الخليج يعود إلى سوريا، هل هجوم أرامكو مقصود؟ 

هل تُفرج لقاءات أنقرة، اليوم، بين الدول الضامنة لمسار أستانا، عن شيء ما، يؤدي إلى ترجيح كفة الانفراج لا التعقيد في المشهد الإقليمي. فإقالة جون بولتون من دوره الإستشاري في البيت الأبيض جاء في هذا الإتجاه، قبل زلزال آرامكو الذي فتح الأبواب أمام طابور خامس كبير، وثمة من يريد تحويله الى حصان طروادة ضد ايران ولضرب أي مشروع تقارب إيراني سعودي

بعد الخضة الأمنية والسياسية والمالية والنفطية الكبيرة التي تسببت بها الهجمات على منشآت آرامكو السعودية (بقيق وخريص)، في أعقاب اقالة مستشار الأمن القومي الاميركي جون بولتون، تعود الأطراف الضامنة للقاءات أستانا حول سوريا للاجتماع في انقرة اليوم. يأمل الروس والأتراك والايرانيون دفع الامور نحو الانفراج لا الانفجار، فيما تتكشف معلومات دقيقة حول انفتاح عربي واسع على سوريا.

اذا سارت الأمور كما هي مبرمجة على خط دمشق ــ الخليج، فان السفير الاماراتي سيبدأ عمله في دمشق قريبا، ويقال انه من الشخصيات الإماراتية المهمة. بعده تبدأ السعودية في التحضير لعودة ديبلوماسية قريبة جدا أيضا ولو على مستوى ديبلوماسي أقل. هاتان الخطوتان اللتان تضافان إلى سلسلة مبادرات خليجية أخرى، معلنة أو سرية، حيال سوريا ستظهر نتائجها تباعا، وهما تزامنتا مع التأكيد المفاجئ للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من أن ما حدث في سوريا “كان مخططاً وتمّ تدمير البلد بمعسكرات وتنظيمات ارهابية مدربة اجتاحت البلاد”.

التحول الخليجي والمصري حيال سوريا، تزامن أيضا مع تطورين بارزين، أولهما، الهجوم المباغت والدقيق على منشآت شركة النفط السعودية آرامكو، وثانيهما، الخوض في مرحلة متقدمة من النقاش الدولي والاقليمي حول المستقبل السياسي لسوريا ودور اللجنة الدستورية وصلاحيات الرئيس السوري.

في المعلومات ان وفدا اماراتيا، سياسياً-أمنياً قد زار العاصمة السورية، سرا، في الآونة الأخيرة والتقى عددا من كبار المسؤولين فيها.

ماذا في بعض الخلفيات؟

أولا، إن بعض هؤلاء العرب كانوا بالأصل ضد إسقاط الرئيس الأسد بالقوة وضد وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة. وبعضهم الآخر اقتنع بأن استخدام القوة قد مال لصالح الدولة السورية الحالية التي تتجه صوب المراحل النهائية للحرب. وهو ما عبّر عنه صراحة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بقوله: “إن الحرب في سوريا انتهت، وسوريا تعود رويداً رويداً إلى الحياة السلمية الطبيعية”.

ثانيا، ثمة قناعة عربية تكبر مفادها Hن العودة إلى دمشق والمرحب بها سورياً، وفق ما أظهره استقبال وفد رجال الأعمال الاماراتيين في معرض دمشق الدولي، تهدف الى احداث توازن عربي جدي مع الوجود الايراني. وفي المعلومات ان وفدا اماراتيا ثانيا، سياسياً-أمنياً قد زار العاصمة السورية، سرا، في الآونة الأخيرة والتقى عددا من كبار المسؤولين فيها.

ثالثا، بدأت إجراءات حقيقة لاستعادة سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية. وقد فتح تصريح الرئيس السيسي الباب واسعا لذلك، وهي لا شك خطوة منسّقة مع الحلفاء الخليجيين ومع روسيا. ثم ان مصر بقيت ضمنيا تؤيد الجيش السوري وترفض تفكيك الدولة طيلة فترة الحرب.

