
حاولت أن أتهرّب. القراءة سهلة وطيّعة، تتطلب صدق النص وحياداً صعب المنال. في السياسة، الانحياز ليس خطأً. السياسة أصعب المدارس. لا خطوط مستقيمة بين ماضٍ وحاضرٍ.
حاولت أن أتهرّب. القراءة سهلة وطيّعة، تتطلب صدق النص وحياداً صعب المنال. في السياسة، الانحياز ليس خطأً. السياسة أصعب المدارس. لا خطوط مستقيمة بين ماضٍ وحاضرٍ.
لفت الأنظار تسارع الأحداث في إدلب إلى درجة الصدام بين الجيش التركي والجماعات المسلحة التي احتوتها تركيا ودعمتها على مدى أكثر من اثني عشر عاماً من بدء الحرب المركبة في سوريا. واللافت للنظر هو الدينامية التي تتحرك بها الحكومة التركية لتنفيذ ما يمكن أن نسمّيه توافقاً دولياً وإقليمياً على إخراج سوريا من كارثتها عبر المصالحة بين البلدين، فأي معنى لهذه الدينامية المتسارعة وما آفاقها في المستقبل القريب؟
تبدو المساعي العربية والإيرانية والروسية في سباق غير معهود لإنتاج تسوية سورية ـ تركية قد تفضي في نهاية المطاف إلى عقد لقاء ثنائي يجمع الرئيسين بشار الأسد ورجب طيب أردوغان، متى وأين؟ من السابق لأوانه تحديد تاريخ ومكان اللقاء، برغم أن الوساطات الجارية تجاوزت عوائق عدة فيما يعمل "المُصلحون" على تفكيك عوائق الأمن والحدود والملفات "الحساسة" المشتركة.
قرّرت الحكومة السورية تغيير آلية دعم عدد من المواد التموينية من دعم باستخدام البطاقة الذكية إلى دعم مالي مباشر، وأوعزت إلى حاملي وحاملات البطاقة بفتح حسابات بنكية في أحد المصارف العاملة في البلاد تمهيداً لتحويل قيمة الدعم المالي إلى حساباتهم. ونقلت وسائل التواصل الاجتماعي عن جريدة "الوطن" المُقرّبة من النظام أنّ نصيب الفرد من الدعم النقدي المباشر يقترب من 150 ألف ليرة سورية شهرياً.
كان تأجيل انتخابات مجالس الإدارة المحلية في منطقة الجزيرة السورية أمراً متوقعاً على الرغم من التأكيدات المسبقة بالإصرار على إجرائها رغماً عن التهديدات التركية والنصائح الأميركية، وهي آخر خطوة في مسار تجربة سياسية عسكرية اجتماعية خاصة بدأت بعد بدء الحرب في سوريا عام 2011 وتبلورت أولى أسسها عام 2014 بعد الإعلان عن قيام الإدارة الذاتية في كامل مناطق الشمال السوري الممتد من عفرين إلى أقصى المثلث الحدودي بين سوريا والعراق وتركيا.
بات مصطلح "المصالحة" مستفزّاً لكثير من السوريين، كما لو أنه يعني الاستسلام، أو التخاذل، بل وحتى الخيانة. ليس هذا مستغرباً في بلد كسوريا صارت فيه كلمات حرية، ثورة، ديموقراطية، سلام وحوار، مخيفة لهذا الطرف ومؤيديه، أو لذاك الطرف ومؤيديه. ربما على واحدنا، إن أراد السلامة، أن يبتعد عن مثل هذه المصطلحات، كي لا ينال نصيبه من الشتم والتخوين!
لا يختلف اثنان على حاجة الدولة السورية لإجراء حوار وطني يغطي مساحتها الجغرافية كاملة، في ظل استعصاء الحل السياسي واستحالة الحسم العسكري؛ ولكن السؤال الملح هو عن ماهية الحوار الوطني المطلوب؟
هدأ القتال في سوريا منذ سنواتٍ عديدة. إلاّ أنّ البلاد لم تعرِف كيف تأخذ طريقها إلى إنهاء الصراع والتعافي وخروج القوّات الأجنبيّة. حتى الآن، ما زالت مقسّمة على الأرض وفي الذهنيّات الاجتماعيّة، وأهلها بأغلبيّتهم الساحقة، يزدادون فقراً وجوعاً. وليس غريباً أنّ يؤدّي استمرار الاستعصاء القائم إلى تقسيمٍ فعليّ يصعب الرجوع عنه، هذا فضلاً عن استمرار المعاناة التي يعيشها السوريّون إلى ما لا نهاية.
في العام 1948، أطلق المفكر والمؤرخ الجزائري الكبير مالك بن نبي مقولته عن "القابلية للاستعمار" ليكشف جوهر العلاقة الإشكالية بين النخب في الدول المستعمَرة مع غُزاتهم المستعمِرين. وإذ تستقوي مكونات الوطن بعضها على بعض، يتحول الوطن فريسة لا تنضب لغزاته.
تعاني "منظّمات المجتمع المدني" أو "المنظّمات غير الحكوميّة" في المنطقة العربيّة اليوم من حالة تساؤلٍ وجوديّة. إنّ نشاط الكثير منها كان مرهوناً بتمويلات تأتي من "صناديق خيريّة" أمريكيّة أو أوروبيّة، أو حتّى من المؤسّسات الرسميّة لهذه البلدان ذاتها، وهذا لم يكن بعيداً عن واقع أنّ أعدادها وأعمالها نمت بشكلٍ كبير.