فى حملة تجديد ولايته الرئاسية، دعا «رجب طيب أردوغان» إلى أن يكون القرن الحالى قرنا «تركيا» فى الشرق الأوسط. لم يكن ذلك شعارا جديدا، فقد طرحه هو نفسه عند مطلع القرن وتردّد صداه فى جنبات الحياة السياسية والأكاديمية قبل أن تتآكل رهاناته وحساباته.
فى حملة تجديد ولايته الرئاسية، دعا «رجب طيب أردوغان» إلى أن يكون القرن الحالى قرنا «تركيا» فى الشرق الأوسط. لم يكن ذلك شعارا جديدا، فقد طرحه هو نفسه عند مطلع القرن وتردّد صداه فى جنبات الحياة السياسية والأكاديمية قبل أن تتآكل رهاناته وحساباته.
لم يكن أحد يتوقع في الرياض أن يتم الإعلان عن عودة العلاقات السعودية السورية خلال زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الى جدة أمس (الأربعاء)، وهي الزيارة الرسمية الاولى لمسؤول سوري إلى المملكة منذ 12 عاما، بدعوة من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.
لا يشي مناخ الرياض بتطبيع سريع للعلاقات السعودية ـ السورية، وكل ما في الأمر هو مباحثات بين مسؤولين في السعودية وبين نظرائهم في سوريا بشأن "إستئناف تقديم الخدمات القنصلية"، بعد قطيعة دامت 12 سنة، وفق ما نقلت قناة "الإخبارية" السعودية عن مصدر سعودي مسؤول.
منذ أن قررت دولة الإمارات العربية المتحدة إعادة افتتاح سفارتها في دمشق سنة 2018، بدأ الحديث عن قرب عودة العلاقات السعودية السورية، ولطالما تم ربطها بعبارة "بعد عيد الفطر"، ولكن توالت الأعياد ولم تُفتح أبواب السفارة السعودية بالسهولة التي كان يعتقدها كثيرون.
بينما يُطّل الشرق الأوسط على واقع جيوسياسي جديد بدفع من "المفاجأة" الصينية التي أعادت العلاقات بين السعودية وإيران، تراوح الجهود الروسية للتقريب بين دمشق وأنقرة مكانها، ومن غير المرجح أن تصادف حظوظاً من النجاح كتلك التي صادفتها بكين على المسار السعودي-الإيراني.
بعد قطيعة تجاوزت العقد، أحدث الزلزال الذي ألمّ بسوريا، كما بتركيا، تسريعاً لخطوات تقارب عربيّة مع السلطة القائمة في سوريا.
بادر الرئيس بشار الأسد بعد بضعة أيام على الزلزال الكارثي إلى دعوة السوريين إلى حوار وطني، وهي دعوة لم تخرج عن السياق العام لبدء عودة العرب إلى دمشق، وما يمكن أن يتركه من آثار إيجابية في فك العزلة والحصار عن سوريا، ما ولّد مجموعة من التساؤلات عن مدى إمكانية هذا الحوار، والأطراف التي يمكن تشارك فيه، والنتائج التي يمكن الوصول إليها في حال حصوله، وفرص تشكيله باباً لبدء خروج السوريين من محنتهم.
لم يكن مفاجئاً قدوم البرلمانيين العرب من بغداد إلى دمشق، ثم ما تلاه من وصول وزير الخارجية المصري سامح شكري، فكل المؤشرات التي سبقت وصولهم، تؤكد وجود خطوات إقليمية ودولية مفتوحة نحو سوريا، وخاصةً بعد الزلزال الذي وفّر الذريعة المناسبة لتسريع القرار المتخذ بالعنوان الإنساني، مما أدى إلى تشكّل بواعث أمل لدى من تبقّى من السوريين في الداخل، الذين اختنقوا بحجم الضغوط الاقتصادية الهائلة.
لم يسبق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أبدى أيّ رغبة أو حماسة للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، منذ بداية الانفجار الكبير في سوريا. على العكس من ذلك تماماً، وقف في مقدّمة "محاربي" الدولة السورية، وكان الساعد السياسي والتسليحي السبّاق في بناء ما سُمِّيَ بالمعارضة الداخلية في سوريا، متعاوناً إلى أقصى الحدود مع الإدارة الأميركية في أجندتها القاضية بإسقاط نظام الحكم في دمشق.
لقد أحدث تسارع خطوات، تبدو "تصالحيّة"، بين السلطات التركيّة والسوريّة بلبلةً كبيرة غير مفاجئة في الأوساط السوريّة. بلبلةٌ لدى كافّة الأطراف الشعبيّة، كلٌّهم له أسبابه المختلفة، مما قد تعنيه هكذا "مصالحة" على مستقبلهم، وقلقٌ يتعاظم في أوساط الفصائل "المعارضة" في الشمال الغربي وكذلك لدى "قوّات سوريا الديموقراطيّة" (قسد) التي تهيمن على الشمال الشرقي.