بيروت إغتالوها دفناً للعار، ظناً منهم أن الكوزموبوليتية هي العار. لم تمت بيروت ولن تموت. الأهم من ذلك أنها تزينهم شرفاً. هي شرف الأمة.
بيروت إغتالوها دفناً للعار، ظناً منهم أن الكوزموبوليتية هي العار. لم تمت بيروت ولن تموت. الأهم من ذلك أنها تزينهم شرفاً. هي شرف الأمة.
تمارس الطبقة السياسية في لبنان على مجتمعها العنف الذي يتدرّج من القسر والإكراه ليصل الى الانفجار الكبير في 4 أب/أغسطس 2020.
أعاد الإنفجار - الجريمة الناسَ ومعهم مجموعات الثورة الى الارض والساحات بشكل عفوي وغاضب. كان ذلك بديهياً إزاء هول ما حدث. تحدى الناس الدمار الكبير، وتصدوا لخطر فيروس كورونا ولم يبالوا بالقمع الامني الشديد. هل يكفي ذلك حتى تتحقق أهدافهم؟
كُتب علينا أن نعيش حياة دائمة من عدم الاستقرار. انتقلنا الآن الى عصر الكوارث. ليس الأمر زلزالاً يحدث بتحرك طبقات الأرض؛ هو كارثة تحدث باهتزاز طبقات المجتمع.
تنقسم الطبقة السياسية أحياناً الى موالاة (للحكومة) ومعارضة (للحكومة). هم طبقة واحدة لا تشير انقساماتهم الى تعارض أو تناقض في المصالح بل الى خلل في اقتسام الحصص. الخلل يؤدي الى الدعوة ضد الحكومة لكن ليس لإسقاطها؛ ناهيك بإسقاط النظام ورأسه. حصصهم المعطاة من الحكومة الحاكمة أقل من المطلوب، لكنها حصص نادراً ما تكون خارج حدود اللياقة. هما طرفان لحزب واحد هو حزب السلطة، بالأحرى الطبقة الحاكمة.
لم تنجح ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر في إسقاط النظام في لبنان (سوى مناورة سعد الحريري الذي استقال هو وحكومته). عاد النظام علينا بحكومة سموها غير سياسية. حكومة إختصاصيين، تقنيين، حياديين. فكان ذلك كذبة كبرى. هي حكومة موظفين. الذين ألّفوها لم يقرأوا التاريخ، لا القديم منه ولا الحديث. ربما لم يسمعوا عن الثورة. لا يعرفون شيئاً عن أسباب الثورة ومؤدياتها. واضح أنهم لا يدركون عبء المرحلة.
حروب تحرر وطني. تأسيس دول مستقلة. سلطات دكتاتورية. الذين قادوا معارك التحرير يحكمون حكماً استبدادياً. تحررت الجماعة لكن الحرية الفردية ممنوعة.
"هل يمكن للمرء أن يكون شيوعياً اليوم"؟. هذا التساؤل الإشكالي جعله الفيلسوف والسياسي الفرنسي الراحل روجيه غارودي عنواناً لكتابه عام 1968، عقب سلسة مؤلفات حاول خلالها غارودي - عضو المقاومة الفرنسية ومجلس الشيوخ الفرنسي - "إقامة المصالحة" بين الماركسية والدين. وغارودي، الذي كان مهجوساً بمبدأ "العدالة الاجتماعية"، لم يكن يرى مناصاً إلاّ باعتناق "العقيدة الشيوعية" لمحاربة الظلم وتكريس المساواة بين البشر وتحرير الإنسان من الإغتراب والقهر والشقاء. بعد أكثر من نصف قرن على طروحات غارودي، قد يكون هذا التساؤل ما زال مشروعاً في لبنان ويتفرّع منه جملة تساؤلات: هل يمكن للمرء أن يكون، اليوم، إشتراكياً؟ قومياً؟ كِتْلوياً؟ كتائبياً؟ أَمْلاوياً؟ طاشناقياً؟... هل يمكن له، باختصار، أن يكون حزبياً؟ أو ربّما الأصحّ... هل يمكن له أن يبقى حزبياً؟