تَريثتُ بعض الوقت في إنتظار اكتمال صورة الاحتجاجات التي شهدتها إيران في الأسابيع الأخيرة علی خلفية وفاة الفقيدة مهسا أميني في أحد مراكز الشرطة بعد احتجازها من قبل "شرطة الأخلاق" بسبب عدم اكتمال حجابها الإسلامي.
تَريثتُ بعض الوقت في إنتظار اكتمال صورة الاحتجاجات التي شهدتها إيران في الأسابيع الأخيرة علی خلفية وفاة الفقيدة مهسا أميني في أحد مراكز الشرطة بعد احتجازها من قبل "شرطة الأخلاق" بسبب عدم اكتمال حجابها الإسلامي.
متثاقلةً خطت مهسا أميني أمام كاميرات المراقبة المثبّتة في قاعة مركز الشرطة. مشت لأمتار قليلة ثم سقطت. كان وقع سقوط العشرينية الإيرانية القادمة من كردستان إيران بحجم نيزك ضرب البلاد، لكنه لم يكن نيزكًا غير متوقع.
"القلق على مستقبل البلاد صار يسيطر على الجميع، على مؤيّدي النظام ومنتقديه. إنّما الأسوأ، أنّ البعض لا يريدون قبول أصل القضيّة. لا يريدون القبول بأنّ بعض النساء والشباب لا يؤيّدون خططهم". هكذا يوجز الأستاذ الجامعي الإيراني صادق زيبا كلام، الوضع في الجمهوريّة الإسلاميّة. بظلّ استمرار الاحتجاجات الشعبيّة غداة مصرع الشابّة مهسا أميني أثناء اعتقالها في مركزٍ للشرطة في طهران.
إنه صيف عام ١٩٧٧. ظاهرة تجذب اهتمام مراسلة "نيويورك تايمز" في العاصمة الإيرانية طهران. كانت تراهنّ يكثرنَ في الشوارع. توجهت مارفين هو إلى وزيرة شؤون المرأة في حكومة الشاه. سألتها: "نلاحظ المزيد من النساء في شوارع هذه العاصمة الشرق أوسطية، وقد ارتدين الشادور، هل هو نوع من الاعتراض"؟ تجيبها الوزيرة مهناز اتميامي، بحسب الصحيفة، وأفخمي بحسب الإسم الصحيح، نافية وجود حالة اعتراضية. إنكار لم يطل الوقت قبل أن ينكشف مع الشرارات الأولى لاندلاع الثورة.
اسمعوا ما قالته مرّةً المناضلة الشيوعيّة سهى بشارة. كانت سهى تردّ على صحافي سألها عن نوع التعذيب الذي عانته في معتقل الخيام. فأجابته بثقة: "لا تُقارَن عذاباتي بعذابات رفيقتي في الزنزانة! رأيتها تتلوّى من الوجع، والجلاّد ينزع عنها حجابها عنوةً". كان نزع الحجاب بالقوّة أداة فعليّة للمستعمِر لقهر المرأة المسلمة. فكيف يمكن توصيف فرضه عليها بالقوّة اليوم، وبعد زوال الاستعمار؟