رابعا، تتكثف المشاورات على خطوط متصلة أو متوازية بين واشنطن وموسكو وانقرة وطهران، بشأن المستقبل السياسي لسوريا. في هذا السياق، ثمة أفكار كثيرة بينها مثلا نقل جزء طفيف من الصلاحيات الرئاسية إلى رئاسة الحكومة، تقصير مدة الرئاسة من 7 إلى 5 سنوات. وهناك رفض سوري لأي تغيير في أسس الدولة خصوصا ما يتعلق منها مثلا بالمساس بعلمانيتها أو بإدراج مادة تقول ان رئيس الحكومة (وليس رئيس مجلس الوزراء يجب ان يكون سنيا)، ورفض آخر لأي دور اشرافي للامم المتحدة على أي تعديل دستوري وحصر الدور الدولي بـ”التسهيل”، إضافة الى ضرورة الارتكاز الى دستور العام 2014. لكن الواضح ان الروس والأميركيين يسعون لان تكون الانتخابات الرئاسية المقبلة جدية وبإشراف دولي.

خامسا، تتكثف المساعي أيضا لحسم مسألة ادلب عسكريا او سياسيا (على الارجح سياسيا) مقابل غض الطرف مؤقتا عن دور تركي شرق الفرات، ثم اشراك الاميركيين مباشرة أو عبر حلفائهم الكرد في الإشراف على بعض مناطق “قسد” الحالية. لعل الروس يدركون ان لا تسوية بدون اتفاق مع اميركا، ولذلك فهم يعتقدون بأن تمرير هذه المرحلة لاستعادة ادلب أمر مهم، وفي المستقبل لكل حادث حديث. فلا أحد يريد الصدام مع اميركا وتركيا حاليا، وطالما ان الاتراك سيشتبكون مع الكرد عاجلا أم آجلا، فلا بأس. ثم ان سوريا تحصل على ثروات شرق الفرات بأسعار جيدة كما لو انها كانت تشرف مباشرة على المنطقة.

القنوات بين السعودية وإيران فُتحت قبل فترة وثمة اشارات حسن نية قد تم تبادلها، لكن الهجوم على آرامكو قد يرجّح كفة التعقيد

ما هي آفاق الاتفاقات المحتملة؟

تتزايد القناعة بأن إنهاء الحرب السورية يفترض باقة حلول تطال أكثر من ملف في المنطقة، بحيث يتم إنهاء الحربين السورية واليمنية على نحو متزامن. هذا التزامن يتطلب نوعا من التفاهم الأميركي الروسي من جهة، ويفترض فتح قنوات اتصال إيرانية – سعودية من جهة ثانية.

وتفيد معلومات موثوقة أن هذه القنوات بين السعودية وإيران فُتحت قبل فترة وان ثمة اشارات حسن نية قد تم تبادلها، لكن الهجوم على آرامكو قد يرجّح كفة التعقيد، ذلك أن الأطراف المتضررة من اي تقارب وهي تمتد من إسرائيل إلى بعض بقايا صقور إدارة ترامب، سيسارعون إلى إغلاق أي باب تفاوضي سيؤدي إلى إعادة تعويم إيران.

إقرأ على موقع 180    ايران ضربت السعودية، هل من رد؟

ويبدو وفق المعلومات ان الاتصالات تسارعت في اليومين الماضيين على أكثر من خط إقليمي ودولي للتريث كثيرا قبل القاء التهمة على إيران في موضوع آرامكو، لأن تأكيد التهمة يُحرج الجميع وفي مقدمهم السعودية وحلفائها الذين سيضطرون للرد مباشرة على ايران، لذلك، من الأفضل حصر الاتهام بالحوثيين أو الحشد الشعبي في العراق وعدم شموله إيران.

هل الانفراجات ممكنة؟

مقابل هذا التفاؤل، ثمة تحليل مختلف تماما نسمعه حاليا يفيد بأن لا إمكانية لأي انفراج سوري قبل الانتخابات الرئاسية السورية ذلك أن اي حلحلة أميركية من شأنها تشجيع القيادة السورية على التصلب. ويقول أصحاب هذا الرأي أيضا أن لا إمكانية كذلك لأي انفراج ايراني أميركي قبل التأكد من سياق الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، فإذا كان ترامب يحتاج إلى صفقة هامة مع إيران، فإن هذه الأخيرة لن تقدم على اي صفقة إلا بعد التأكد من احتمالات الانتخابات الأميركية، ذلك أنها وبرغم الوضع الاقتصادي الضاغط عندها، فضلا عن أعباء حضورها وحلفائها في سوريا، إلا أنها تفضل التفاوض مع من سيربح الانتخابات، وحتى الآن، لا يزال المشهد الأميركي ضبابيا.

Print Friendly, PDF & Email
سامي كليب

صحافي وكاتب لبناني

Free Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
online free course
إقرأ على موقع 180  ماكرون اللبناني.. وهاجس التمدد الأردوغاني