
مئة عام من النظريات والنقاشات والأزمات المتتالية في لبنان، أو بالأحرى أعوام من الأسئلة حول "أي وطن نريد"، ولا نتائج سوى المزيد من التخبط والضياع. تأتي أحداث وتغيب أخرى والعيب في مكانه. باتوا يسمونها "أزمة نظام" أو باللبناني "أين الدولة" ولا إجابات.
مئة عام من النظريات والنقاشات والأزمات المتتالية في لبنان، أو بالأحرى أعوام من الأسئلة حول "أي وطن نريد"، ولا نتائج سوى المزيد من التخبط والضياع. تأتي أحداث وتغيب أخرى والعيب في مكانه. باتوا يسمونها "أزمة نظام" أو باللبناني "أين الدولة" ولا إجابات.
"ع السّكت بيمرقوا الأعياد/ يرشّوا الفرح ع ضْياع مطفيّة/ ع بيوت بالفرحة مستحيّة/ في ولاد ما عندن ثياب جداد/ والجوع بجيابن الخَرجيّة (المال)". هكذا تختصر إحدى الشاعرات، المشهديَّة التي يستقبل بها أهلُ لبنان عيد الأضحى. وبريشةٍ قاسية، ترسم كلماتها الرقيقة لوحة أيّامنا بلونٍ واحد: الأسود. يتدرّج هذا السواد من القهر والعتمة، إلى الفاقة والجوع، إلى الخجل من الفرح. وبين هذا وذاك وذلك، طفولةٌ لبنانيَّة تسأل "أطفال" السياسة والحُكم: ماذا فعلتم ببلدنا؟
لم تنجح ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر في إسقاط النظام في لبنان (سوى مناورة سعد الحريري الذي استقال هو وحكومته). عاد النظام علينا بحكومة سموها غير سياسية. حكومة إختصاصيين، تقنيين، حياديين. فكان ذلك كذبة كبرى. هي حكومة موظفين. الذين ألّفوها لم يقرأوا التاريخ، لا القديم منه ولا الحديث. ربما لم يسمعوا عن الثورة. لا يعرفون شيئاً عن أسباب الثورة ومؤدياتها. واضح أنهم لا يدركون عبء المرحلة.
تطرأ أمورٌ في كواليس الطيران والسفر، يحرص طاقم الطائرة أن يُبقيها بمنأى عن الركّاب، لئلاّ يُصابوا بذعرٍ قد يتسبّب في إرباك هذا الطاقم، ولا سيّما الربّان. إذْ للأخير، الدورُ الأساسي في إنجاح الرحلة التي يعني "عدم نجاحها"، ببساطة، الهلاك الحتمي للجميع. خصوصاً أنّ الربّان، ومتى كان كفوءًا وماهراً، بمقدوره أخْذ الكثير من المشاكل على عاتقه وحلّها، من دون أن يعرف الركّاب، أصلاً، بوجودها.