الإنجاز العسكرى، الذى يتأتى إثر كلفة مادية وبشرية فادحة، تجعله إلى نصر بطعم الهزيمة أقرب. الأمر الذى يفسد على المنتصر غبطة النجاح، ويقوض قدرته على تحقيق مزيد من الانتصارات فى مقبل أيامه.
فى خطابه الأخير عن حالة الاتحاد فى عام 1992، بدا الرئيس جورج بوش الأب منتشيا، وقال إن «أكبر شىء حدث فى العالم فى حياتى، فى حياتنا، هو: بفضل الله، انتصار أمريكا فى الحرب الباردة». وأعلن بوش أن الصراع الأيديولوجى بين الغرب الذى تقوده الولايات المتحدة والشرق الذى هيمن عليه الاتحاد السوفيتى، انتهى ببساطة وبانتصار الولايات المتحدة.
أعادت الحرب الدائرة في أوكرانيا نظرية "المجال الحيوي" إلى واجهة الإهتمام الفكري والسياسي والميداني، وفتحت باب النقاش واسعاً حول أحقية الدول العظمى أو الكبرى بفرض مفاهيمها ومصالحها وما تعتبره متطلبات أمنها الإستراتيجي على الدول الأقل شأناً وقوةً.
الأزمة لا تريد أو لا يُراد لها أن تتوقف أو تنتهي. هي مثل معظم الأزمات الدولية مفيدة لأطراف ومضرة لأطراف.
تغيّر العالم منذ ما يزيد على الثلاثين عاماً، وما زالت الأحزاب اليسارية والقومية والشيوعية في الأردن تُردّد أناشيدها وشعاراتها التي ورثتها عن الآباء. وكما مرّ قطار التجدد على الرفاق في كل العالم، مرّ من جانبها ولم تره أو تتنبه إليه. تشي مرحلة ما بعد الأزمة الأوكرانية بأن عليها أن تنهض وتبدأ العمل.
تجاورت أنصاف الحقائق على نحو غير مسبوق فى الأزمات الدولية حتى كادت سلامة النظر أن تغيب خلف سحب الدعايات الكثيفة.
فيما شكك كثيرون فى إمكانية اجتياح روسيا لأوكرانيا وغزوها، كان جو بايدن يصر بناء على معلومات استخباراتية بأن الغزو الروسى لأوكرانيا قادم لا محالة! وفيما أخذ الكرملين فى النفى، بل ووصل الأمر إلى سخرية المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا من التقارير الأمريكية عن غزو روسيا لأوكرانيا بقولها «أبلغونى بموعد الغزو حتى أرتب إجازتى»، إلا أن كل ذلك لم يكن إلا محاولات خداعية من الكرملين وثبت أن التقارير الاستخباراتية الأمريكية كانت صحيحة تماما!
"أوكرانيا القوية والمستقرة ستكون ثقلاً موازياً حاسماً لروسيا" هذا ما كتبه بريجينسكي في العام 1994، في الوقت الذي كانت روسيا تترنّح تحت حكم الفساد والمافيات ومراكز القوى وتعيش مرارة الهزيمة وتوابعها، والتي قادت إلى تفكّك الاتحاد السوفيتي وانقسامه إلى 16 كياناً.
إلى أبعد من حرص موسكو على كبح جماح التوجهات الأطلسية لغالبية دول الفضاء السوفييتى السابق، مقابل التعاضد الغربى لتحجيم الوصاية البوتينية على دول شرق أوروبا، يمضى التصعيد المتبادل بين موسكو والغرب، على وقع الأزمة الأوكرانية المحتدمة.
أتسلى هذه الأيام بمتابعة المساعي والجهود العديدة المبذولة لإشعال حرب باردة جديدة. أدرك جيداً أن التعبير، وأقصد إشعال، غير صحيح وغير مناسب، فالحرب الباردة باردة بحكم إسمها، حرب لا تشتعل.