“هآرتس”: هجمات إسرائيل لن تُعطل التفاهم النووي

Avatar18025/06/2021
المحلل العسكري في "هآرتس" عاموس هرئيل يتطرق في مقالته اليوم (الجمعة) إلى أنه برغم إستمرار "الهجمات الغامضة" (الإسرائيلية ضمناً) للمشروع النووي الإيراني، فإن واشنطن لن تتراجع عن قرارها بالعودة إلى الإتفاق النووي "بأسرع ما يمكن".

“الغموض لا يزال يلف التفصيلات الدقيقة للحادثة الأخيرة. صباح أول أمس (الأربعاء) تعرضت منشأة لها علاقة بالمشروع النووي الإيراني للهجوم غربي طهران. وذكرت تقارير في مواقع إخبارية إيرانية أن الهجوم نُفِّذ بواسطة مسيّرة والسلطات نجحت في إحباطه. لاحقاً تسربت تفصيلات قليلة أُخرى. فذكرت “نيويورك تايمز” أن الهدف الذي تعرّض للهجوم هو مصنع لإنتاج أجهزة الطرد لتخصيب اليورانيوم في مدينة كرج (تقع على بعد 20 كيلومتراً غربي طهران). وبحسب الصحيفة، كان المصنع ـ وهو أحد المواقع المركزية للمشروع النووي – ضمن قائمة أهداف الهجمات التي قدمتها إسرائيل إلى إدارة ترامب قبل نصف عام.

ويزداد غموض الحادثة الأخيرة عقب الخطوة التي اتخذها الأميركيون هذا الأسبوع. فقد أعلنت وزارة العدل في واشنطن أول أمس حجب 33 موقعاً إلكترونياً إخبارياً في إيران بحجة أن النظام ينشر من خلالها معلومات ملفقة. لكن المعلومات التي نُشرت عن الهجوم بالمسيّرة تذكِّر قليلاً بهجوم نُسب إلى إسرائيل في آب/ أغسطس 2019. إنه الهجوم الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت وأدى إلى تدمير مكوّن مهم في مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله، هدفه تحسين المنظومة الصاروخية للحزب.

في السنة الأخيرة تلقى المشروع النووي الإيراني ثلاث ضربات نُسبت كلها إلى إسرائيل. هجومان في تموز/ يوليو السنة الماضية، وفي نيسان/ أبريل هذه السنة وقعت انفجارات غامضة في منشأة نتانز النووية التي تقوم بتشغيل أجهزة طرد متطورة. القاسم المشترك مع هجوم أول أمس هو إبطاء عملية التخصيب الإيرانية التي عادت إلى العمل كما كانت عليه قبل عامين، رداً على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي.

مقارنةً بسلسلة العمليات السابقة، الهجوم بالمسيّرة حدث في ظروف مختلفة اختلافاً جذرياً، إذ تبدلت أغلبية الأشخاص العاملين في واشنطن، وفي القدس، وفي طهران. ففي كانون الثاني/ يناير حلّت إدارة جو بايدن محل إدارة دونالد ترامب، وفي بداية حزيران/ يونيو حلّت حكومة نفتالي بينيت – يائير لبيد محل حكومة بنيامين نتنياهو، وقبل أسبوع انتُخب إبراهيم رئيسي رئيساً جديداً لإيران، وسيتسلم منصبه في بداية آب/ أغسطس. والأهم من ذلك، تغيُّر التوجه الأميركي بصورة مطلقة. فالإدارة الجديدة مصرة على إنجاح المحادثات النووية والعودة في وقت قريب إلى الاتفاق مع الإيرانيين، الذي انسحبت منه الإدارة السابقة قبل 3 أعوام، وهي تتطلع إلى حدوث ذلك حتى قبل تنصيب رئيسي.

جولة المحادثات النووية بين إيران والدول العظمى في ڤيينا تجري مرة كل بضعة أسابيع. النظام الإيراني يوحي طوال الوقت أنه يرغب في الاتفاق. وأول أمس أعلن الأميركيون موافقتهم على رفع كل العقوبات التي فُرضت على تصدير النفط الإيراني. طهران تملأ مخزون النفط لديها استعداداً لاستئناف التصدير على نطاق واسع. الاستخبارات الغربية والإسرائيلية تتخبط، هل المطالب التي قدمتها إيران في المفاوضات المصحوبة بخطاب علني متشدد هي فقط جزء من “البازار” المعروف، أم هناك فرصة في تراجُع خامنئي في اللحظة الأخيرة؟ التوجه هو أنه في النهاية سيوقّع الاتفاق.

