
يتصرف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكأن سوريا هي حبل النجاة له. الإنفتاح على دمشق وليد مصلحة أكثر منه نتيجة ضغوط روسية، أو مناورة يراد منها إرغام الولايات المتحدة على تغيير سياستها حيال أكراد سوريا.
يتصرف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكأن سوريا هي حبل النجاة له. الإنفتاح على دمشق وليد مصلحة أكثر منه نتيجة ضغوط روسية، أو مناورة يراد منها إرغام الولايات المتحدة على تغيير سياستها حيال أكراد سوريا.
أسدل العام الماضي الستار على أكبر تحول في التوازنات الدولية منذ إنتهاء الحرب الباردة وتفكك الإتحاد السوفياتي وقيام نظام عالمي جديد أحادي القطبية تقوده الولايات المتحدة. حاولت روسيا في أوكرانيا أن تعيد كتابة التاريخ بتأسيس نظام متعدد الأقطاب يرث أميركا مهتزة من الداخل، وتجرجر أذيال الخيبة من أطول حرب في أفغانستان.
علی أعتاب السنة الجديدة؛ يتردد سؤالان كبيران: هل سيحتضن العام 2023 ما يُسمى "النظام العالمي الجديد"، خصوصا بعد إنتشار جائحة كورونا وإندلاع حرب أوكرانيا، وما هي فرص ولادة ما يُسمى "الشرق الأوسط الجديد"؟.
العام 2022؛ إنه عام «الحرب العالمية الثالثة: الفوضى الغريبة». لا نقول 2023 هو عام الحرب، الحرب بدأت قبل عام 2022 ولكنها خرجت إلى الملأ في 24 شباط/فبراير 2022 عندما انطلقت أول رصاصة من روسيا نحو أوكرانيا.
وقعت تطورات خلال الأسابيع القليلة الماضية تنذر بآثار لم تكن لتخطر أبعادها على بال صُنّاع السياسة قبل عقدين أو ثلاثة، أذكر هنا من هذه التطورات:
عندما قررت منظمة "أوبك بلاس" خفض الإنتاج، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ظهرت إدارة الرئيس جو بايدن بموقف المتفاجئ، وسارعت إلى إتهام السعودية بإنها تدعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا. في الواقع، أن واشنطن تُصر على التعامل مع حلفائها بـ"نرجسية إستراتيجية". وإذا لم تغير نهجها تكون تغامر بموقعها في عالم متعدد الأقطاب، الذي أصبح على قاب قوسين أو أدنى، بحسب "فورين أفيرز"(*).
تمثل روسيا الاتحادية ليس مشروعا معادياً للامبريالية، بل سقوط مشروع معاد للامبريالية. لا ندري إذا كانت النخبة الحاكمة في روسيا تعي معنى سقوط الاتحاد السوفياتي، والأهم معنى صعوده من قبل، في الربع الأول من القرن العشرين.
يتفق مجمل المراقبين أن حرب أوكرانيا التى صارت حربا مفتوحة فى الزمان، عملت على تسريع بلورة سمات جديدة فى العلاقات الدولية. سمات ستطبع دون شك وبقوة النظام العالمى الذى ما زال فى طور التبلور منذ ما بعد سقوط نظام الحرب الباردة، نظام الثنائية القطبية، وبعده اندثار «لحظة الأحادية» الأمريكية. اللحظة، والتعبير للكاتب الأمريكى شارلز كروسمر، التى ظهرت ولكنها لم تعمر غداة سقوط الاتحاد السوفيتى ومعه سقوط نظام الثنائية القطبية الذى نشأ غداة نهاية الحرب العالمية الثانية.
سيناريوهات النار تكاد تلامس سطح الحوادث المتدافعة فى الإقليم المأزوم الذى نعيش فيه. الأخطار ماثلة والأسئلة الكبرى تأخذ بخناقه، التفاعلات المحتملة والتداعيات التى لا يمكن تجنبها.
تتمدد الحرب الأوكرانية فى الزمن.. والاستنزاف المتبادل أخذ مداه على جانبى الصراع الدامى دون أفق سياسى مؤكد يضع حداً لحرب المنهكين. احتمالات التفلت عن أى قيد واردة، فلا قواعد اشتباك تضمن ألا يستخدم السلاح النووى بذريعة أو أخرى، أو تمنع من امتداد النطاق الجغرافى للمواجهات إلى دول ثانية فى قلب القارة الأوروبية.