هذا الأسبوع تحدث كوخافي عن اعتراضات إسرائيل، والأميركيون استمعوا إليه بتهذيب. لكن ثمة شك في أن هذا سيغير مسارهم. إذ يعمل الموظفون الكبار بتوجيه مفصل من الرئيس جو بايدن بالعودة إلى الاتفاق بأسرع وقت ممكن

الأميركيون يريدون ذلك بالتأكيد. هذا الأسبوع أجرى رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي جولة محادثات واسعة مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية. وقد ذهب رئيس الأركان إلى واشنطن حاملاً تفويضاً من رئيس الحكومة نفتالي بينيت في عرض التحفظات الإسرائيلية عن الاتفاق الذي تجري بلورته على محاوريه. رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو أرسل في نيسان/ أبريل وفداً رفيعاً، لكنه منعه من الحديث مع الأميركيين عن تفصيلات الاتفاق. نتنياهو قدم رداً صهيونياً شاملاً ورفضاً متغطرساً. نفتالي بينيت شخص عملي أكثر ولا يزال يحاول التأثير، وقد تبنى إلى حد بعيد التوصيات التي قدمها له ثلاثة مسؤولين سابقين كبار في المؤسسة الأمنية (أهرون زئيف فركش، جدعون فرانك، وإيلي لويتا)، تحدثنا عنها هنا قبل أسبوع. بقي لإسرائيل نافذة صغيرة للتأثير، من الأفضل أن تحاول استغلالها.

ليس لدى هؤلاء المسؤولين الكبار أوهام. فمنذ انسحاب ترامب من الاتفاق السابق حدث ضرر دراماتيكي. فاليورانيوم المخصّب الذي راكمه الإيرانيون في العامين الأخيرين يضعهم، إذا أرادوا، على مسافة أشهر معدودة فقط من جمع كميات تكفي لإنتاج قنبلة واحدة، وهم بحاجة إلى فترة زمنية لتركيب رأس متفجر للصاروخ. هذا الأسبوع تحدث كوخافي عن اعتراضات إسرائيل، والأميركيون استمعوا إليه بتهذيب. لكن ثمة شك في أن هذا سيغير مسارهم. إذ يعمل الموظفون الكبار بتوجيه مفصل من الرئيس جو بايدن بالعودة إلى الاتفاق بأسرع وقت ممكن.

إقرأ على موقع 180  ناتج "بيتكوين" يقترب من التريليون ورهان محموم حتى 2040

هم يؤكدون لإسرائيل أن التسوية النهائية ستكون أطول وأقوى (Longer and stronger ) لكن هذا مرتبط بالتفاهمات التي سيجري التوصل إليها في المستقبل مع الإيرانيين بعد العودة إلى الاتفاق النووي. حالياً تبدو هذه الوعود فارغة. إذا افترضنا أن إسرائيل هي التي تقف وراء الهجوم الأخير، فإن هذا يطرح سؤالاً مهماً آخر: هل الهجوم بالمسيّرة أول أمس في أثناء زيارة كوخافي إلى واشنطن فاجأ الأميركيين، أم أن كل شيء كان متفقاً عليه مسبقاً للضغط على الإيرانيين؟

في نيسان/ أبريل الماضي، عندما وصل وزير الدفاع الأميركي أوستين لويد في زيارة إلى إسرائيل، كان ذلك بعد ساعات قليلة على حادثة الانفجار الثاني في نتانز؛ حينها برز عدم الارتياح الأميركي طوال هذه الزيارة.

في المحادثات مع الأميركيين تحاول المؤسسة الأمنية جس النبض بشأن طبيعة رزمة التعويضات المتوقعة إذا جرى توقيع الاتفاق النووي الجديد. وزير الدفاع بني غانتس طرح المسألة في زيارته الأخيرة إلى واشنطن الشهر الماضي. وتتوقع إسرائيل تفاهمات، وربما مشتريات تسهّل عليها المواجهة مع إيران، إذا اتضح أنها عادت إلى خرق الاتفاق.

قبل كل شيء، يريد كوخافي الاتفاق بسرعة لحل مشكلة ملحة وهي تعبئة مخزون الجيش الإسرائيلي بعد العملية الأخيرة في غزة “حارس الأسوار”. خلال هذه العملية استخدمت إسرائيل كميات كبيرة من السلاح الجوي الدقيق وعدداً كبيراً جداً من الصواريخ الاعتراضية من بطاريات القبة الحديدية. وهي بحاجة إلى تعبئة مخزونها بسرعة كي تكون مستعدة لسيناريو مواجهة جديدة في غزة، واحتمال أقل لمواجهة في الشمال. بحسب تقديرات مختلفة، المقصود مساعدة توازي مليار دولار بالإضافة إلى المساعدة السنوية البالغة 3.8 مليار دولار، التي التزم بها الأميركيون في الاتفاق الذي وقّعوه في أواخر ولاية إدارة باراك أوباما. (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية)

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  من معنا.. ومن ضدنا فى أزمة السد الإثيوبي؟